“الإعلام الأمني”.. استقرار المجتمع ودرعه الواقي.. نجم لـ”الثورة”: يعزز الوعي الوطني ويبني جسور الثقة
الثورة – فردوس دياب:
يساهم الوعي الأمني بالمخاطر التي تهدد أمن المواطنين في حفظ الأمن والاستقرار، وهذا لا يمكن أن يكون من دون وجود جسور للثقة بين المواطنين والدولة، إذ يضطلع الإعلام بهذه المهمة الحساسة كونه صلة الوصل بين الناس والحكومة، ليتبلور تحت عنوان مهم لحماية المجتمع من التهديدات والمخاطر التي تتهدده وهو “الاعلام الأمني”.
للإضاءة أكثر على مفهوم “الإعلام الأمني” وماهيته ودوره في تعزيز الأمن والأمان في المجتمع، التقت صحيفة الثورة الباحث والمتخصص في مجال التدريب الاعلامي الحكومي حسام نجم، واستهل حديثه بتعريف الإعلام الأمني، أنه مجال إعلامي متخصص يعمل على تعزيز الوعي الأمني لدى الجمهور، ويساهم بشكل مباشر في حفظ الأمن والاستقرار، فهو ليس مجرد نقل للمعلومات الأمنية، بل هو نشاط اتصالي منظم وموجه يهدف إلى تغيير الاتجاهات والسلوكيات نحو تحقيق الأمن الشامل في المجتمع.
وأكد نجم أن “الإعلام الأمني” يحوز على اهتمام معظم دول العالم كونه يضطلع بدور محوري في تثقيف الأفراد حول المخاطر الأمنية المتنوعة، من الجرائم التقليدية، وصولاً إلى التهديدات الارهابية والسيبرانية المعقدة، وذلك من خلال توفير معلومات وقائية وإرشادات سلامة، تساهم في رفع “الحس الأمني” لدى المواطن، مما يمكنه من حماية نفسه وممتلكاته، ويقلل من فرص وقوع الجرائم.
خط الدفاع الأول
وعن دوره في بناء الثقة والتعاون، أوضح المتخصص في مجال التدريب الإعلامي، أن “الإعلام الأمني” يعد جسراً حيوياً بين الأجهزة الأمنية والمجتمع، فعندما يعرض هذا الإعلام جهود الشرطة، والدفاع المدني، وغيرها من الأجهزة بشفافية، ويسلط الضوء على إنجازاتهم وتضحياتهم، فإنه يشجع المواطنين على التعاون معهم، سواء بالإبلاغ عن المشتبه بهم أو تقديم المساعدة في التحقيقات، مما يعزز قدرة الدولة على مكافحة الجريمة.
وبالنسبة لمكافحة الشائعات والتضليل في عصر يتسم بانتشار المعلومات المضللة بسرعة البرق عبر منصات التواصل الاجتماعي، قال نجم: إن “الإعلام الأمني” يصبح في هذه الحالة خط الدفاع الأول ضد الشائعات التي قد تثير الفتن وتقوض الثقة في مؤسسات الدولة، كونه يقدم المعلومات الدقيقة والموثوقة من مصادرها الرسمية، مما يساهم في تهدئة الرأي العام والحفاظ على الاستقرار الشامل، لأن الأمن ليس مجرد غياب الجريمة، بل هو شعور عميق بالطمأنينة والأمان وبما يدعم النمو والازدهار، كما أنه يساهم في أبعاده بتعزيز الانتماء الوطني، وتشجيع المواطنة الصالحة بالالتزام بالقانون، ويصبح أداة حيوية في إدارة الأزمات والكوارث بتوفير التوجيه اللازم للجمهور.
توعية الجمهور
وبحسب الباحث الاعلامي، فإن دور “الإعلام الأمني” لا يتوقف عند ما سبق ذكره، بل يتجاوز ذلك إلى مواجهة الكثير من التهديدات الحديثة، ولاسيما مع ظهور تحديات جديدة، كالإرهاب الإلكتروني، وحروب الجيل الرابع التي تستهدف الوعي، حيث يلعب الإعلام الأمني دوراً حاسماً في توعية الجمهور بهذه المخاطر، وتحصين المجتمع ضد محاولات الاختراق الفكري والتجنيد عبر الإنترنت.
ويسلط نجم الضوء على أهمية العلاقة بين الإعلام والأمن بالرغم من أنها معقدة ومتشابكة، فهي قد تكون علاقة تعاون وتكامل لخدمة المصلحة العامة، وقد تشهد أحياناً توتراً وتضارباً في الأولويات، فالإعلام يسعى للكشف عن الحقائق، بينما تسعى الأجهزة الأمنية لحماية الاستقرار، ما يتطلب توازناً دقيقاً بين حرية الصحافة وضرورات الأمن الوطني.
ورغم هذه التحديات، يشدد نجم على ضرورة بقاء العلاقة بين الطرفين، إيجابية ومثمرة، وتقوم على الشفافية، والاحترام المتبادل، والفهم المشترك للأهداف العليا للمجتمع والدولة، وهذا يتطلب انفتاحاً من الأجهزة الأمنية ومسؤولية مهنية ووطنية من جانب الإعلاميين عند تناول القضايا الحساسة.
ضمن هذا السياق، يتابع الباحث الاعلامي حديثه بالقول: إن “الإعلام الأمني” يضطلع بمسؤوليات مجتمعية وأخلاقية جسيمة تتجاوز مجرد نقل المعلومة، لأنه قوة تشكل الوعي وتوجه السلوك، ومن أبرز هذه المسؤوليات، الالتزام بالحقيقة والدقة والموضوعية، كونها الركائز الأساسية لأي عمل إعلامي نزيه، ذلك أن أي تضليل في المعلومات الأمنية قد يؤدي إلى فزع عام، أو تقويض جهود الأمن، أو حتى تعريض الأرواح للخطر، لذلك يجب الابتعاد عن التحيز وإثارة النعرات، لضمان استقرار النسيج الاجتماعي.
احترام خصوصية الأفراد
كما أن تعزيز الوعي من دون إثارة الفزع، يعد ركيزة أساسية من ركائز الإعلام الأمني، فالتوعية الوقائية بالمخاطر، يجب أن تتم بمسؤولية، دون تهويل أو تخويف مبالغ فيه يؤدي إلى نشر الذعر والقلق غير المبرر في المجتمع.
كذلك، يعد احترام خصوصية الأفراد وكرامتهم من أهم ركائز الاعلام الأمني، ومن الضروري حماية هويات الضحايا والشهود، والالتزام بمبدأ “المتهم بريء حتى تثبت إدانته” عند تناول قضايا المشتبه بهم، وتجنب التشهير أو نشر الصور والمحتوى البصري المروع الذي ينتهك كرامة الإنسان.
وبين نجم أن “الإعلام الأمني” شريك فعال في تحقيق الأمن، من خلال التعاون مع الأجهزة الأمنية، وتعزيز قيم الانتماء والمواطنة الصالحة، ومواجهة الفكر المتطرف عبر تفكيك خطابه وكشف زيفه، وتحصين الشباب ضد الانجراف نحو العنف.
وشدد على ضرورة وجوب الالتزام بالمسؤولية في أوقات الأزمات، خصوصاً في اللحظات الحرجة، إذ تتضاعف المسؤولية، ما يوجب على “الإعلام الأمني” توفير المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب، وتجنب نشر معلومات متضاربة أو غير مؤكدة، والاعتماد على المصادر الرسمية وتوجيه الجمهور بفعالية.
وختم المدرب الدولي في الإعلام حديثه بالقول: إن المسؤولية المجتمعية والأخلاقية للإعلام الأمني ليست مجرد شعارات، بل هي ميثاق شرف يوجه عمل القائمين عليه، وإن الالتزام بهذه المبادئ يضمن أن يكون الإعلام الأمني أداة فاعلة لخدمة المجتمع، وتعزيز أمنه واستقراره، وبناء جسر من الثقة بين المواطنين ومؤسسات دولتهم، فمجتمع واعٍ ومحصن هو مجتمع آمن ومستقر.