بين البلعوس و الهجري: اختبار جديد لوحدة السويداء ومستقبلها السياسي

الثورة – إيمان زرزور

 

أعاد تصريح الشيخ ليث البلعوس، ممثل “مضافة الكرامة”، فتح ملف الانقسام داخل السويداء، بعد تأكيده أن غالبية أبناء المحافظة يرفضون الانفصال ويتمسكون بوحدة سوريا، في مقابل الخطاب الذي يطرحه الشيخ حكمت الهجري، والذي يدعو ضمنياً إلى مشروع خاص بالسويداء، بعيداً عن التفاهمات التي عقدت مع الدولة السورية بعد سقوط نظام الأسد.

يشير البلعوس إلى أن الخلاف مع الهجري ليس وليد اللحظة، بل يرتبط بتاريخ طويل من التباينات بين القيادات الدينية والسياسية في السويداء، ففي حين حرصت بعض المرجعيات على تبني مبدأ فصل الدين عن السياسة، استثمرت مشيخة العقل حضورها التاريخي لتولي أدوار سياسية واسعة، وهو ما جعل الهجري في موقع القوة والواجهة، على حساب بقية الهيئات المحلية.

منذ اغتيال الشيخ وحيد البلعوس عام 2015، اتسع الشرخ داخل المجتمع المحلي، فـ”رجال الكرامة” الذين أسسهم وحيد البلعوس شكلوا تياراً وطنياً رافضاً لهيمنة نظام الأسد، بينما سعى الهجري – بحسب ليث – إلى التماهي مع مشاريع خارجية وداخلية، وصلت حد المشاركة في مؤامرة اغتيال وحيد البلعوس.

ومع سقوط الأسد، ازدادت الهوة عمقاً، خصوصاً مع توظيف خطاب التخوين والفتاوى الدينية ضد معارضي الهجري، ما جعل الأصوات المخالفة عرضة للقتل والتهجير.

يواجه أبناء السويداء ضغوطاً غير مسبوقة، إذ بات التعبير عن الرأي الحر يوازي تهديداً مباشراً للحياة، ويرى مراقبون أن هذه الحالة تدفع المحافظة نحو عزلة خطيرة، إذ يُستخدم الدين كسلاح سياسي، وتُستغل انتهاكات وعمليات تهجير العشائر لتأجيج صراع طائفي يهدد التعايش التاريخي الذي تميزت به المنطقة.

في المقابل، يظهر ليث البلعوس كصوت يدعو للتعاون مع الدولة السورية الجديدة، معتبراً أن بقاء السويداء ضمن الإطار الوطني هو الضمانة الوحيدة لحماية حقوق أبنائها، ويرى أن قبول الحكومة بمطالب وجهاء المحافظة المتعلقة بإدارة المؤسسات الأمنية والعسكرية من داخلها يشكل فرصة لتكريس اللامركزية الإدارية وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع المحلي، غير أن انقلاب الهجري المتكرر على هذه الاتفاقات يعطل مسار الاستقرار، ويفتح الباب أمام مشاريع انفصالية مبطنة.

يطرح المشهد الحالي سؤالاً جوهرياً: هل تسير السويداء نحو تعزيز حضورها داخل الدولة السورية الجديدة عبر دور وطني جامع، أم أنها ستنزلق إلى مشروع انعزالي يقوده الهجري ويهدد بتفتيت النسيج الاجتماعي؟ المؤشرات توحي بأن التوازن مرهون بمدى قدرة القيادات الوطنية كليث البلعوس على استقطاب الدعم الشعبي، وبمدى تجاوب الدولة في حماية أبناء المحافظة من الانتهاكات وضمان مشاركتهم الفاعلة في إعادة بناء سوريا.

تمثل عائلة البلعوس في السويداء اليوم نموذجاً فريداً لجيل انتقل من المعارضة الثورية إلى الشراكة الوطنية، دون التخلي عن مبادئه أو التفريط بكرامة الجبل، مسار يجمع بين مقاومة الاستبداد ورفض التدخلات الخارجية، في سبيل الحفاظ على السويداء ضمن وطن موحد ومستقر.

آخر الأخبار
رئيس الهيئة المركزية للرقابة : لن نتوانى عن ملاحقة كل من يتجاوز على حقوق الدولة والمواطن   الرئيس الشرع: محاسبة مرتكبي مجازر الكيماوي حق لا يسقط بالتقادم   حشرات وعناكب بالألبان والأجبان   تشجيعاً للاستثمار .. محافظ درعا يتفقد آثار بصرى الشام برفقة مستثمر سعودي  إبراز المعالم الوقفية وتوثيقها في المحافل الدولية بالتعاون مع "الإيسيسكو" معرض دمشق الدولي..ذاكرة تتجدد نحو تنمية مستدامة  "خطوة خضراء لجمال مدينتنا".. حملة نظافة واسعة في كرناز 10 أطنان من الخبز... إنتاج مخبز بصرى الشام الآلي يومياً نداء استغاثة من مزارعي مصياف لحل مشكلة المكب المخالف قرابة  ١٠٠٠ شركة في معرض دمشق الدولي ..  رئيس اتحاد غرف التجارة:  منصة رائدة لعرض القدرات الإنتاجية تسهيلاً لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة في حلب "الزراعة" تمضي نحو التحول الرقمي.. منصة إرشادية إلكترونية لخدمة المزارعين  اجتماع تنسيقي قبل إطلاق حملة "أبشري حوران "   مبادرة أهلية لتنظيف شوارع مدينة جاسم الدولرة تبتلع السوق.. والورقة الجديدة أمام اختبار الزمن السلوم لـ"الثورة": حدث اقتصادي وسياسي بامتيا... حاكم "المركزي"  يعلن خطة إصدار عملة جديدة بتقنيات حديثة لمكافحة التزوير عبد الباقي يدعو لحلول جذرية في السويداء ويحذر من مشاريع وهمية "الأشغال العامة".. مناقشة المخطط التنظيمي لمحافظة حماة وواقع السكن العشوائي "حمص خالية من الدراجات النارية ".. حملة حتى نهاية العام  محمد الأسعد  لـ "الثورة": عالم الآثار خالد الأسعد يردد "نخيل تدمر لن ينحني" ويُعدم واقفاً