الثورة- منذرعيد:
يشكل قيام انتحاري إرهابي بتفجير نفسه في كنيسة مار الياس بمنطقة الدويلعة في دمشق، جرس إنذار وتنبيه، لجهة الخوف من أن يكون ذلك بداية لموجة جديدة من الأعمال الإرهابية تستهدف السلم الأهلي والعيش المشترك للسوريين، كما يضع الحكومة الجديدة أمام مسؤولية كبيرة، لضرورة القضاء على تلك الأعمال في مهدها قبل أن تتمدد أكثر فأكثر.
ومن منطلق وحقيقة أنه إذا كان تفجير الأمس فردياً، إلا أن ذاك الشخص ليس سوى أحد المنفلتين من قطيع إرهابي كبير، يحمل نهجاً تكفيرياً حاقداً رافضاً للغير بكل أشكاله، وأن المستهدف هو كنيسة، إلا أنها تمثل في لحظة الحقيقة كل مناطق سوريا، وجميع مكونات الشعب السوري.
التفجير الإرهابي الذي استهدف الكنيسة، وسقوط عشرات الشهداء والجرحى، يهدف دون شكّ إلى العودة بالوضع الميداني إلى مربع التفجيرات الإرهابية، وإثارة حالة من عدم الاستقرار في سوريا، لإشاعة صورة كاذبة بعجز الإدارة الجديدة عن حفظ الأمن وتوفيره لمواطنيها، الأمر الذي أكده المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا بأن “المستهدف من هذا الهجوم الإرهابي هو كل السوريين وليس طائفة فقط، وهدفه إظهار الدولة السورية أنها عاجزة عن حماية مواطنيها”.
في الواقع المادي فإن التفجير استهدف دار عبادة تخص مكون من مكونات المجتمع السوري، غير أن الحقيقة، وتداعيات ذلك تجاوزت حدود المكون واللون الواحد، ليصيب الوجع جميع المكونات وأطياف الشعب السوري، وذلك عبر سلسلة من مشاعر التضامن مع الضحايا، أو الإسراع للتبرع بالدم من أجل الجرحى، أو لجهة استنكار العمل الإجرامي، ليرسم كل ذلك لوحة تضامنية موحدة للشعب السوري، ويجدد التأكيد على أن الفكر الإرهابي لا مكان له في الفسيفساء السورية، ولا في سوريا الجديدة، وهو ما أكدت عليه وزارة الخارجية والمغتربين في بيان لها على “تلغرام” أمس “أن هذا الاستهداف ليس اعتداءً على طائفة بعينها فحسب، بل هو اعتداء على كامل الهوية السورية الجامعة”.
من المؤكد أن تفجير الكنيسة يشكل مرحلة جديدة في العمل الذي ينتهجه تنظيم “داعش” وهو يشكل الانتقال إلى مرحلة متقدمة من الإجرام عبر أعمال مدروسة لأهداف إستراتيجية”، وذلك بعد سلسلة من الأعمال الإرهابية حيث تبنى التنظيم الإرهابي أواخر أيار أول هجوم له ضدّ القوات السورية، مع تعرّض دورية لقوات أمنية لتفجير لغم في محافظة السويداء، وذلك عقب إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على أعضاء خلية تابعة للتنظيم قرب دمشق في أيار الماضي.