تطبيقات عملية حول الرعاية والاهتمام بكبار السن .. فريق للرعاية الصحية لنوب السقوط عند المسنين

الثورة – مريم إبراهيم:

 

دلالات كثيرة يؤكدها شعار “ربط الجامعة بالمجتمع”، والأهم في ترجمة هذه الدلالات مدى ما يمكن أن يحدثه تطبيق هذا العنوان العريض، وترجمته واقعاً حياً يعزز دور الجامعة والعملية التعليمية، والخبرات الأكاديمية، وكيفية ربطها بالمجتمع لتحقيق الخدمة العلمية والمجتمعية بأفضل صورها وأشكالها، وبحيث لا يبقى الشعار مجرد كلام بل التطبيق العملي للكلام هو الدليل والبرهان.

تخطي التلقين

ففي فعاليات وأحداث علمية هدفها يتخطى التلقين، ويخلق جواً حقيقياً للتعلّم، والتفكير، والتطوير في الاختصاص والدراسة والتطبيق، هنا يكمن المعنى الحقيقي للحدث بأبعاده ورؤاه ودلالاته وحتى الأهداف التي أُطلق لأجلها هذا الحدث، ما يعطي وقعاً ومعنى أكبر وقيمة وجدوى، وحينها يصبح المشاركون ليس مجرد رقم وعدد، وإنما حضور فاعل ومهم بقدر محور الحدث وتفاصيله وإطاره العام أيضاً بجميع التفاصيل والمحاور.

وتحت مظلة ربط الجامعة بالمجتمع تبرز بقوة كلية العلوم الصحية باختصاصاتها المتعددة، إذ دأبت على تقديم مختلف أنواع الخدمة المجتمعية كترجمة لما يتلقاه طلاب هذه الكلية من معارف وخبرات خلال سنوات دراستهم الأكاديمية، وبإصرار وإرادة حاول عدد كبير من هؤلاء الطلاب إثبات وجودهم كفاعلين وطامحين لتقديم الخدمة المجتمعية بشتى أشكالها.

وكان ذلك حاضراً بقوة في فعالية أقامتها الكلية كيوم علمي بعنوان الرعاية الصحية لنوب السقوط عند المسنين- دور الفريق متعدد الاختصاصات، إذ جاءت محاور كيفية الرعاية والاهتمام بكبار السن مهمة للغاية لتلامس أدقّ التفاصيل في كيفية هذه الرعاية من نواحٍ نفسية وعصبية وصحية وغيرها الكثير، فكان الطلبة يعيشون تجربة مختلفة في قاعة غصّت بطلاب من كلّ الاختصاصات من العلوم الصحية، الصيدلة، التمريض، وطب الأسرة، وجميعهم يسمعون من زوايا مختلفة، لكن بقلب واحد مع شغف وتوق كل طالب مهتم ليفهم ويتعلم ويكتسب المزيد من الخبرة في كيفية تقديم الرعاية بالشكل الأمثل للشريحة المستهدفة من كبار السن، لاسيما عندما يكون المحاضرون ومقدمو المعلومات على قدر عالٍ من الخبرة والمعرفة والتجارب من أطباء ومختصين وغيرهم.

شهد هذا الحدث مشاركة واسعة من محاضرين واختصاصيين في مجالات متعددة، تم تسليط الضوء على قضية نوب التساقط التي يعاني منها كبار السن، والتي تعتبر من التحديات الصحية المهمة التي تواجه المجتمعات في ظل تزايد أعداد المسنين من جهة، وعدم كفاية الخدمات والرعاية الصحية والاجتماعية اللازمة لهم من جهة أخرى.

نهج تشاركي

عميد كلية العلوم الصحية الدكتور سامر محسن بين في لقاء لصحيفة الثورة أن نوب السقوط لدى المسنين يمثل تحدياً صحياً متنامياً مع تزايد أعداد كبار السن، ومع تعقيد عوامل الخطورة وتداخل أبعادها الجسدية والنفسية والبيئية، تبرز الحاجة الملحة إلى نهج تشاركي شامل يتكامل فيه الطب والتمريض مع العلوم الصحية بشتى اختصاصاتها من علاج فيزيائي ووظيفي وتغذية وعلاج الكلام، مؤكداً على ضرورة إصدار التوصيف الوظيفي لخريجي العلوم الصحية وكذلك لحظ شواغر توظيفية ضمن المنظومة الصحية، لأن هذه الاختصاصات ليست مساندة بل شريكة فاعلة في الوقاية والتأهيل وتحسين جودة الحياة، كما أن الفعاليات والأنشطة العلمية تعكس التزام الجامعة بتحسين جودة الحياة لكبار السن، مع أهمية العمل الجماعي والتعاون بين مختلف التخصصات لتحقيق هذا الهدف النبيل لشريحة مهمة في المجتمع.

أسباب ومخاطر

اختصاصي الأمراض العصبية الدكتور أسامة عبد العزيز شرح أسباب ومخاطر نوب السقوط عند كبار السن، فالأمراض العصبية مؤهب كبير للسقوط، كأمراض باركنسون والجلطات الدماغية واعتلال الأعصاب، وهي أمراض موجودة بالمجتمع وشائعة، تؤثرعلى وظيفة الشخص وتؤدي لحالات السقوط، والذي بدوره يؤدي لاختلاطات ومشكلات عدة لاحقة.

وشدد الدكتورعبد العزيزعلى دور الوسط المحيط والأسرة في مساعدة مرضى كبار السن ممن لديهم مشاكل لتجنب السقوط والاختلاطات، فالمريض الذي يعيش بمفرده تتطور عنده ظاهرة اسمها متلازمة الخوف من السقوط، والقلق بعد السقوط، ومن الضروري مساعدة هؤلاء المرضى وتأمين وسائل مناسبة تعينهم على الحركة كتأمين وسائل مقابل وجنب الأبواب أوفي الحمام، ووجود الحذاء المناسب لهم وكراسي حمام تساعدهم وتجنبهم السقوط، وهذه التجهيزات تقي من تكاليف باهظة لاحقاً، فالتجهيزات تبقى تكلفتها أقل من تكاليف السقوط وتكاليف المستشفيات والعمليات الجراحية والتأهيل بعد العملية.

وأكد الدكتور عبد العزيزعلى ضرورة إيجاد مراكز تأهيل متعددة الاختصاصات، وهي حاجة أساسية جداً، فالمريض عندما يخرج من المستشفى يجد صعوبة التواصل مع المعالجة والتأهيل سواء من فيزيائيين أم نفسيين وغيرهم، لكن في حال وجود مركز متخصص فالمريض يحصل على جميع الخدمات في نفس المركز، حيث يضم المركز الطبيب المعالج والفيزيائي

والاختصاصي النفسي والاجتماعي، واختصاصي علم النفس الحركي ومعالج النطق، وهذه الاختصاصات تساعد المريض للتماثل للشفاء دون العناء والتنقل من مكان إلى آخر، إذ الخدمة المتكاملة في المركز نفسه.

تدريب وتأهيل الطلاب

عبد الرحمن الكضيب، وأمير محمد، وتالا الخطيب، من كلية العلوم الصحية بينوا في لقاءات لصحيفة الثورة ضرورة الاهتمام بكبار السن ورعايتهم من جميع الجوانب الصحية والنفسية، والفعاليات العلمية تضيف للطلاب كثيراً من المعارف من خلال المحاور التي تناقش، مع معرفة طرق المساعدة في أداء العمل بعد معرفة نمط علاج التخصصات الأخرى من عصبية ونفسية وعظمية وغيرها، إضافة إلى ضرورة وجود فريق متعدد التخصصات، ما يحقق نتائج أفضل، مع وضع الخطط العلاجية المناسبة لكل مريض، ووجود المعلومات التي يمكن اكتسابها حول خبرة جليس كبير السن وتقديم الرعاية الصحية المناسبة له، وهذه الرعاية يمكن أن تكون عبر التشاركية بين مختلف القطاعات، والجامعة اليوم ليست مجرد تلقي العلم فقط بل ربط ما يكتسبه الطالب بالمجتمع، خاصة مجالات الدراسة في العلوم الصحية، وضرورة تطبيق التعليم في خدمة المجتمع خاصة كبار السن، فالرعاية الصحية للمسنين ليست مجرد التزام طبي، بل واجب أخلاقي أيضاً، وكلية العلوم الصحية باختصاصات نوعية وعصرية مرتبطة بسوق العمل ومتطلباته المتجددة مع التطورات المتلاحقة.

أولويات وتحديات

الباحثة الاجتماعية سمر هلال توضح أن الرعاية الصحية لكبار السن يجب أن تكون من الأولويات والاهتمامات لدى الجهات المعنية، وكذلك للأسرة والمجتمع دور مهم في هذه الرعاية، والاهتمام بالصحة العامة ليس مجرد واجب مهني أو مسؤولية صحية، بل أمانة أخلاقية، وواجب حضاري وإنساني، يعكس مستوى تطور المجتمعات وتماسكها، وما يتعرض له المسن من مخاطر السقوط لا يعد مجرد حادث عرضي، بل هو مؤشر على سلسلة من التحديات الطبية والنفسية والاجتماعية، التي تتطلب مقاربة شاملة وتدخلاً متعدد التخصصات، وتمكين فرق الرعاية الصحية من ثقافة التكامل والتخصص التشاركي، والقيام بخطوات عملية تحسن جودة حياة المسنين، وتحضنهم من خطر السقوط وما يتبعه من مضاعفات بعد السقوط وضمان تمثيل كبار السن في برامج الحماية المجتمعية المناسبة، وتقديم خدمات شتى لهم بكرامة واحترام في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا..

إذ يشهد كبار السن أوضاعاً صعبة، حيث يعانون مشكلات اقتصادية واجتماعية وصحية متزايدة نتيجة للحرب وتداعياتها، ويشكلون نسبة متزايدة من السكان، مع توقعات بارتفاع عددهم بشكل كبير في المستقبل، ويواجهون تحديات الظروف المعيشية الصعبة القاسية، وفقدان مصادر الدخل والمعيلين، سواء بسبب الحرب أو الهجرة، مما فاقم الأوضاع الاقتصادية لكثير من كبار السن، ومنهم من يعاني أمراضاً مزمنة واحتياجات صحية خاصة، ومع ذلك يواجهون صعوبة في الوصول إلى الرعاية الصحية المناسبة، وكذلك المعاناة من العزلة الاجتماعية والشعور بالتهميش، وفقدان الدعم الأسري نتيجة للنزوح والهجرة.

آخر الأخبار
قطاع الجلديات على مفترق.. بين راحة المنتج وتعب المستهلك صراع الأجيال.. بين الماضي والحاضر انطلاق حملة لإصلاح شبكة الصرف الصحي في كفرسجنة لتعزيز البنية التحتية معاذ الخطيب يطرح رؤية شخصية لحماية وحدة سوريا ورفض الانقسام والتدخلات الخارجية رغم محاصرة النيران.. السبعينية زيزوف علي متمسكة ببيتها وأرضها بوابة لإحياء الاقتصاد وبناء المستقبل.. تحديد موعد المؤتمر الاستثماري الأول بحلب شعار "حق تقرير المصير" .. محللون: انفصال السويداء غير واقعي ولايستند إلى مقومات فعلية مجلة أميركية: عودة اللاجئين السوريين مرهونة بالأمن وإعادة الإعمار وضمان الحقوق عون يؤكد حرص لبنان على تعزيز التعاون الأمني والعسكري مع سوريا تطبيقات عملية حول الرعاية والاهتمام بكبار السن .. فريق للرعاية الصحية لنوب السقوط عند المسنين إنتاجية الهكتار تصل إلى 10 أطنان.. عودة مبشرة لزراعة الذرة الصفراء في حلب تسوّل الأطفال.. الأسباب والحلول.. مافيات أَمِنت العقوبةَ فأساءت الأدبَ بين البلعوس و الهجري: اختبار جديد لوحدة السويداء ومستقبلها السياسي وزير الصحة ومحافظ إدلب يبحثان تطوير الخدمات الصحية في المحافظة "بالعمل نبنيها وبقلوبنا نحميها".. حملة خدمية جديدة في خان شيخون لتحسين الواقع الخدمي    البلعوس: أبناء السويداء متمسكون بوحدة سوريا والهجري يجر المحافظة نحو الانقسام شيزوفرينيا الصوت المسموم وعصفورية "الاستقلال" تعزيز الشراكة لتمكين المرأة السورية.. اجتماع رفيع المستوى بين وزارة الطوارئ وهيئة الأمم المتحدة للمر... مناقشة تعزيز الاستقرار وسيادة القانون بدرعا  "الأوقاف" تعيد "كندي دمشق"إلى المؤسسة العامة للسينما