حيان الشمالي – كاتب سوري:
انتشر على نطاق واسع مقطع فيديو لإحدى السيدات في ما كان يعرف بساحة “الكرامة” في السويداء، وهي تهاجم الهوية السورية وتتبرأ منها، حيث قالت: “ما رح عرّف عن حالي سورية أبداً، صارت السورية بالنسبة إلي وصمة عار”، وأردفت السيدة أنها لم تعد تريد فيدرالية ولا تريد حكماً ذاتياً، مشددة على مطلبها بـ”استقلال تام” للسويداء عن سوريا.
أثار تصريح السيدة غضب شريحة واسعة من الشعب السوري، حتى من أبناء السويداء نفسها، والذين استنكروا هذا التصريح الغريب، في حين اتهمها سوريون آخرون بالخيانة والعمالة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
أوصلت تلك السيدة فكرة للمتابعين، أنها كانت سورية حتى النخاع، ولدت على الأرض السورية، وعاشت فوق ترابها، وأكلت من خيراتها، ودرست في مدارسها وجامعاتها واستنشقت هواءها، لكنها اليوم، باتت مجبرة على التخلي عن كل تلك الذكريات “الجميلة”، وقررت بأن الهوية السورية “عار” ويجب غسله بالاستقلال، أو ربما الانضمام لدولة الاحتلال الإسرائيلي، لكن المفاجأة كانت في أن السيدة عرفت بنفسها أنها “أردنية من العقبة” وأنها تعيش في سوريا منذ 20 عاماً، أي منذ عام 2005.
ربما نواجه مثل هذه الحالة في عصفورية تعرض نزلاؤها لصدمة ما أفقدتهم ما تبقى من عقولهم، لأن ما يجري لا يمكن أن يصدر عن إنسان متوازن كامل الأهلية أو صاحب عقل، أو حتى أحمق، لأنه مهما بلغت درجة الحماقة فلا يمكن لإنسان متزن وبكامل قواه العقلية من جزر القمر مثلاً، أن يقول منذ اليوم لن أكون يمنيّاً، معبراً عن رغبته باستقلال مدينة عدن، أو مواطن تشيكي هاجر إلى الولايات المتحدة، ولسبب ما غضب من سياسة الحكومة الأميركية فقرر نسف الهوية الأميركية عن ولاية تكساس مطالباً باستقلالها أو انضمامها لكندا، حيث باتت الهوية الأميركية عاراً على أبناء تلك الولاية، وفق وجهة نظره.
وبحسب دراسة نشرتها مجلة “The Lancet” الصادرة في السويد عام 1987، ضمن عددها الثاني، فإن استخدام الحشيش في سنّ المراهقة يزيد من خطر الإصابة بالشيزوفرينيا أو ما يعرف بـ”الفصام”، في حين أشار علماء آخرون إلى أن الإصابة قد تكون ناتجة عن الضغوط النفسية أو صدمة ما.
ما جرى لا يمكن تفسيره سوى بأنه حالة مرضية غير طبيعية بحاجة إلى علاج حتى لا تتكرر الإساءة لمحافظة سورية عريقة لها تاريخها، ويفتخر أبناؤها بانتمائهم الوطني.
قد نختلف، لكننا نبقى أبناء هذه الأرض، الأرض التي تلفظ جميع المستعمرين، والدخلاء، وأصحاب المشاريع المشبوهة، لأنها ارتوت بدماء أبطال قدموا دماءهم على مذبح الحرية 14 عاماً لتعود سوريا بلداً لجميع أبنائها، حيث باتت الهوية السورية مفخرة لمن يحملها.