عودة النازحين.. حين تتحوّل فرحة الرجوع إلى معركة يومية للنساء

الثورة – سيرين المصطفى

بعد سقوط النظام البائد، شهدت سوريا عودة قوافل من النازحين إلى قراهم ومدنهم التي كانوا محرومين منها لسنوات طويلة، كانت لحظات العودة مشحونة بالمشاعر؛ مزيج من الفرح والانفعال، ولكن خلف هذه المشاعر، قصة أخرى من المعاناة، خاصة بالنسبة للنساء اللواتي وقعن في قلب هذه المرحلة بكلّ تفاصيلها وتحدياتها.

لم تكن المعاناة مقتصرة على رحلة العودة نفسها، بل بدأت قبل ذلك بكثير، فمع اقتراب موعد الرحيل، تبدأ النساء بحزم الأمتعة وترتيب الأغراض المنزلية، من أدوات المطبخ الزجاجية والمعدنية، إلى الملابس والمفروشات، وكلّ ما يلزم الأسرة من مستلزمات يومية.

هذه المهمة التي تحتاج إلى وقت طويل وعناية دقيقة تقع بالكامل على عاتق المرأة، التي تُلام في حال نسيان أي غرض، وتعيش ضغطاً نفسياً متواصلاً وسط إلحاح الرجال بالإسراع، نظراً لقرب موعد التحرك.

تتحمل النساء مسؤولية ترتيب الأغراض بطريقة تضمن سلامتها أثناء السفر الطويل، وهو أمر ليس سهلاً في ظلّ غياب وسائل نقل مريحة أو مناسبة في كثير من الأحيان، فالخوف من كسر الأدوات أو ضياع بعض الحاجيات يلازمها طوال الوقت، وهي تعلم أن أي خسارة ستُحسب عليها.

وبعد رحلة سفر شاقة، ومع تعب الطريق والانشغال الدائم بسلامة الأطفال وحماية الأغراض، تصل النساء إلى منازلهن المهجورة منذ سنوات، لتواجه واقعاً مريراً: منازل بحاجة إلى تنظيف شامل، وأماكن فقدت ملامحها بسبب الغياب، ورغم كلّ هذا، لا يسمح الوقت لالتقاط الأنفاس أو الراحة، فتبدأ النساء على الفور بترتيب البيت الجديد أو الخيمة التي سيعيشون فيها، بحسب ما تسمح به ظروفهم المعيشية.

تتوزع الجهود بين التنظيف، ترتيب الأثاث، توزيع الأدوات، وتأمين الحدّ الأدنى من الحياة الكريمة للأسرة، وكلّ هذا في ظلّ إجهاد جسدي ونفسي كبير، التقينا في “الثورة” بعدد من النساء العائدات إلى ريفي حماة وإدلب، واللواتي اشتكين من أعراض متكررة مثل التعب المفرط، آلام الظهر، وضغط نفسي متراكم، خصوصاً أن هذا الجهد لا يتوقف بيوم أو اثنين، بل يمتد لأسابيع حتى تتأقلم الأسرة مع الوضع الجديد.

حتى النساء اللواتي لم يستطعن العودة بعد، يعشن في دوامة من الحيرة والتوتر النفسي، فهن يعين تماماً ما ينتظرهن من مشقّة وجهد حالما تُفتح لهن فرصة العودة، التفكير في ترتيب الأغراض، وتحضيرالأطفال، والتأقلم في منزل مهجور، كلها أمور تؤجل انتقالهن، وتُدخل عليهن شعوراً بعدم الاستقرار.

بل إن بعضهن يؤجلن حتى شراء الاحتياجات الأساسية، خشية فقدانها أو عجزهن عن حملها لاحقاً.

بين فرحة العودة إلى الديار وواقع المعاناة اليومية، تتحمل النساء السوريات العبء، ويواصلن أداء دورهن كركيزة أساسية للأسرة رغم التعب والضغط، في رحلة العودة التي ما زالت في بداياتها، ومع ذلك، يبقى الأمل بأن يكون هذا التعب مدخلاً لحياة أكثر كرامة، في وطن حرّ طالما انتظر أبناؤه يوم العودة.

آخر الأخبار
عودة النازحين.. حين تتحوّل فرحة الرجوع إلى معركة يومية للنساء استقرار سوريا.. رهان إقليمي ودولي وتحديات مفتعلة إدلب تطلق مؤتمرها الاستثماري الأول.. فرص واعدة لبناء مستقبل مستقر الضربة الأمريكية لإيران... بين التكتيك العسكري والمأزق الاستراتيجي تحالف حاضنات ومسرعات الأعمال السورية "SAIA" لتحفيز الابتكار إيران تستهدف قاعدة العديد بقطر رداً على الهجوم الأميركي عقوبات أوروبية جديدة تطول خمسة أشخاص على صلة مباشرة برئيس النظام البائد وزير الداخلية يُعلن تفكيك خلية لتنظيم داعش متورطة بتفجير كنيسة مار إلياس محافظ إدلب يستقبل المفوض السامي للأمم المتحدة لبحث دعم اللاجئين اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب تلتقي الفعاليات الثورية والمدنية بدرعا تأهيل المدارس بالتعاون مع "اليونيسكو" تفجير الكنيسة.. غايات الإرهاب تحطمها وحدة السوريين تعزيز الأمن السيبراني بالمؤسسات العامة وبناء الكفاءات الوطنية نقل الملكيات العقارية.. خطوة اقتصادية.. قيراطة لـ"الثورة": استئناف عمليات التسجيل بعد صدور التعليمات سلامة الغذاء في خطر .. إشارات سلبية جراء تفاقم انعدام الأمن الغذائي خبير اقتصادي للثورة: رافعة ضرورية لتحريك السوق الداخلية. الخطوط الحديدية تنقل 6000 طن قمح من مرفأ طرطوس  مستشفى اللاذقية الجامعي.. زيادات ملحوظة بالعلاجات .. وأقسام جديدة قداسٌ في السويداء عن راحة نفوس شهداء التفجير الإرهابي في الدويلعة تردي الخدمات في البويضة.. ورئيس البلدية لـ"الثورة": الإمكانيات محدودة