الثورة – سيرين المصطفى:
بصبر وصمود، عاشت نساء شمال إدلب في الخيام طوال فترة الحرب، معزيات أنفسهن بأن التحرير سيُنهي معاناتهن، لكن بعد تحرير البلاد من النظام البائد في 8 كانون الأول/ديسمبر عام 2024، ومن بينها القرى والمدن في ريف إدلب، لم تكتمل فرحة العائلات العائدة، إذ وجدوا منازلهم مدمرة وغير صالحة للسكن، وسط ظروف الفقر التي حالت دون إعادة البناء.
وفي ظلّ هذا الواقع الصعب، اضطرالعديد منهم إلى نصب الخيام فوق أنقاض منازلهم في قرى العودة، لتعود الخيمة، التي ارتبطت في أذهان السوريين بالنزوح والشتات، كملاذ إجباري في أرض كانت يوماً موطنهم، معبّرة عن استمرارالمعاناة رغم انتهاء رحلة النزوح.
تُعدُّ الإقامة في الخيام استمراراً للمعاناة، خاصة للنساء اللاتي يتحملن أعباء الحياة اليومية في ظروف قاسية، اشتكت العديد منهن من الحرالشديد في الصيف الذي لا تقيهن منه الخيام، إضافة إلى افتقارالخيمة لأبسط مقومات الخصوصية، مما يؤثرسلباً على راحتهن وقدرتهن على ممارسة حياتهن بشكل طبيعي.
فالخيمة لا توفر مساحات مخصصة للنوم أو الطهي أو الراحة، بل تفرض حياة مشتركة في مساحة ضيقة ومفتوحة، تجعل التنقل وتنظيم الأغراض تحدياً يومياً، إلى جانب ذلك، تشكّل الخيمة خطراً دائماً على السلامة الجسدية، فهي عُرضة للاحتراق بسبب استخدام وسائل تدفئة أو طهي بدائية، أو بسبب تماس كهربائي ناتج عن وصلات غير آمنة.
وقد شهدت السنوات الماضية العديد من حوادث الحرائق في مخيمات شمالي غربي سوريا، أسفرت عن خسائرمادية وبشرية، خاصة أن السيطرة على النار داخل خيمة مصنوعة من مواد سريعة الاشتعال أمر بالغ الصعوبة.
علاوة على ذلك الخيمة تُشعرالنسوة بالقلق على أنفسها وأولادها، لإمكانية دخول الزواحف أو الحيوانات إليها، مما يزيد من المخاطر، لاسيما أن تلك الأهالي العائدون في تلك المناطق اشتكوا من كثرة الأفاعي والثعابين فيها، والتي انتشرت بكثرة في تلك المناطق بسبب هجرها لمدة طويلة وكثرة الركام الناتج عن القصف.
وينتظر الأهالي تحسن الظروف وأن تعمل الحكومة على تقديم مشاريع إعادة الإعمار، تساعد في تأمين مساكن دائمة تضمن الحد الأدنى من الأمان والكرامة.
استمرارالعيش في الخيمة، حتى بعد العودة إلى الديار، يعمّق الجرح، ويُبقي معاناة النزوح حاضرة في تفاصيل الحياة اليومية، ويؤكد أن ما بعد الحرب لا يقلّ قسوة عن الحرب نفسها.