غسان كنفاني.. القلم الذي قاوم حتى الرمق الأخير

الثورة – عمار النعمة:

في ذاكرة الأدب الفلسطيني، يبقى غسان كنفاني علامةً لا تُمحى، وكأن كل رواية كتبها كانت تنهض من ركام النكبة لتصرخ في وجه الصمت: “نحن هنا.. وما زلنا نقاوم”.

لم يكن كاتباً عادياً، بل مشروعاً ثقافياً كاملاً تشكَّل من منفى وحنين، ومن طفولة مشردة ووجعٍ بحجم وطن.

وُلد كنفاني في عكا عام 1936، وشهد الهزيمة مبكراً حين اضطرت عائلته لمغادرة فلسطين بعد اجتياحها من الصهاينة، لكنه على الرغم من التهجير، لم يغادر فلسطين يوماً، بل حملها في قلبه وقلمه ووجدانه، وبثّها في كل نصّ كتبه.

هوية جريحة

في أعماله الكثيرة تتربع روايتا “رجال في الشمس” و”عائد إلى حيفا” قلوب القراء، فهو لم يتناول فيهما فلسطين كمجرد أرض مسلوبة، بل صوّرها كـهوية مجروحة تسعى للخلاص عبر الذاكرة في الأمومة، في العودة، وفي الموقف السياسي الحاسم، لا وجود للفرد في أدب كنفاني إلا بوصفه مرآة للجميع، وصوتاً لجيلٍ فقد كل شيء إلا كرامته.

صدرت رواية رجال في الشمس عام 1963، وكانت أولى روايات كنفاني، لكنها لم تكن مجرد بداية، بل كانت صدمة أدبية، تحكي الرواية قصة ثلاثة لاجئين فلسطينيين من أجيال مختلفة: أبو قيس، أسعد، ومروان، يحاولون التسلل إلى الكويت بحثاً عن عمل وكرامة، في رحلة محفوفة بالمخاطر يقودها المهرب أبو الخيزران، يختبئون في خزان شاحنة مياه لعبور الحدود، لكنهم يموتون اختناقاً تحت شمس الصحراء.

الرواية ليست فقط عن الهجرة أو اللجوء، بل عن الصمت، الخذلان، الخزان الذي ماتوا فيه هو استعارة عن القبر الجماعي، أما سؤال النهاية: “لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟” فهو ليس مجرد سؤال بل صرخة وجودية، تلوم الضحايا كما تلوم الجلاد.

تحوّلت الرواية إلى فيلم سينمائي بعنوان “المخدوعون” عام 1972، ونالت جوائز دولية، كما دُرست في جامعات عربية وعالمية، وتُعدّ من أهم الروايات التي تناولت النكبة الفلسطينية من منظور إنساني رمزي.

أما روايته “عائد إلى حيفا” فكتبها في عام 1969، واستخدمها لرسم صورة عن حياة المهجّرين الفلسطينيين خلال نكبة سنة 1948 التي هجّرتهم عن أراضيهم، وجعلتهم يواجهون القتل وما رافقه من تدمير للكثير من القُرى الفلسطينية.

في ذكرى استشهاده نقول:ما يجعل أدب غسان حاضراً ليس فقط براعته السردية، بل لأنه صاحب رسالة وموقف في وجه الطغيان، نصوصه لا تُقرأ من باب الترف، بل من باب الواجب الأخلاقي والجمالي.

كان يعلم أن الاحتلال لا يُهزم بالسلاح فقط، بل بالوعي، ولهذا السبب كان هدفاً دائماً وكانت الواقعة في الثامن من تموز 1972، إذ اغتيل غسان كنفاني بتفجير سيارته في بيروت، واستشهدت معه ابنة شقيقته لميس نجم، في جريمةٍ لم تقتل الروح، بل خلّدتها.

في كل عام تمرّ ذكراه، يتجدد الحنين وكأن كلماته صالحة لكل زمان، نستعيده لا ككاتب فقط، بل كصوت جمعيٍّ لفلسطين.

آخر الأخبار
في سباق مع الزمن و وسط تحديات الرياح والتضاريس.. جهود لإخماد الحرائق   سوريا تقترب من رقمنة الشحن الطرقي    "موزاييك للإغاثة والتنمية الإنسانية" حاضرة في الاستجابة لمتضرري الحرائق   "الثورة" من قلب الميدان تتابع عمل فرق الدفاع المدني  الحرائق تتواصل في مواقع عديدة     استجابة لحرائق اللاذقية.. منظمة "IASO" تطلق حملة "نَفَس حقكم  بالحياة" السفير البلجيكي ببيروت في غرفة صناعة دمشق لتعزيز العلاقات الاقتصادية  ربط طلاب الكليات الهندسية في حلب بسوق العمل  متابعة المشاريع التي تُعنى بتحسين الأوضاع المعيشية للاجئين الفلسطينيين في حلب  وفد المنظمة العالمية للتحكيم الدولي في غرفة صناعة دمشق  الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بتعديل بعض مواد قانون الاستثمار الشرع يشيد بجهود فريق تصميم الهوية البصرية الجديدة لسوريا مرسوم رئاسي بإحداث الصندوق السيادي لتنفيذ مشاريع تنموية وإنتاجية مباشرة والاستثمار الأمثل للموارد مرسوم رئاسي بإحداث صندوق التنمية للمساهمة في إعادة الإعمار مكافحة الفساد ليست خيارآ  بل أمراً حتمياً  توقيفات طالت شخصيات بارزة والمحاسبة مستمرة   "مهمشون" ومكافآت "شكلية"   ممرضون لـ"الثورة: الوقت حان للاستماع إلى نبضنا ليخفق قلب المهنة  من إدلب إلى دمشق..  "أبجد".. نحو مجتمع متضامن أساسه التعليم  تعزيز الجاهزية الرقمية في المدارس الحقلية الزراعية بحلب  BBC: طالبو اللجوء السوريون في بريطانيا.. بين القلق وانتظار قرارات لندن  وفرة في الغاز وندرة في المال..  مدير عمليات التوزيع: رخصة الغاز ليست مشروعاً تجارياً  قمة أممية للذكاء الاصطناعي.. توجيهه لخدمة أهداف التنمية المستدامة