الثورة – أحمد صلال – باريس:
إذا تحدثت مع أحد أفراد الجالية السورية في فرنسا، ستسمع ملامح من قصة شخص مكافح وذي خلق طيب، يحظى بمحبة الجميع واحترامهم.
الدكتور محمد المحمد، كان بالنسبة لي وجهاً عابراً من وجوه عديدة عابرة، ولكنه لم يعد كذلك منذ بدأت الثورة السورية، إذ كان لا بد أن يكون الشاب الوسيم والأنيق على رأس المظاهرات الحاشدة التي تخرج في العاصمة الفرنسية باريس ومدنها الأخرى، ولا يغيب عن البال النشاطات الأخرى السياسية والثقافية والإغاثية التي نظمها أو شارك بها.
الدكتور المحمد يحمل ماجستيراً ودكتوراه في الهندسة الزراعية من جامعة “رانس” الفرنسية، وحصل على منحته الدراسية نظراً لتفوقه.
مع بدء الثورة كان يتمتع بمنصب رئيس اتحاد طلبة سوريا في فرنسا، لكن سرعان ما تخلى عنه مع الأيام الأولى لاندلاع الثورة السورية، وأعلن وقوفه مع الثورة السورية.
بإمكانك سماع كلام متشابه عن الدكتور المحمد من مصادر مختلفة، ممن تعامل معه في العمل أو الكفاح الثوري لعقد ونيف أو سنوات كثيرة، فتستشفي شخصيته من مواقف عديدة تحكى لك.
البيت السوري في فرنسا ورش خياطة الكمامات الطبية تمثل جانباً بسيطاً من نشاط البيت السوري في فرنسا، الذي أسسسه الدكتور المحمد مع ثلة من رفاقه في الكفاح.. البيت الذي صادف تاريخ تأسيسه مع جائحة كورونا، شمل عمل البيت على إعداد وجبات طعام لمستشفى رانس الجامعي في مدينة “رانس” الفرنسية، بالتنسيق مع البلدية خلال جائحة كورونا، بمعدل وجبتين أسبوعياً، بدأت هذه الوجبات بالتوزيع قبل شهر رمضان الفضيل، وامتدت لمدة شهرين، آنذاك، مثلما يتحدث الدكتور المحمد- رئيس البيت السوري في فرنسا- وسكرتير عام رابطة الجالية السورية في فرنسا “بدأ عملنا قبل أسبوع واحد من شهر رمضان الفضيل، آنذاك، بمعدل وجبتين أسبوعياً، يومي الاثنين والخميس”.
وحول مصدر تمويل هذه المبادرة التضامنية يرد المحمد: “البيت السوري في فرنسا عبارة عن جالية بديلة للجالية الأسدية، وتقوم كل الأسر القاطنة في المدينة والتي يتجاوز قاطنوها 300 عائلة سورية، وهذا رقم إجمالي، والرقم الناشط لا يتجاوز الثلاثين أسرةً تمثل الموزاييك السوري المتنوع والثري بثقافته، وتقوم هذه الأسر بتبادل الأدوار أسبوعياً”.
ورداً على سؤال د. المحمد حول الرقم المادي الإجمالي للمبادرة التي امتدت على مدى شهرين، يجيب “نقوم بتوزيع ما يتراوح بين٣٠ حتى٤٠ وجبة أسبوعياً.
مبادرة البيت السوري في فرنسا لاقت ترحيباً وحفاوة سياسية تمثلت بزيارة عمدة مدينة رانس آرنو روبينه وإعلامية فرنسية منقطعة النظير بسبب الظرف الطارئ الذي مرت به فرنسا آنذاك، وتتطلبت مشاركة الجميع للخروج من هذه الأزمة، وكانت هذه المبادرة لفتة من الثورة السورية اتجاه المستضيف الفرنسي.
لقد باتت “الثورة السورية” ملكاً حضورياً وتراثاً رمزياً وإرثاً من نسغ الشمس.. يحقّ للغة والمفردات أن تفتح لها مفاعلات أبنيتها وأقبيتها وأن تغزل معانيها شالات قرب النبع القصي لتلوّح بها الأجيال لبعضها البعض عند السفر، وعند احتفالات الناي بوهيج الذكرى في مفترق كل شتاء، هذه هي الثورة بالنسبة للدكتور محمد المحمد “لذة الثورة التي لا تنتهي”.