الثورة – فؤاد العجيلي:
في مدينة أنهكتها الحرب، يعود الانقطاع من نوع آخر.. هذه المرة ليس بقذيفة، بل بكابل ضوئي مسروق، إذ تُسرق اليوم شرايين الاتصال بالعالم بخُطا مُمنهجة، فها هي بعض أحياء “الكلاسة، سوق السمك، وادي العرايس، المغاير” تعيش كابوساً رقمياً منذ 60 يوماً.. كابل إنترنت واحد سُرق فحوّل مئات السكان إلى جُزر معزولة، فيما ترد مؤسسة الاتصالات: “الكابل مسروق.. وجاري التجهي ..”، تتفاقم الأسئلة: لماذا السرقة تتكرر؟ ولماذا الإصلاح يتعطل؟
الطلاب يدفعون الثمن
تقول أم سهام- وهي والدة لأربعة طلاب: إن انقطاع الإنترنت جعل التعليم الإلكتروني مستحيلاً، اضطررنا لشراء إنترنت لاسلكي باهظ الثمن، ولا يفي بالغرض، ورغم ذلك تصلنا فواتير الخدمة وكأن شيئاً لم يحدث.
من جانبه أبو محمد (صاحب محل بيع أسماك) يقول : خسرت 40 بالمئة من مبيعاتي، الزبائن كانوا يتعاملون معي عن طريق التواصل الاجتماعي والتحويل الرقمي، وبسبب قطع الاتصالات عدت إلى التعامل الشخصي، الأمر الذي أدى إلى انخفاض عدد الزبائن، والسبب سرقة كبل الاتصالات، فهل يعقل أن يسرق الكبل 3 مرات هذا العام، أين إجراءات الحماية لدى مؤسسة الهاتف..؟
أما الحاج أبو زكي (70 عاماً) قال بتحسر: أبنائي في تركيا وألمانيا، كنت أراهم عبر “واتساب”، الآن أنتظر اتصالاً أسبوعياً من الجيران… إلى متى سننتظر..؟
مؤسسة الاتصالات.. بين الإهمال والمسؤولية
أوضح عدد من سكان مناطق وادي العرايس، وسوق السمك، والمغاير، في شكواهم أنهم تواصلوا مع مركز الهاتف المختص في خان الوزير ومع فرع المؤسسة بحلب وكانت الأجوبة دائماً: سيتم العمل على تركيب كابلات بديلة مقاومة للسرقة، علماً أن المشتركين بالخدمة الهاتفية يدفعون قيمة الاشتراك الإنترنت رغم انقطاعه.
إذا استمرت عصابات السرقة في ضرب شريان الاتصال، وإذا ظلت المؤسسة الرسمية تتعامل بالوعود، فسنصبح أمام كارثة، جيل منقطِع عن العالم، اقتصاد رقمي يدفَن، ومواطنون يُعاقَبون بفواتير وهمية.
مع تكرار حوادث السرقة وتباطؤ الاستجابة، يبقى الأمل بتشكيل لجنة طوارئ حقيقية، ومراجعة نظام حماية الشبكات، وإنصاف المتضررين، حتى لا يتحول الانقطاع الرقمي إلى عزلة اجتماعية واقتصادية دائمة.