الهاتف الأرضي في ريف دمشق.. بين فوضى الأسلاك وصمت المسؤولين

الثورة – لينا شلهوب:
في وقت تعدُّ فيه خدمة الاتصال الأرضي أحد أبرز مقومات الحياة اليومية، ووسيلة ضرورية للربط مع الإنترنت عبر بوابات ADSL، إذ يفترض أن تكون التكنولوجيا وسيلة راحة وربط مع العالم، تحوّلت خطوط الهاتف الأرضي إلى مصدر متاعب يومية، ويعاني العديد من سكان ريف دمشق، وربما غيرها أيضاً، من واقع مرير تتحكم فيه خطوط هاتفية متشابكة كعروق خارجة عن مسارها، تفصل وتتعطل بلا موعد، وتعود لتوصل نفسها إلى وجهة خاطئة.
في ريف دمشق، خطوط تتدلى بلا نظام، وأرقام تُوصل إلى بيوت غير صحيحة، وفواتير تصدم أصحابها، ورغم الشكاوى المتكررة، لايزال الصوت القادم من الجهة المسؤولة “مطمئناً” أو هكذا يدعي.

سوء يعتري الشبكة

اشتكى الأهالي لصحيفة الثورة من سوءٍ يعتري الشبكة، سواء الخطوط الأرضية أو بوابات (ADSL)، في الوقت الذي تؤكد فيه الجهة ذات الشأن بأن الوضع على ما يرام، ولا مشكلات تذكر، إلا أن نداءات من الأهالي تصدح جراء معاناتهم مع هذه الخدمة، منها: توصيل الخطوط بعد إصلاح الأعطال لأشخاص آخرين، فالرقم المخصص لأحد ما، يتم توصيله لمنزل آخر، الأمر الذي تسبب بمشكلات اجتماعية، والأكثر من ذلك، فقد تفاجأ كثيرون بفواتير هاتفية مرتفعة تضاهي المتوقع.

تشابك الخطوط

كلما نُصلح خط الهاتف، يعود وينفصل، هكذا يقول أبو نضال من جرمانا، وهو يشير إلى كومة من الخطوط المتشابكة المعلّقة بين الأعمدة، ويتابع: منذ فترة تفاجأت أن رقمي موصول لجاري! وجاري رقمه موصول لبيت ثالث! وبالتالي لا أحد يعلم أين يتجه كل خط، قائلاً: بجواره عمود الهاتف القريب من منزله، حيث تتدلى مجموعة من الأسلاك الهوائية المتشابكة كأنها شبكة عنكبوت مهملة، كما يتم تمديد خطوط هوائية بدون أي تنظيم.
قصة أبو نضال تتكرر على ألسنة كثيرين، إذ لا يقتصر الضرر على انقطاع الخدمة، بل يتعداه إلى أخطاء في التوصيل، وتشابك في الخطوط الهاتفية، وظهور فواتير لا تمت للمستخدمين بصلة.
وتؤكد خلود، موظفة وأم لطفلين، أن خدمة الإنترنت عبر ADSL باتت غير قابلة للاعتماد، مضيفة أنه يتم دفع الفاتورة مرتين، مرة لفاتورة خط لا يؤدي خدمته، ومرة لباقات موبايل كي نستطيع أن نعمل أو أدرّس أولادي.
من أغرب الشكاوى التي رُصدت، ما أكده بعض الأهالي حول وصول فواتير هاتفية مرتفعة لأرقام لم يستخدموها، تقول أم سامي من صحنايا: طلبت كشف مكالمات، من مركز الهاتف، اكتشفت إن الرقم يتم استخدمه من بيت آخر، وعلى أرقام لا نعرفها.
فيما لم تقتصر هذه الأخطاء على الجانب التقني، بل تسببت بمواقف اجتماعية محرجة وخلافات بين الجيران.

إلغاء الاشتراك.. مفتعل

وأضاف آخرون: إن فرع الاتصالات يعمل على إلغاء الاشتراك بالهاتف، وبالتالي إلغاء بوابة الإنترنت، ما يجعلهم معرّضين للتقديم على اشتراك جديد، ولدى مراجعة مركز الهاتف يعلمهم بأنه حالياً غير متوفرة (رغم تصريحات الجهات المعنية بتوفر بوابات) ما يجعلهم يفقدون حقهم في الحصول على البوابة (الإنترنت)، ناهيك عن أنه تم إجبار الناس على تسديد الفواتير عن طريق خدمة الدفع الإلكتروني، وتزامن ذلك مع إيقاف التحصيل في المراكز، ما أوقع الناس في مشكلة كبيرة بعدم جهوزية أنظمة الدفع الإلكتروني من جهة، ووجود عطل بتطبيق برنامج “الكاش” العائد لشركتي الخلوي “سيريتل و إم تي إن”، إذ لم يتمكن العديد من الناس من دفع الفواتير، وبالتالي التأخر في التسديد نتج عنه إلغاء الاشتراك، وهناك من أشار إلى أن العطل “مفتعل” بهدف اصطياد زبائن جدد ممن توقفت بواباتهم، فهؤلاء مجبرون على تفعيل باقات إنترنت من شركات الخلوي.
وفي تصريح من مسؤول في مركز اتصالات ريف دمشق لصحيفة الثورة، طلب عدم ذكر اسمه، نفى وجود أزمة حقيقية، وبيّن أنه يتم معالجة الكثير من الأعطال يومياً، وبعض التمديدات الهوائية ناتجة عن تصرفات فردية أو ورشات خاصة، وليس من المؤسسة مباشرة.
لكن عندما سُئل عن التوصيلات الخاطئة، أجاب باقتضاب: قد تحدث أخطاء محدودة، وهي قيد المعالجة حال الإبلاغ عنها.

بنية متهالكة.. وحلول ترقيعية

في تعليق من المهندس حسام نبهان، مختص في شبكات الاتصالات، أوضح أن السبب الرئيسي يعود إلى ضعف البنية التحتية القديمة، قائلاً: الخطوط الأرضية في كثير من مناطق ريف دمشق تعتمد على شبكات مهترئة، لم تحدث منذ أكثر من 20 سنة، بالإضافة إلى أن الاعتماد على التمديدات الهوائية غير المحمية يؤدي لتكرار الأعطال، والتوصيلات العشوائية تزيد الطين بلة.
ويضيف: الحل ليس بترقيع الأعطال، بل بإعادة هيكلة الشبكة، والاعتماد على تمديدات أرضية محمية، وتوسيع السعات الرقمية لبوابات الإنترنت.

نداءات من دون صدى

الفجوة بين ما تعلنه الجهات الرسمية وما يعانيه المواطنون تتسع يوماً بعد يوم، فبينما تقر المؤسسة بوجود بعض الخلل، يعيش الأهالي واقعاً قاسياً من الأعطال، وسوء التوصيل والتشويش وفواتير لا مبرر لها، وأصبحت خدمة الهاتف الأرضي– التي كانت يوماً ما أكثر وسائل الاتصال استقراراً– باتت مصدر صداع يومي، ووسيلة غير موثوقة للاتصال أو الإنترنت، وتبقى النداءات الصادرة بلا صدى، تنتظر من يعيد للأسلاك صوتها، وللشبكة انتظامها، وللناس حقهم البسيط في خدمة عادلة.
وما بين التصريحات الرسمية التي تقلل من حجم المشكلة، ومعاناة الناس اليومية، يضيع حق المواطن بخدمة أساسية يدفع ثمنها ولا يحصل عليها.
ويبقى السؤال معلقاً في هواء الريف الممتلئ بأسلاك عشوائية: متى تُعاد خدمة الهاتف إلى مسارها الصحيح؟ ومتى تُسمع شكاوى المشتركين لا بوصفها حالات فردية، بل كنداء جماعي يستحق الاستجابة؟

آخر الأخبار
قطر: الاعتداءات الإسرائيلية على السويداء تهديد خطير لأمن المنطقة شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين يوسف جربوع: نحن مع دولتنا ولا نقبل أي توجه للخارج السعودية تدين استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية "الداخلية": الحكومة تنسق مع وجهاء وأعيان السويداء لفرض الأمن والاستقرار بشكل دائم "صحة درعا" توجه نداء لدعم المستشفيات بالمستلزمات الإسعافية  "الاتصالات والنقل".. تعزيز التحول الرقمي وتطوير البنية التحتية  سوريا: الاعتداءات الإسرائيلية تصعيد خطير وخرق فاضح لمبادئ القانون الدولي   رئاسة الجمهورية: ضرورة التزام كافة الجهات العامة والخاصة بمنع أي شكل من أشكال التجاوز أو الانتهاك  "يداً بيد".. ثلاث سيارات إسعاف بالخدمة بريف حمص واقع مياه الشرب بحمص في اجتماع مجلس المحافظة مشروع رقمي متكامل للأمن والمراقبة في حسياء الصناعية نساء طرطوس يبدعن في المشاريع الصغيرة لمساندة أسرهن محافظ حلب: تعزيز حضور المرأة في ميادين العمل المجتمعي والوطني التحدي النهائي للمسابقة البرمجية ينطلق في جامعتي اللاذقية وطرطوس تمكين طلاب الدراسات من أدوات البحث العلمي وربطه بالواقع الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز ترحب بدخول قوى الأمن والجيش إلى السويداء خريطة تنفيذ محدودة ومصير غامض لحيي الشيخ مقصود والأشرفية بعد الاتفاق مع وجهاء وأعيان المدينة.. "الدفاع" تعلن وقفاً تاماً لإطلاق النار في السويداء تأكيد على الشراكة واستمرار التعاون.. اختتام أعمال اللجنة الأردنية - السورية المشتركة في عمّان تربية القنيطرة تنجز تصحيح 6 مواد بشهادة التعليم الأساسي