الثورة – جهاد اصطيف:
أهدى المواطن مهند مصطفى مديرية الآثار والمتاحف في حلب مجموعة من العملات النقدية الأثرية النادرة، تعود لحضارات متعاقبة، كان قد حصل عليها من أحد تجار السوق السوداء بعد أن رآها تعرض للبيع على وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة لافتة تعبر عن حس وطني عال.
من “دوار الموت” إلى أروقة المتحف
وفي روايته للقصة، قال المواطن مصطفى- حسب بيان رسمي نشرته مديرية الآثار: إنه صادف منشوراً في إحدى مجموعات التواصل الاجتماعي يعرض قطعاً نقدية أثرية للبيع، فأدرك فوراً أهميتها التراثية، وقرر التواصل مع البائع باستخدام حساب مجهول، وأضاف: اتفقنا على موعد التسليم عند مدخل مدينة حلب قرب “دوار الموت”، وبعد أن تسلمت القطع وأديت ثمنها، توجهت فوراً إلى مديرية الآثار وقدمتها كهدية لما لها من قيمة حضارية.
وأكد مصطفى أن ما قام به هو واجب وطني، ودعا كل من يمتلك قطعا أثرية أو يعرف بمكانها أن يتصرف بما يمليه عليه ضميره، ويسلمها للجهات المختصة حماية للإرث الحضاري السوري.
الآثار تثمن المبادرة
مدير الآثار والمتاحف المهندس منير قسقاس ثمن خلال لقائه بالمواطن مصطفى، هذا التصرف النبيل، مشيراً إلى أن القطع سلمت أصولاً، وتم إدخالها إلى سجلات المديرية تمهيداً لعرضها ضمن أقسام المتحف.
وأوضح م. قسقاس أن المديرية كثفت في الآونة الأخيرة جهود التوعية المجتمعية، ولاسيما في أوساط الشباب، بعد تزايد حالات تهريب الآثار وبيعها عبر السوق السوداء ومنصات التواصل، مضيفاً: نواجه تحدياً حقيقياً في حماية إرثنا الحضاري وسط تزايد أنشطة التنقيب غير الشرعي، وغياب الوعي لدى البعض، لكن أمثال المواطن مصطفى يعيدون الأمل، ويؤكدون أن الوعي الوطني لا يزال حاضراً.
إشارات إيجابية
رغم التحديات لا شك أن القيمة الأثرية لهذه العملات لا تتوقف عند قيمتها المادية أو التاريخية فقط، بل في طريقة استردادها- من السوق السوداء إلى المتحف- ما يثبت أنه بالإمكان استعادة الكثير من كنوزنا الضائعة بتكاتف جهود الأفراد والمؤسسات، وكون حلب مدينة تراثية فقدت الكثير من قطعها الأثرية خلال سنوات الحرب، إلا أن مبادرات كهذه تسلط الضوء على إمكانية وقف هذا النزيف من خلال التبليغ والتعاون الشعبي.
وبحسب متابعين، فإن السوق السوداء للقطع الأثرية تنشط عبر تطبيقات التواصل، ويشارك فيها أفراد من مناطق مختلفة، مستخدمين حسابات وهمية أو واجهات بيع لتمرير القطع المسروقة.
وتشير التقديرات إلى أن آلاف القطع خرجت من سوريا خلال سنوات الحرب، بعضها بيع في مزادات عالمية، وأخرى لا تزال مجهولة المصير.
دعوة مفتوحة
أمام ذلك نوجه دعوة عامة لكل من يملك أو يصادف قطعاً أثرية إلى التواصل مع المديرية، لأن الآثار ملك الشعب، وكرامتها من كرامة الوطن، وأن المديرية لن تتخذ أي إجراء قانوني بحق من يسلم القطع طوعاً، بل ستعتبره مساهماً في حماية الهوية السورية، كما هو الحال مع المواطن مهند مصطفى.