الثورة- منهل إبراهيم:
المشروع الذي تقوده إسرائيل في المنطقة، يهدف بشكل واضح لتحقيق الحلم القديم بفرض نفوذ جيوسياسي من الفرات إلى النيل.
وما تفعله إسرائيل اليوم يستهدف مستقبل سوريا أكثر من أي وقت مضى، كما يستهدف جميع دول المنطقة من خلال حلمها بعملية تقسيم، تخدم مصالحها، وستكون النتيجة تعميق الفقر والنزوح وانعدام الأمن للشعب السوري وشعوب الجوار.
وفي هذا السياق اعتبرت صحيفة “حرييت” التركية أن إسرائيل تحاول إذكاء حرب أهلية في سوريا، مشيرة إلى أن مساعدة أنقرة لدمشق لا تروق لتل أبيب.
وقالت الصحيفة: “لذلك، تحرض إسرائيل الدروز في الجنوب وحزب العمال الكردستاني في الشمال والهدف الرئيسي لإسرائيل هو تركيا، إسرائيل لا تريد تركيا التي تعمل بفعالية في سوريا ولبنان، إنها تريد إشعال حرب أهلية وإخراج تركيا من معادلة سوريا”.
ولفتت الصحيفة التركية إلى أن “الهدف الثاني للسياسة الإسرائيلية تجاه تركيا، هو منع نزع سلاح حزب العمال الكردستاني”، موضحة أن “تركيا تدير الأزمات بديناميكية ضد إسرائيل، إنها تعرقل كل خطوة لإسرائيل على الأرض، سينزع حزب العمال الكردستاني سلاحه، وستعود إسرائيل إلى ديارها بهزيمة جديدة”.
وفي سلوك يعكس الرغبة الإسرائيلية في التوسع واصلت إسرائيل بعد سقوط نظام الأسد، قصف الأهداف التي حددتها في الأراضي السورية، كما كانت تفعل سابقا، وشرعت باحتلالَ المناطق منزوعة السلاح والجنود، بموجب “اتفاقية فض الاشتباك” الموقعة بين سوريا وإسرائيل عام 1974، وإنشاءَ نقاط عسكرية في هذه المناطق.
ويؤكد خبراء عسكريون انه يمكن اعتبار إنشاء نقاط عسكرية في الأراضي السورية بعداً جديداً للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد سوريا، بذريعة “الأمن القومي”، بالإضافة إلى ذلك، فإن احتلال إسرائيل جبلَ الشيخ، وتهديدَ بعض المسؤولين الإسرائيليين، مثل الوزير كاتس، الحكومةَ السورية، يكشفان أن إسرائيل ليس لديها نية لتحقيق الأمن في المنطقة، بل تسعى إلى احتلال المزيد من الأراضي السورية.
ويمكن اعتبار الغارات الجوية الإسرائيلية الشاملة لتدمير القدرات العسكرية السورية بالكامل، والتحركات البرية العسكرية لاحتلال أراضيها، بالإضافة إلى سلوكها في جنوب سوريا، والتصريحات التي أدلت بها، خطوات تتخذها حكومة نتنياهو لتقسيم سوريا، ومن أجل تفعيل ما يسمى “ممر داود”.
ووفقا لما نقلته صحيفة “إسرائيل هايوم”، فإن مجلس الوزراء الإسرائيلي بحث خطة لتقسيم سوريا إلى “كانتونات” ذات حكم ذاتي على أسس إثنية وطائفية، مشيرة إلى أن هذه الخطة طرحتها السلطات الإسرائيلية منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول الماضي.
في المقابل، نرى أن الإدارة السورية الجديدة تتوخى الحذر الشديد في خطواتها العسكرية والسياسية، وفي التصريحات التي تدلي بها بشأن أفعال الاحتلال الإسرائيلي، وذلك لحماية سيادة البلاد، وتجنب الدخول في حرب جديدة مع الاحتلال.
وقد صرح السيد الرئيس أحمد الشرع في العديد من المناسبات بأن سوريا لن تتحول إلى منطقة تؤثر سلباً على أمن أي دولة، بما في ذلك إسرائيل، وأن حزب الله وإيران لم يعودا موجودَين في سوريا، وبالتالي لا يوجد مبرر لإسرائيل لشن غارات جوية على سوريا، لذلك، فإن إصرار الإدارة السورية على سياسة الحفاظ على وحدة أراضي البلاد، ورؤية تركيا لممر داود على أنه تهديد لمصالحها الوطنية، يؤثران سلباً على تحقيق حلم إسرائيل.
ومن الثابت أن اعتراف دول المنطقة والدول الغربية بالإدارة السورية الجديدة، ورفع العقوبات الأميركية، ولقاء ترامب مع الرئيس الشرع ، فرمل العديد من خطط إسرائيل تجاه سوريا، وساهم في حل العديد من المشاكل المعقدة.