الثورة- ترجمة هبه علي:
أدت الاشتباكات الأخيرة في السويداء والتدخل العسكري الإسرائيلي اللاحق، إلى إعادة سوريا إلى واجهة السياسة الإقليمية مرة أخرى.
منذ سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول الماضي، أصبح أحد الأسئلة الأكثر إلحاحاً هو ما إذا كانت الإدارة السورية الجديدة ستكون قادرة على تعزيز قاعدتها وسط الانقسامات الإيديولوجية والسياسية العميقة في جميع أنحاء البلاد.
ولكي نفهم التحول السياسي الحالي في سوريا، فمن الضروري أن ندرس كيف سيؤثر الصراع في السويداء وتدخل إسرائيل على تماسك قاعدة دعم الإدارة الجديدة.
بدأ التصعيد الأخير في جنوب سوريا باشتباكات بين ميليشيات درزية وبدوية، مما دفع الجيش السوري إلى التدخل، ثم شنت إسرائيل غارات جوية في دمشق استهدفت منشآت عسكرية حيوية، بما في ذلك مقر الجيش، كما أبلغ عن قصف قرب المجمع الرئاسي.
بعد انسحاب القوات السورية من السويداء، استمرت الاشتباكات بين الجماعات الدرزية والبدوية، مما أدى إلى تعميق الانقسامات وإثارة مخاوف جدية بشأن سلامة المدنيين في المنطقة.
واكتسب الجيش السوري الجديد وحليفته الرئيسية تركيا، خبرة قتالية واسعة على مدى سنوات من الصراع، ولعبا معا دورا حاسما في الإطاحة بنظام الأسد وتقليص نفوذ إيران وروسيا في المنطقة.
إسرائيل، التي ترتكب مجازر في غزة منذ قرابة عامين، تراقب هذه التطورات عن كثب، ويبدو أنها عازمة على استغلال قادة الدروز لزيادة زعزعة استقرار سوريا، وهدفها الرئيسي هو منع ترسيخ الإدارة السورية الجديدة، التي تعتبرها تهديدا، لاسيما في ظل تعاون النظام الوثيق مع تركيا.
وتواجه الإدارة السورية الجديدة تساؤلات حول كيفية تحقيق التوحيد السياسي من خلال سد الفجوة بين التنوع الداخلي لمؤيديها.
ويتجاوز هذا التحدي مهمة دمج جماعات مثل الأكراد- حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) و”قوات سوريا الديمقراطية” (SDF)- والدروز، فالإدارة السورية الجديدة تضم طيفا واسعا من الرؤى الأيديولوجية والسياسية التي يجب إشراكها بفعالية، عسكريا وسياسيا.
أثار استهداف إسرائيل لدمشق قلق جميع مؤيدي الإدارة السورية الجديدة، في حين سهل تعزيز التعاون على المستوى المحلي، كما تجلى في العمليات القبلية الأخيرة، وتسهم هذه الديناميكية في تسهيل الاندماج الداخلي لأنصار النظام.
كما سعت الجماعات الدرزية أيضاً إلى التوسط عبر دمشق، حيث دعا بعض قادتها إلى نزع سلاحهم والاندماج في الإدارة السورية الجديدة، في ضوء التطورات الأخيرة، يبدو أن هؤلاء القادة يكتسبون نفوذا على شخصيات موالية لإسرائيل مثل حكمت الهجري، وإذا نجح اندماج الدروز فسيكون لذلك تداعيات كبيرة على عملية نزع سلاح القوات الكردية.
لقد دفع استهداف إسرائيل لدمشق العديد من مؤيدي الإدارة السورية الجديدة إلى إعطاء الأولوية للرد على التهديدات الخارجية، ومن شأن دمج الجماعات الدرزية في الإدارة المركزية بدمشق أن يسهم في تعزيز الوحدة الوطنية للبلاد، ويعيد تشكيل ديناميكيات القوة الأوسع في جميع أنحاء سوريا.
المصدر- Middle EAST Eye