الثورة – بسام مهدي:
في زمن تتسارع فيه التقنيات لتشكيل ملامح المستقبل، تأتي البطولة الوطنية لعلوم الروبوت “WRO SYRIA 2025” لتضع سوريا على خريطة الابتكار العالمي، وتؤكد أن الاستثمار في العقول الشابة هو الطريق الأقصر نحو اقتصاد المعرفة.
من صالة الجلاء الرياضية في دمشق، انطلقت الجمعة منافسات تجمع “دمشق” بمشاركة 41 فريقاً من عدة محافظات، فاتحة الباب أمام مئات الطلاب لخوض رحلة من البرمجة والتصميم والهندسة، وصولاً إلى التنافس على منصات عالمية.
هذه البطولة ليست مجرد مسابقة، بل هي بيئة تعليمية وتدريبية متكاملة، تدمج بين التعليم النظري والتطبيق العملي، وتمنح الطلبة فرصة لتحويل أفكارهم إلى مشاريع واقعية باستخدام الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
ومع تنوع المسابقات بين “مهام الروبوت” و”مبدعي المستقبل” و”مهندسي المستقبل”، يتسع المجال أمام المشاركين لاستعراض مهاراتهم في البرمجة، والهندسة الميكانيكية، وحل المشكلات، بل وحتى تصميم حلول مستقبلية للمدن والحياة في الفضاء.
البطولة تعكس أيضاً وعياً مؤسسياً بأهمية دمج الأجيال القادمة في سباق الابتكار، وتجعل من سوريا لاعباً فاعلاً في ساحة التنافس التقني، في وقت تتسابق فيه الدول على حجز مكان لها في الثورة الصناعية الرابعة.. وهنا، يتحول الروبوت من أداة تقنية إلى جسر يربط بين طموح الشباب وحاجات المستقبل.
اكتشاف ورعاية المواهب العلمية
تعد إدارة الأولمبياد العلمي السوري في هيئة التميز والإبداع الذراع الوطنية المسؤولة عن اكتشاف ورعاية المواهب العلمية السورية في مجالات متعددة، من الرياضيات والفيزياء والكيمياء، وصولاً إلى علوم الروبوت والذكاء الاصطناعي.. ومن خلال مسابقات محلية ودولية، تعمل الإدارة على تدريب الطلبة وتأهيلهم، عبر برامج متقدمة وموجهة، لتمكينهم من المنافسة في أرقى المحافل العلمية العالمية.. رسالتها الجوهرية تتمثل في بناء جيل من المبدعين قادر على إنتاج المعرفة وتطويع التكنولوجيا لخدمة التنمية الوطنية.
أولمبياد الروبوت العالمي (WRO) 2025 – سنغافورة
يُقام أولمبياد الروبوت العالمي (WRO) 2025 في سنغافورة بين 26 و28 تشرين الثاني المقبل، تحت شعار “مستقبل الروبوتات – The Future of Robots”، جامعاً آلاف المشاركين من مختلف قارات العالم.
هذا الحدث يمثل أكبر منصة عالمية لتبادل الأفكار والحلول المبتكرة في مجالات الروبوتات والتعليم التكنولوجي، حيث يلتقي الطلبة والمهندسون والمبتكرون لتقديم مشاريعهم أمام لجان تحكيم دولية. المشاركة السورية فيه تعني نقل خبرات عالمية إلى الداخل، وتعزيز صورة الكفاءات السورية القادرة على المنافسة في ميادين الابتكار الدولية.
رحلة التأهل نحو العالمية
تُعتبر البطولة الوطنية لعلوم الروبوت حجر الأساس في رحلة التأهل نحو العالمية، فهي تفتح المجال أمام الطلبة من مختلف الأعمار، بدءاً من المرحلة الابتدائية وصولاً إلى الجامعية، لتطوير مهاراتهم في البرمجة، والميكاترونكس.
هذه البطولة ليست مجرد مسابقة، بل مختبر إبداع حيّ، يحفّز العمل الجماعي، ويعزز مهارات التفكير النقدي، ويزرع الثقة في قدرة الشباب السوري على إيجاد حلول تكنولوجية مبتكرة. وإلى جانب ذلك، تشكل منصة للتواصل بين الطلبة والمدربين والخبراء، ما يخلق شبكة وطنية للابتكار والبحث العلمي.
بين الحماسة التي تملأ صالات المنافسة، والدقة التي يتعامل بها الطلاب مع برمجياتهم وأجهزتهم، تتجلى صورة سوريا الطامحة نحو المستقبل. بطولة علوم الروبوت الوطنية ليست فقط حدثاً رياضياً علمياً، بل هي رسالة واضحة بأن بناء الوطن يبدأ من بناء العقل. وفي زمن تتغير فيه معايير القوة، لن يكون السلاح الأقوى سوى المعرفة، ولن يكون الاستثمار الأجدى سوى في جيل قادر على تحويل التكنولوجيا من مجرد أدوات إلى حلول تصنع الفارق.