الثورة – سهى درويش:
تُعدّ المشاريع التنموية والاستثمارية من أهم أدوات النهوض الاقتصادي بواقعنا، إذ تُسهم في تحقيق النمو، وتوفير فرص العمل، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وإن الاعتماد على هذه المشاريع أصبح ضرورة استراتيجية وليس خياراً، وتحديداً في مدينة اللاذقية التي تتوفر فيها الشروط الكافية للنهوض بواقع المحافظة.
وإن العمل على تنشيط المشاريع فيها، يلعب دوراً حيوياً في التأسيس لاقتصاد مستدام ناجح، ناهيك بدور المشاريع التنموية في تحفيز عجلة النمو عبر تطوير البنى التحتية الأساسية كشبكات الطرق، والمرافئ، والطاقة، والمياه، كما تُتيح تلك المشاريع، المحلية منها والأجنبية، تنويع مصادر الدخل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.
فرص استثمارية
رئيس الوحدات الإدارية في محافظة اللاذقية علي عاصي أشار في حديث لـ”الثورة” إلى أن هناك خططاً مستقبلية لمشاريع استثمارية، لاتزال تُدرس مع وزارة السياحة، تتلاءم مع جذب أفضل الاستثمارات إلى مدينة اللاذقية، وبالتعاون والتنسيق معها تم طرح مناطق (٤،٣،١) على الكورنيش الجنوبي للاستثمار السياحي.
ولفت إلى أن مجلس مدينة اللاذقية يهدف من خلال طرح مواقع الاستثمار الموسمي، أو من خلال تعديل بدلات الاستثمار لعدد من المطاعم والمناطق السياحية، إلى جلب إيرادات لخزينة المجلس لتغطية النفقات اللازمة، وتحقيق أفضل الخدمات للمحافظة، وخاصة من ناحية تزفيت الشوارع، وإنارة الطرقات.
إشغال موسمي
وأضاف عاصي: تم طرح عدد من القطع للإشغال الموسمي في كل من الكورنيش الجنوبي والشاطئ الأزرق ، كما قدم المجلس رؤية جديدة للأكشاك، عن طريق إزالة جميع الأكشاك القديمة والمخالفة، وتم طرح ١٥٠ كشكاً برؤية بصرية جميلة وجديدة، ونموذج محدد وبمزادات علنية.
لافتاً إلى أن هذه الفرص الاستثمارية هامة لتشغيل عدد كبير من الشباب واليد العاملة، والحد من البطالة والنهوض بواقع المدينة، بما يتلاءم مع طموحات المواطنين في الوصول لأفضل واقع خدمي لمدينتهم.
وعن أهمية المشاريع التنموية في إعادة الإعمار والاقتصاد في اللاذقية، بين رئيس قسم إدارة الأعمال في كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية الدكتور بسام حسن زاهر في حديث لـ”الثورة “، أن مرحلة إعادة الأعمار تعد فرصة لإعادة تخطيط المدن وتوجيه الاستثمارات وبناء نموذج اقتصادي، يتصف بالاستدامة والشمولية.
ضرورة التنسيق
وأشار د. زاهر إلى أن مرحلة إعادة الإعمار لا تقتصر على إعادة تأهيل المباني والبنية التحتية، وإنما تمثل فرصة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتحقيق الحوكمة الرشيدة وتحديث القوانين والتشريعات وجذب الاستثمارات الدولية، وتوفير بيئة عمل ملائمة لريادة الأعمال والمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
وهنا تبرز ضرورة التعاون والتنسيق بين جميع الجهات الحكومية والخاصة في الدولة.
وأوضح د. زاهر أن المشاريع التنموية ضرورة هامة في مرحلة إعادة الإعمار، حيث يتمثل دورها في بناء القدرات البشرية والمؤسسية وتحسين وتطوير قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات، ودعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر.
ولفت إلى دور المساعدات الدولية الهام في مرحلة إعادة الإعمار، حيث تشمل المساعدات الدولية: الدعم المالي المباشر، والدعم التقني وتبادل الخبرات، وتنفيذ مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة، وتعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد.
وأشار إلى أن على الحكومة تنشيط الاقتصاد، وتوفير فرص عمل من خلال الاستثمار في البنية التحتية والتنمية الاجتماعية، ويتم ذلك من خلال دعم الزراعة وتوفير مياه الري ودعم المزارعين مادياً ومعنوياً، بالإضافة لدعم قطاعات البناء والتشييد، والسياحة والصناعة والنقل، ودعم المبادرات المحلية والمجتمعية.
وكذلك إعطاء أولوية كبيرة لمكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تحسين الدخل وتوفير فرص عمل جديدة، ومعالجة مشكلة السكن العشوائي، وتوفير خدمات التعليم والرعاية الصحية بشكل فعال، وتمكين الفئات الفقيرة من تأمين فرص عمل ودخل ثابت، وإعطاء معونة اجتماعية للعاطلين عن العمل وفق أسس علمية، مشدداً على ضرورة الاهتمام بالإصلاح والتطوير الإداري، وتصحيح هيكل الرواتب والأجور ونظام الضرائب.
مشروع “مرسى شمس” نموذجاً
حظيت محافظة اللاذقية مؤخراً بتوقيع مذكرة تفاهم لإطلاق مشروع سياحي كبير يحمل اسم “مرسى شمس”، بتكلفة تقدر بنحو ١٥٠ مليون دولار أميركي، وذلك ضمن جهود تعزيز التنمية في الساحل السوري، ويعتبر هذا المشروع من بين مشاريع استثمارية كبيرة عدة، تم توقيعها خلال فعاليات المنتدى الاستثماري السوري-السعودي، بإجمالي استثمارات بلغ ١٤ مليار دولار، تشمل مشاريع في مختلف المحافظات.
ويتضمن المشروع إقامة فندق فاخر من فئة خمس نجوم، بالإضافة إلى مجموعة من المطاعم ومرافق ترفيهية واسعة على الواجهة البحرية، ويعتبر خطوة لإعادة اللاذقية إلى مكانتها كوجهة سياحية واقتصادية بارزة على البحر المتوسط، مع فتح آفاق جديدة للاستثمارات وتوفير فرص عمل للشباب السوري.
مشاريع تنموية ومساعدات دولية
كما برزت المبادرات المجتمعية في محافظة اللاذقية، منها حملة “اللاذقية نحن أهلها”، وهي مبادرة مجتمعية “حكومية-محلية” تهدف إلى تحسين الخدمات العامة، مثل أعمال الإنارة بالطاقة الشمسية وتركيب شبكة إنارة بطول ١٥٠٠ متر حول دوار الزراعة وأنفاق المدينة لتعزيز السلامة والمظهر الحضاري .
كما شملت المبادرة ترميم الحدائق، وتقديم برامج تعليمية وتدريبية عبر تعاون مع مؤسسات أهلية وحكومية.. وبالتعاون مع اليونيسيف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، نفذت الشركة العامة للصرف الصحي تسهيلات تصريف مطري، مثل تركيب مصبات وشبكات تصريف بطول كبير لتفادي الفيضانات في مناطق استراتيجية، مثل كورنيش اللاذقية، دوار عدن، وكانت هناك مساعدات إنسانية، تم تقديمها لضحايا حرائق الغابات في اللاذقية، بالتنسيق مع الهلال الأحمر.. كما وقّعت الحكومة السورية عقداً مع الشركة الفرنسية CMA CGM لإعادة تأهيل ميناء اللاذقية، الذي يعتبر من المرافق الاقتصادية الحيوية الهامة في الناتج الاقتصادي.
لنا كلمة..
ترتبط المشاريع التنموية الحديثة بمفاهيم الاستدامة، ولا يمكن الحديث عن نهضة اقتصادية من دون وجود مشاريع تنموية واستثمارية حقيقية تُدار بكفاءة وشفافية، فهي الركيزة الأساسية لتحقيق النمو المستدام، وبناء مستقبل اقتصادي مزدهر يرتكز على الإنتاجية، والانفتاح على العالم ، وتنفيذ المشاريع التنموية الفعّالة، ما يعكس بيئة استثمارية مستقرة ومشجّعة، الأمر الذي يجذب رؤوس الأموال الأجنبية والعربية، ويعزز الشراكات مع الشركات العالمية، ويسهم في نقل التكنولوجيا وتوطينها محلياً.