الثورة – غصون سليمان:
يواجه الأطفال المعوقون سمعياً مشكلات عدة بشكل عام لهم ولذويهم، إلا أن تطور العلوم والتقنية استطاع أن يحل العديد من هذه المعضلة من خلال التعليم بواسطة الحاسوب، إذ يستفيد الطلاب الصمّ خلال عملية تعليمهم من مختلف الأجهزة الإلكترونية سواء الفيديو أم الشرائح أم السينما، والمخبر اللغوي، ولكن الاستفادة بشكل خاص تتضح من خلال تفاعلهم مع الحاسوب لطالما يؤدي الحاسوب دوراً رائعاً كجهاز تعليمي مرسل ومستقبل، ويساعد على تحقيق التغذية الراجعة تلقائياً.
إضافة إلى أنه يمثل جانباً مهماً من التكنولوجيا التعليمية، فالطفل الأصمّ بحاجه إلى استخدام الحاسوب كوسيلة تعليمية، كونها تساعده على تعليم القراءة والكتابة والنطق، ولغة الإشارة مع التعزيز الدائم وتصحيح النطق والكلام، وعيوب الصوت والنغمات والإيقاع بواسطة التغذية الراجعة من خلال التعامل معهم.
هذا ما أكده الدكتور آذار عبد اللطيف- الأستاذ بقسم التربية الخاصة- كلية التربية- جامعة دمشق، من خلال بحثه المعمق في تدريب وتعليم المعوقين سمعياً في المدارس العادية، وبين أنه يمكن استخدام الحاسوب من قبل الأصمّ بشكل ذاتي ومستقل، إضافة إلى قيام الحاسوب بقياس السمع، ولاسيما أن الحاسوب عبارة عن آلة تصلح لتعليم الأصم باستخدام الصور والرسوم، بسبب توافر مختلف البرامج التعليمية والتثقيفية والترفيهية المناسبة لهم، لافتاً كيف ساهم تطور الحواسيب الإلكترونية بتحليل النصوص وتحليل الإشارة الكلامية، وتم التوصل إلى نظم للتعرف على الكلام المحكي وفهمه، ونظم أخرى لتركيب الكلام من نصوص مكتوبة، باعتماد نظام “ابتون upton” لتزويد الأصم بنظام الكلام عن طريق عينيه وإصدار الكلام عن طريق يديه، إضافة إلى نظام “اي بي م EBM” الذي يعمل على تحليل الكلام لمساعدة الصم في عملية التعلم واستقبال المعلومات.
دور المعلم المختص
وفي هذا الجانب يشير الدكتور عبد اللطيف إلى أهمية دور المعلم المختص ونجاحه في عمله بالدرجة الأولى على مدى استعداده للتعامل مع هذه الفئة كونه مؤهلاً وخاضعاً لدورات تدريبية وتأهيلية خاصة.
ولضمان نجاح المعلم في أدائه لا بدّ من توافر عدة شروط، منها أن يمتلك المعلم الرغبة في العمل مع المعوقين سمعياً وتقبلهم، وكذلك المهارة في تدريب المعوق سمعياً على المهارات الأساسية التعليمية والشخصية، بمعنى أن يمتلك المقدرة على تعليم المعوق سمعياً، والإشراف عليه خطوة بخطوة، إلى جانب القدرة على التفاعل معه سمعياً، وأن يكون ملماً بأساليب وطرق تعليم هذه الشريحة، وبذات الوقت لديه القدرة على تعديل الأنماط السلوكية لدى هذه الفئة، والخبرة في استخدام التقنيات التعليمية المساعدة في تعليم المعوقين سمعياً.
منهج واضح ودقيق
الدكتورعبد اللطيف نوه بضرورة أن يكون المعلم متمتعاً بروح التواضع وحبّ التعليم والاستفادة من تجارب الآخرين، وأن يأخذ المعلم بعين الاعتبار النقاط الآتية أثناء إعداد وتطوير المناهج الدراسية بما يتلاءم وحاجات هذه الفئة، بمعنى أن تكون أهداف المنهج واضحة ودقيقة، وأن تكون موضوعات المنهج وثيقة الصلة بالحياة اليومية للمعوقين سمعياً، وأن تنمي موضوعات المنهج المعارف والمهارات الوظيفية المرتبطة بحياة المعوق سمعياً، بحيث تتنوع النشاطات بتنوع البيئات التي يعيش فيها، والحياة التي يعدون لها.
أن تراعي موضوعات المنهج ونشاطه طبيعة الإعاقة السمعية والاستعدادات والاحتياجات الخاصة للطالب الأصم أو ضعيف السمع في المرحلة النمائية التي يمر بها..
وبالتالي لابدّ أن يتسم المنهج بالترابط والتكامل من صف دراسي إلى آخر ومن مادة إلى أخرى في الصف الدراسي نفسه.
كذلك لابدّ من تنظيم محتوى المنهاج وتقسيمه إلى وحدات دراسية متسلسلة- حسب رأيه- لتسهيل حدوث التعليم، وأن يتسم المنهج بالتكامل والتوازن بين الجوانب العلمية والنظرية والمعرفية والوجدانية والممارسة.
وأكد د. عبد اللطيف على ضرورة أن يعتمد المنهج على استراتيجيات تدريسية متنوعة ومناسبة لأهدافه ومحتواه من جهة، وملائمة لطبيعة الإعاقة السمعية من جهة أخرى، لافتاً إلى ضرورة توظيف الوسائل التعليمية والتكنولوجية والأجهزة السمعية، عند تقديم محتوى المنهج، كي يغدو التعليم أكثراستثارة ومتعة، إذ لابدّ من تفريد التدريس تبعاً لاستعدادات الطفل السمعية والعقلية والمعرفية والخصائص النفسية والاجتماعية للمعوقين سمعياً واحتياجاتهم الخاصة، من خلال مشاركتهم بالنشاطات المدرسية المختلفة، كالمعسكرات والزيارات والرحلات، وأن يكون أعضاء في فريق النشاط الفني والرياضي والثقافي.
وأضاف: من الأهمية بمكان أن يسهم المنهج في تنمية الرصيد والحصيلة اللغوية أو المهارات التواصلية لدى المعوق سمعياً، وكذلك مهاراته الاجتماعية لمساعدته في تحقيق التفاعل المنشود مع الآخرين، ومع محيطه وبيئته، بحيث يراعي المنهج دافعية المعوق سمعياً إلى التعلم باستمرار.
المثيرات البيئية
ومما ذكره أنه لابدّ من تعديل في المنهج بما يسهم في زيادة فرص التفاعل بين المعوق سمعياً والمثيرات البيئية التي يعيش فيها ومكوناتها المادية والاجتماعية أثناء عملية التدريس، لافتاً إلى أنه لن يتمكن أي معلم إن كان مختصاً من تحقيق النقاط الآنفة الذكر، وأن يحقق أي تقدّم مع المعوق سمعياً ما لم تكن الصفوف الدراسية معدّة بشكل ملائم جداً يتناسب مع متطلبات المعوقين سمعياً التعليمية والتعلمية على السواء.
إذ إن الفصل الدراسي هو البيئة الحقيقية التي يحدث فيها التعلم المباشر داخل نطاق المدرسة، لذا من الأنسب إعداده وتنظيمه بما يتناسب مع حاجات المعوقين سمعياً.
أهم الشروط
الدكتور عبد اللطيف أكد على أهم الشروط الواجب أخذها بعين الاعتبار لتساعد المعلم في تحقيق أهداف منهجه، وهي أن تكون مساحة الفصل الدراسي كافية بما يمكن المعلم من تعديل وتغيير المقاعد الدراسية بطريقة تسمح لكلّ الطلبة بما فيه من معوقين سمعياً، من رؤية وجهه وحركاته وإشاراته بوضوح، كي يقلل من أثر الضوضاء الخارجية التي تعوق سماع الصوت بوضوح أيضاً، وخاصة الفصول الدراسية التي فيها طلاب يستخدمون المعينات السمعية، إذ يفضل أن تكون تلك الفصول في أهدأ مكان في المدرسة، وأن تكون الإضاءة في الفصل الدراسي جيدة جداً حتى يتسنى للجميع رؤية وجه المعلم وإيماءاته وحركاته بوضوح وتزويد الفصل الدراسي بالوسائل التعليمية اللازمة للتدريس ووضعها بطرق يسهل من خلالها إعادة استعمالها، مع تزويد الفصل الدراسي بالوسائل التعليمية اللازمة للتدريس ووضعها بطرق يسهل من خلالها إعادة استعمالها.
كنا دعا إلى تزويد الفصل الدراسي بمرآة طويلة تعلق على الحائط ومرآة صغيرة مثبته على مقعد الطفل الطالب المعوق سمعياً ليشاهد حركه شفاهه ومخارج الألفاظ والأحرف سواء بمساعدة المعلم، أم بالتعلم الذاتي والتغذية الراجعة الذاتية، ناهيك عن تجهيز الفصل الدراسي بالأجهزة السمعية، كالسماعات ومقويات الصوت الفردية والجماعية اللازمة.