الثورة – لانا الهادي:
في الدورة الـ62 لمعرض دمشق الدولي، برزت مشاركة المدينة الصناعية الأولى في الباب كعلامة فارقة في المشهد الاقتصادي السوري، ليس فقط من حيث الحضور، بل من حيث الرسائل العميقة التي حملتها هذه المشاركة، كونها الأولى بعد التحرير وفق ما أكده مصطفى نعمة مدير مكتب المؤسس للمدينة.
وقال نعمة في تصريح خاص: إن معرض دمشق الدولي ليس وليد اليوم، بل هو ركيزة من ركائز الاقتصاد السوري، ولكن مشاركتنا هذه المرة مختلفة، لأنها تأتي بعد التحرير، بروح جديدة، وسط أجواء من الحرية والابتسامة التي لطالما حلمنا بها حيث شهدنا لقاءات عربية وأجنبية هامة، تؤكد أن سوريا تعود إلى الخارطة الاقتصادية بقوة.
تأسست تحت الحصار.. وتحولت إلى إعجاز
تأسست المدينة الصناعية الأولى في الباب عام 2017، وسط ظروف استثنائية كان فيها شمال سوريا يستقبل آلاف المهجّرين من مختلف أنحاء البلاد، والذين جلبوا معهم خبراتهم وكفاءاتهم، ما شكّل بيئة خصبة لانطلاقة صناعية رغم كلّ العوائق ، حيث ذكر نعمة أنهم كانوا يواجهون حصاراً خانقاً، ولم تكن الضرائب مشكلتهم بل كان الحصار يمنعهم من العمل على مدار 24 ساعة حيث اضطروا للعمل 8 ساعات يومياً فقط، ما أثر على القدرة الإنتاجية ورفع تكاليف التصدير نتيجة الحواجز والجمارك، بحسب قوله.
أرقام تروي قصّة النجاح
أوضح نعمة أن المدينة توفر أكثر من 3آلاف فرصة عمل متوفرة حالياً مع وجود 96 معملاً فعّالاً، بالإضافة إلى 86 معملاً قيد الإنشاء كما تمّ بيع 328 مقسماً من أصل 400 وتبلغ مساحة المدينة 600ألف متر مربع، وتشمل صناعات متنوعة منها النسيجية، دوائية، كيميائية، تحويلية، هندسية، وغذائية، وتتميز بموقع استراتيجي حيث تبعد 5 كم عن مدينة الباب، و25 كم عن معبر الراعي الحدودي، ما يجعلها حلقة وصل بين الأسواق المحلية والدولية.
نعمة أن هذا ليس إنجازاً فقط، بل إعجاز بكلّ معنى الكلمة خلال 5 سنوات، ورغم القصف، تمّ إنشاء 90 معملاً القذائف كانت تسقط، والمعامل تُبنى و هذه رسالة للعالم بذاتها أن السوري لا يتوقف عن العمل مهما كانت الظروف.
آمال معلّقة على دعم حكومي حقيقي
وطالب نعمة الحكومة الجديدة بتبسيط الإجراءات وتوفير الدعم الحقيقي للصناعيين، مؤكداً أن دعم القطاع الصناعي هو بمثابة دعم لسوريا كلها، مبينا أنهم التقوا بعدد من المسؤولين الحكوميين الذين زاروا المدينة واطلعوا على واقعها ووصفوها بالمعجزة، وهذا التوصيف حقيقي مؤكداً إلى أنهم بحاجة إلى استكمال هذا الدعم بخطط واضحة تعزز قدراتنا التصديرية والإنتاجية.
نموذج للإعمار والتنمية
تقتصر أهمية المدينة الصناعية الأولى في الباب على دورها الاقتصادي فحسب، بل تشكّل نموذجاً فعلياً لإعادة الإعمار بإرادة محلية،فوسط الدمار والتحديات، تولد المشاريع، وتُبنى المعامل، وتتحرك عجلة الإنتاج.
واختتم نعمة حديثه أن الهدف من المدينة ليس فقط التصدير، بل تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتحويل المدينة إلى محرك رئيسي للتنمية في شمال سوريا.
المدينة الصناعية الأولى في الباب ليست مشروعاً اقتصادياً فحسب، بل هي قصة صمود وإرادة، ولبنة حقيقية في إعادة بناء سوريا الجديدة، بسواعد أبنائها.