الثورة – هناء ديب:
لم تفلح كل دعوات الباعة المترافقة بعبارات تتحدث عن حلاوة الفاكهة، أو جودة الخضراوات المعروضة بشكل مرتب وملفت، في استقطاب المارين في سوق باب السريجة في دمشق السوق الذي يستقطب شرائح مختلفة من المستهلكين لتنوع منتجاته وأسعاره المقبولة مقارنة بأسعار محال المفرق في مناطق وأحياء وضواحي بدمشق وريفها، ولكن كما يقول أبو عدنان بائع الخضرة المعروف بصوته المنادي لأجود المنتجات لديه الخيرات كثيرة ولكن “ما في مصاري” بجيوب الناس.
تأكل الدخل
خلال جولة “الثورة” في سوق باب السريجة لم نتكبد عناء البحث والتقصي لنعرف أن خيرات البلد كثيرة وغنية وبأحسن الأصناف ولكن كما يقال في الأمثال “الجمل بليرة وما في ليرة في جيب المواطن” إذ ارتفعت أسعار الخضار والفواكه والمنتجات الاستهلاكية بشكل كبير بعد زيادة الرواتب الأخيرة وسجلت ارتفاعاً أكبر ولافت خلال الأيام الأخيرة من الشهر الماضي مترافقة مع تراجع القدرة الشرائية لأصحاب الرواتب الحكومية وعدم قدرة تحويلات المغتربين لأهاليهم مواكبة هذا الارتفاع فالمليون ليرة التي كانت تؤمن مونة أسبوعين تقريباً للأسرة لم تعد تكفي أسبوعاً واحداً خاصة مع دخولنا في موسم تحضير المونة المعروفة لدى غالبية الأسر السورية من مكدوس وزيتون وتلبية مستلزمات قرب افتتاح المدارس والجامعات، كل ذلك بات يتطلب موازنة مضاعفة هي حتماً غير متاحة لدى غالبية المواطنين مع تآكل الدخل الكبير وتراجع القدرة الشرائية مع الزيادة الكبيرة بالأسعار.
الأسعار تحلق
يعرف عن سوق باب السريجة بأنه بين المتوسط إلى منخفض الأسعار لذلك يعتبر قبلة للمستهلين في دمشق وحتى من المناطق المحيطة بها ولكن خلال جولتنا بالسوق كان واضحاً أن أسعار مختلف أنواع الخضار والفواكه مرتفعة عن فترات سابقة فكيلو البندورة نوع جيد بـ8 آلاف ليرة والبندورة الكرزية بـ 10 آلاف ليرة وكيلو البطاطا بـ 7.5 آلاف ليرة والملوخية الخضراء سجلت 18 ألف ليرة والبامياء المقمعة بـ 25 ألف ليرة وكيلو الذرة المفروطة والذي يدخل لدى البعض ضمن المونة بـ 10 آلاف ليرة وكيلو ورق العنب الفرنسي بـ 25 ألف ليرة والخيار بـ 8 آلاف ليرة وكيلو التين البعل بـ 22 ألف ليرة والأجاص بـ 15 ألف ليرة والعنب الديراني الكيلو بـ 12 ألف ليرة والعنب الحلواني بـ 15 ألف ليرة وكيلو الكيوي المتوفر حالياً بـ50 ألف ليرة الكيلو وكيلو البطيخ الأحمر بـ 4000 آلاف ليرة والخوخ الأسود العسلي بـ 15 ألف ليرة وكيلو الكوسا بـ 15 ألف ليرة والدراق بـ 14 ألف ليرة.
أسعار خمس نجوم في الضواحي
بعيداً قليلاً عن سوق باب السريجة في الضواحي القريبة من دمشق ومنها ضاحية الشام في حرستا ترتفع بورصة الأسعار بشكل كبير ويعدها سكان الضاحية وغالبيتهم من العاملين بالدولة وأصحاب الدخول المحدودة، وحتى أصحاب المهن الحرة أنها أسعار خمس نجوم بحجة عملية النقل للضاحية التي تزيد من التكاليف وعليه يعلم أصحاب المحلات أن سكان الضاحية سيشترون من عندهم حكماً لأن جلب الخضار من أسواق دمشق سيكبدهم عناء حملها لمسافة طويلة تذهب فرق السعر بين السوق الشعبي والضاحية.
وبمقارنة بسيطة سجل سعر كيلو البطاطا 8 آلاف ليرة والتفاح الأخضر صغير الحجم 10 آلاف ليرة والتفاح المسمى سفن آب 25 ألف ليرة والخيار البلدي 8 آلاف ليرة والتين بين 23 و25 ألف ليرة والملوخية الخضراء 22 ألف ليرة وورق العنب الفرنسي 38 ألف ليرة والبامياء المقمعة 28 ألف ليرة. وطبعاً تزدهر بالضواحي فكرة تحضير الخضار لتكون جاهزة للطبخ كلف ورق العنب وحفر الكوسا والباذنجان وتقميع البامية وتقطيع البقدونس وغيرها وكل ذلك يزيد من سعر المادة للضعف أحياناً.
أولويات الشراء
منظر الخضار والفواكه والمكسرات والمخللات والزيتون وغيرها يثير دون شك المارة ولكن بأغلب الأحيان للفرجة أكثر منه للشراء كما يتحدث أبو مؤيد وهو موظف بوزارة النقل قائلاً: من المحزن أن ترى كل هذا الخير ولا تتمكن من شراء أهم مستلزمات مائدتك اليومية جراء ارتفاع الأسعار بشكل كبير وكأن المنتجين وأصحاب المحال التجارية يسابقون المواطن في استنزاف دخله المتواضع حتى بعد الزيادة فهم دائماً المستفيد الأول من أي زيادة.
سميرة محمد ربة أسرة زوجها موظف ولديها شاب مغترب في الإمارات توضح أن الحوالة التي يرسلها ابنها شهرياً بالكاد تكفي مع راتب زوجها لسد أبسط أولويات المواد الأساسية وتراجعت قيمة مشترياتها للنصف خلال الفترة الأخيرة بعد ارتفاع الأسعار الذي سبق زيادة الرواتب مضيفة: تخيلي الكيس الذي أحمله ويتضمن فقط الخضار والرز والشعيرية والزيت النباتي وهي لتحضير طبخة اليوم تجاوز الـ 100 ألف ليرة.
زهير حداد موظف يقول: تغيرت الكثير من عاداتنا الاستهلاكية رغماً عنا جراء قلة السيولة وضعف الدخل حتى بعد زيادة الرواتب التي تفاءلنا بها ولكنها تأكلت بالأسواق فوراً بعد الارتفاع الجنوني بالأسعار فبدلاً من أن نشتري بالكيلو مثلاً للفواكه أصبحت أخذ حبات بعدد أفراد أسرتي ونحن 4 أشخاص فاليوم نحسب بالحبة، كيلو البندورة الجيدة وصل إلى 7 آلاف ليرة والدراق بـ15ألف ليرة سورية هذه أسعار لا يحتملها راتب موظف حتى بعد الزيادة.
تخوف من فقدان الزيادة النوعية
بعد كلام وزير المالية عن زيادة الرواتب، وأنها ستتم على ثلاث مراحل، ضمن خطة إصلاح متكاملة لمنظومة الأجور في القطاعين العام والخاص، وأن المرحلة الأولى تمثلت في زيادة بنسبة 200 بالمئة، وأن المرحلة الثانية، ستكون عبر زيادات نوعية تستهدف مجموعات محددة من القطاعات، وفقاً لأولويات اقتصادية واجتماعية يجري العمل عليها، يتخوف العديد من العاملين بالدولة من أن لا تشملهم تلك الزيادة رغم الحاجة الماسة لها في ظل قلة السيولة والتراجع الكبير بالقدرة الشرائية مقابل موجات متتالية من ارتفاع الأسعار للمواد والسلع الغذائية والاستهلاكية والخدمات تتطلب أن تشمل أي زيادة مقترحة جميع العاملين.