دمشق تودع اليوم معرضها.. وتستعيد نبضها الاقتصادي بصفحة جديدة من الانفتاح  

الثورة_ مها دياب

مساء اليوم تستعد دمشق لاختتام الدورة الثانية والستين من معرضها الدولي، بعد أيام حافلة بالحراك الاقتصادي والثقافي والاجتماعي.

المعرض الذي انطلق في السابع والعشرين تحول الى منصة وطنية ودولية جمعت مئات الشركات من عشرات الدول، وشهد حضوراً جماهيرياً كثيفاً ومشاركات نوعية من مؤسسات عربية واقليمية، في مشهد يعكس رغبة سوريا في استعادة موقعها الاقليمي بثقة وثبات.

الحدث الذي امتد لأيام متتالية أعاد الى العاصمة وهجها، وإلى السوريين شعورا متجددا بالأمل والانفتاح، وفتح نوافذ جديدة نحو الاستثمار والتعاون، فقد تحولت مدينة المعارض الى مساحة نابضة بالحياة، جمعت بين الاقتصاد والثقافة، وبين الحرف والتراث، وبين التكنولوجيا والطموح، في لوحة تعكس ملامح سوريا الجديدة.

تنظيم متكامل

الإعلامي علي رسلان يقول: منذ اللحظات الأولى لانطلاق المعرض بدا واضحاً حجم الجهد المبذول في التنظيم والتنسيق، مدينة المعارض في دمشق تحولت إلى خلية نحل حيث توزعت الأجنحة على قطاعات متنوعة تشمل الصناعة والتكنولوجيا والزراعة والسياحة والثقافة والإعمار.

والخدمات اللوجستية كانت حاضرة بقوة من النقل المجاني إلى تجهيز المرافق الخدمية إلى جانب خطة أمنية محكمة وفرت بيئة آمنة ومريحة للزوار.

وحتى في الأيام الأخيرة بقيت الحركة سلسة والفعاليات مستمرة حتى ساعات الليل ما عزز من تجربة الزوار والمشاركين على حد سواء.

حضور جماهيري كثيف يعكس التعافي الشعبي

و أكد أن الإقبال الجماهيري فاق التوقعات حيث توافد عشرات الآلاف يوميا من مختلف المحافظات السورية. والعائلات جاءت لتعيش لحظة فرح وسط أجواء المعرض والشباب تفاعلوا مع الفعاليات الترفيهية والثقافية فيما وجد رجال الأعمال والمهنيون في المعرض فرصة للتواصل وبناء علاقات جديدة.

و أضاف إن المشهد الجماهيري يعكس الرغبة الشعبية في العودة إلى الحياة والانخراط في مسارات التنمية والانفتاح.

مشاركة دولية واسعة ورسائل تعاون

و بين رسلان أن  هذه الدورة تميزت بمشاركة دولية واسعة حيث حضرت شركات ومؤسسات من دول عربية و دولية قدمت عروضاً متنوعة في مجالات البناء والطاقة والتكنولوجيا والتجارة والخدمات.

وإن هذه المشاركة حملت رسائل واضحة لإحتضان سوريا بعد التحريروكسر العزلة من أجل عودة سوريا إلى محيطها الاقتصادي.

وأوضح رسلان أن العديد من الشركات المشاركة عرضت نماذج متقدمة من منتجاتها وأبدت استعدادها للدخول في شراكات طويلة الأمد خاصة في ظل التسهيلات الجديدة التي توفرها البيئة الاستثمارية السورية.

الجناح السعودي حضور نوعي ورؤية استثمارية واضحة

وأكد على أن الجناح السعودي كان من أبرز الأجنحة المشاركة حيث ضم شركات متخصصة في مجالات الإعمار والطاقة والإكساء قدمت نماذج متقدمة من تقنيات البناء الذكي والعزل الحراري وحلول الطاقة المستدامة.

و الحضور السعودي حمل رؤية واضحة نحو شراكة استراتيجية طويلة الأمد مع السوق السورية.

كما شاهدنا كيف عرضت الشركات السعودية منتجاتها ضمن أجنحة أنيقة وشاركت في لقاءات مع رجال أعمال سوريين ناقشت خلالها فرص التعاون في مشاريع البنية التحتية والطاقة والإسكان، كما أن الجناح  شكل نقطة جذب للزوار الذين تفاعلوا مع العروض التقنية والمواد الترويجية التي عكست جدية المشاركة.

وأضاف الرسالة كانت واضحة من خلال اختيار شعار “نشبه بعضنا” فالسعودية ترى في سوريا شريكا اقتصاديا واعدا وتسعى إلى أن تكون جزء من مرحلة إعادة البناء من خلال استثمارات نوعية ومشاريع تنموية مشتركة.

الجناح التركي كرم الضيافة وروح التعاون

وأشاد الإعلامي  رسلان بالحيوية اللافتة التي تميز بها الجناح التركي، معتبرا أنه من أكثر الأجنحة تفاعلاً وتأثيرا في المعرض. وقال رسلان:

“الجناح التركي لم يكن مجرد مساحة عرض، بل كان تجربة متكاملة جمعت بين الضيافة والابتكار، وأرسى نموذجا للتواصل الثقافي والاقتصادي.”

وأوضح أن الشركات التركية أظهرت روحا عالية من الانفتاح وكرما واضحا في استقبال الزوار، حيث قُدمت القهوة التركية والحلويات التقليدية، إلى جانب هدايا رمزية، في مشهد يعكس رغبة حقيقية في بناء جسور الثقة بين الشعبين.

وأضاف  أن ممثلي الشركات التركية كانوا حريصين على شرح تفاصيل المنتجات وتقديم عروض خاصة للسوق السورية، شملت تخفيضات وتسهيلات في التوريد والتدريب، مما يعكس استعداد تركيا لتكون شريكًا فاعلًا في مرحلة إعادة البناء.

و إن الجناح التركي تحول إلى منصة نابضة بالحياة، تعكس الروابط التاريخية والاجتماعية بين سوريا وتركيا، وتؤكد أن الاقتصاد يمكن أن يكون جسرا حقيقيا نحو المصالحة والتنمية المشتركة..

تقنيات الذكاء الصناعي تدخل البيوت السورية

و تحدث عن الحضور المميز لتقنيات الذكاء الصناعي المنزلي، حيث عرضت شركات سورية وعربية أنظمة متطورة تتيح التحكم الكامل بالمنزل عبر تطبيقات ذكية تشمل الإضاءة، التكييف، الأمن، وإدارة الطاقة. وقد تفاعل الزوار مع عروض حية لهذه الأنظمة التي تمثل نقلة نوعية في أسلوب الحياة داخل المنازل السورية، وتفتح الباب أمام سوق واعدة في مجال التكنولوجيا المنزلية.

و أضاف رسلان قائلا: ما رأيناه في المعرض من حلول الذكاء الصناعي المنزلي يؤكد أن سوريا بدأت تخطو بثقة نحو المستقبل الرقمي. هذه التقنيات لا تعكس فقط تطورا تكنولوجيا، بل تعكس أيضا رغبة حقيقية في تحسين جودة الحياة داخل البيوت السورية.

وبين أن مشاركة الشركات الناشئة بأسعار مدروسة ونماذج قابلة للتطوير تمثل مؤشرا إيجابيا على نضوج السوق المحلي واستعداده لاحتضان الابتكار، مشيرًا إلى أن هذه المبادرات التقنية يمكن أن تكون رافعة اقتصادية حقيقية إذا ما تم دعمها وتوسيع نطاقها.

الحرف السورية ذاكرة وطنية تنبض بالحياة

ويرى الإعلامي رسلان أن الجناح التراثي السوري في معرض دمشق الدولي كان القلب النابض للحدث، ومصدرا حقيقيا للهوية الثقافية، فقد قدّم الحرفيون نماذج أصيلة من الزجاج المعشق، والنسيج اليدوي، والخشب المحفور، بأسلوب يعكس عمق التاريخ السوري وروح الإبداع الشعبي.

ويؤكد  أن هذا الجناح لم يكتف بعرض منتجات تراثية، بل قدّم تجربة وجدانية تلامس ذاكرة الزوار، وتستحضر صور البيوت القديمة والأسواق التقليدية، في مشهد يجمع بين الفن والمهارة والحنين.

وكان تفاعل الزوار مع الجناح بمحبة واهتمام، لما يحمله من رمزية ثقافية ترتبط بالوجدان السوري، حيث تحوّل المكان إلى مساحة نابضة بالحياة، تنقل الحرف من كونها موروثا إلى كونها عنصرا فاعلا في المشهد الاقتصادي والثقافي.

ويضيف  أن هذه الحرف تمثل طاقة كامنة يمكن أن تُستثمر في مشاريع تنموية وسياحية، إذا ما تم دعمها وتطويرها ضمن رؤية وطنية شاملة تعيد للتراث مكانته في بناء المستقبل.

الإعلام والثقافة في قلب الحدث

ويرى رسلان أن الفعاليات الثقافية التي احتضنها معرض دمشق الدولي هذا العام كانت من أبرز ملامح الحدث، بل شكلت ركيزة أساسية في تكوين هويته المتجددة. ويعتبر رسلان أن تخصيص مركز إعلامي نشط داخل المعرض لم يكن مجرد تفصيل تنظيمي، بل خطوة مدروسة ساهمت في خلق مساحة حوارية مفتوحة جمعت بين الفكر والثقافة والاقتصاد.

فقد شهد المركز الإعلامي سلسلة من الندوات الحوارية التي ناقشت قضايا السياحة وتحدياتها، إلى جانب آفاق تطويرها في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية. كما احتضن أمسيات ثقافية متنوعة، من عروض موسيقية ومسرحية إلى لقاءات أدبية وفنية، جعلت من المعرض تجربة متعددة الأبعاد، تتجاوز الطابع التجاري لتلامس وجدان الزوار وتفتح أمامهم نوافذ جديدة للتفاعل والانفتاح.

ويؤكد  أن الفعاليات الثقافية كانت جزء من روح المعرض، إذ ساهمت في تعزيز التواصل بين الزوار والمشاركين، وخلقت حالة من التفاعل الإنساني العميق، حيث اجتمع الحرفيون والمبدعون ورجال الأعمال في فضاء واحد، يتبادلون الأفكار والرؤى، ويؤسسون لعلاقات تتجاوز حدود الصفقة إلى بناء جسور من الثقة والتعاون.

كما يشير إلى أن المزج بين الاقتصاد والثقافة في هذا السياق يعكس وعيا متقدما لدى القائمين على المعرض، بأن التنمية لا تتحقق فقط عبر المشاريع الاستثمارية، بل أيضا عبر ترسيخ قيم الحوار والانفتاح، وإبراز الهوية الثقافية كعنصر فاعل في بناء المستقبل

المعرض كمرآة لتحولات سوريا

ويؤكد رسلان في ختام حديثه على أن الدورة الثانية والستين لمعرض دمشق الدولي كانت محطة مفصلية في مسار سوريا الحديث، حيث تجاوزت كونها فعالية اقتصادية لتصبح مرآة تعكس تحولات البلاد بعد التحرير، وتعلن عن انطلاقة جديدة تحمل في طياتها ارادة النهوض وانفتاحا متسارعا على العالم.

ويؤكد  أن الحضور الدولي والمشاركة النوعية من دول مثل السعودية وتركيا، الى جانب الزخم الجماهيري، كلها مؤشرات على تغير حقيقي في النظرة الى سوريا، وعلى استعداد اقليمي للتعامل معها كشريك اقتصادي وسياسي واعد.

ويضيف أن المعرض أعاد تعريف دور دمشق كعاصمة اقتصادية وثقافية، أثبت أن سوريا قادرة على استعادة مكانتها الاقليمية عبر المحبة والارادة والابتكار والتنوع، مشيرا إلى ان هذا الحدث لم يكن مجرد عرض للمنتجات، بل منصة للتعبير عن هوية وطنية متجددة، تجمع بين الاصالة والانفتاح، وتؤسس لمرحلة جديدة من البناء والتعاون.

إن معرض دمشق الدولي ، تحول الى رسالة متجددة تقول أن سوريا حاضرة، وقادرة، ومصممة على ان تكون جزء فاعلا في صياغة مستقبل المنطقة.

 

آخر الأخبار
"صندوق التنمية السوري"..  أمل يتجدد المجتمع المحلي في ازرع يقدم  350 مليون ليرة  لـ "أبشري حوران" صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة في ختام المعرض.. أجنحة توثق المشاركة وفرص عمل للشباب مدينة ألعاب الأطفال.. جو مفعم بالسعادة والرضا في المعرض في "دمشق الدولي".. منصات مجتمعية تنير التنمية وتمكن المجتمع كيف يستخدم شي جين بينغ العرض العسكري لتعزيز موقع الصين ؟ من بوابة السيطرة على البحار.. تركيا تصنّع حاملة طائرات تتجاوز "شارل ديغول" التداول المزدوج للعملة.. فرصة لإعادة الثقة أم بوابة للمضاربات؟! مواطنون من ريف دمشق: صندوق التنمية سيكون سيادياً سورياً الوزراء العرب في القاهرة: فلسطين أولاً.. واستقرار سوريا ضرورة استراتيجية عربية أهالٍ من درعا: إطلاق "صندوق التنمية السوري"  فرصة لإعادة الإعمار "صندوق التنمية السوري".. خطوة نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي الأمم المتحدة تؤكد أن لا حل في المنطقة إلا بقيام دولة فلسطينية "التقانة الحيوية".. من المختبر إلى الحياة في "دمشق الدولي" تقنية سورية تفضح ما لا يُرى في الغذاء والدواء انعكاس إلغاء قانون قيصر على التحولات السياسية والحقائق على الأرض في سوريا حاكم "المركزي": دعم صندوق التنمية السوري معرض دمشق الدولي.. آفاق جديدة للمصدّرين "نحالو إعزاز".. العسل بطعم النصر والحرية