الثورة – إخلاص علي:
أحدث قرار وزارة المالية بوقف إصدار تراخيص جديدة لشركات التأمين والتمويل العقاري في الفترة الماضية، ضجة واسعة داخل الأوساط الاقتصادية، الأمر الذي انعكس قلقاً واضحاً لدى المستثمرين وأصحاب المشاريع حول مستقبل هذه القطاعات الحيوية.
القرار يأتي في ظل إجراءات حكومية متصاعدة لمكافحة الفساد وضبط القطاع المالي، لكنه في الوقت نفسه يفتح أبواباً للتساؤلات حول تأثيره الفوري والمستقبلي على الاقتصاد والأسواق العقارية؟.
وزارة المالية أكدت أن خطوة إيقاف التراخيص هدفها “مراجعة نشاط الشركات وضمان الالتزام بالمعايير المالية والإدارية”، خاصة بعد الكشف عن مخالفات جسيمة في شركة العقيلة للتأمين، التي تم حل مجلس إدارتها بسبب سوء إدارة أموال المساهمين والمؤمنين.
تباطؤ القطاع الحيوي
في هذا الإطار يرى الباحث في الشأن الاقتصادي فادي ديب أن هذه الإجراءات تمثل رسالة واضحة للمستثمرين بأن الحكومة تسعى لتعزيز الشفافية والحد من الفساد المالي، مضيفاً أن إصلاح القطاع التأميني يعزز استقرار القطاعات الزراعية والصناعية التي تعتمد على التأمين كضرورة لمشاريعها.
وحول إيقاف تراخيص التمويل العقاري أوضح ديب خلال حديثه لصحيفة الثورة
أن هذا القرار ينعكس سلباً على قطاع البناء والتشييد، خصوصاً في ظل حاجة السوق لمزيد من التمويلات لتعزيز التعافي الاقتصادي والعودة السكنية.
وأردف بالقول: كثير من المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعتمد على شركات التمويل العقاري للحصول على سيولة تساعدهم في متابعة النمو، وعليه فإن توقف تراخيص الشركات الجديدة قد يؤدي إلى تباطؤ في نمو هذا القطاع الحيوي
سوق أكثر تنافسية
في المقابل، اعتبر الخبير في الشؤون القانونية محمد سلامي أن هذا التوقف يمنح فرصة لتصفية الشركات غير الملتزمة وتحفيز اندماجات تؤدي إلى ظهور كيانات مالية أكثر قوة واستقراراً تعمل وفق أفضل المعايير، ما قد يخلق سوقاً أكثر تنافسية وشفافية على المدى المتوسط.
وأكد أن الخطوة ضرورية لإعادة الثقة بالقطاع المالي، ولو على المدى القصير مشيراً إلى أن دعم الحكومة والبنك المركزي ضروري لتمكين شركات صادقة وملتزمة من التوسع، مع مراقبة مشددة ومستقلة.
ونوّه بأهمية احترام حقوق المستثمرين والمؤمنين أثناء عمليات التعديل، مع توفير آليات قانونية واضحة لضمان عدم تعرضهم للخسائر جراء الإجراءات.
فيما يظهر القرار في ظاهره كإجراء تصحيحي لتعزيز انضباط سوق التأمين والتمويل العقاري، فإن واقع تأثيره يتطلب مراقبة دقيقة، باعتبار أن مليارات الليرات المرتبطة بهذه القطاعات الحيوية تستدعي تدخلات متوازنة تمنع حدوث فراغ قد يضر اقتصادياً أو اجتماعياً.. عدا عن أن نجاح هذا القرار مشروط بسرعة تنفيذ الإصلاحات، وضمان تواصل الخدمات التأمينية والتمويلية، ودعم المؤسسات الصحية والعقارية الجديدة والقديمة في آن معاً.