الثورة – فؤاد العجيلي:
من بين زحمة العطور الحديثة وأمواج الصابون المعاصرة، يظل صابون الغار السوري يحتفظ بمكانته الفريدة، ليس كمنتج للتنظيف فحسب، بل كقطعة من التراث تتغنّى بها القصائد وتتوارثها الأجيال. هذا الصابون الذي ارتبط بمدينة حلب العريقة، حيث يمثل أحد أبرز روائع الصناعات التقليدية التي اشتهرت بها سوريا عامة وحلب بشكل خاص.
يبين رئيس الجمعية الحرفية لصناعة الصابون بحلب عبد الله حردان، أن صناعة صابون الغار الحلبي بدأت في القرن الثامن الميلادي، وكانت حلب مركزاً مهماً لصناعة الصابون بسبب وفرة زيت الزيتون ونبات الغار في المنطقة، وقد انتقلت هذه الصناعة لاحقاً إلى أوروبا عبر الحروب الصليبية، حيث عرف الصليبيون الصابون الحلبي وجلبوه معهم إلى أوروبا.
وأشار إلى أن صابون الغار يتكون من زيت الزيتون، الذي يعتبر العمود الفقري للصابون الحلبي، وزيت الغار الذي يعطي الصابون خصائصه المميزة ورائحته الفواحة، إضافة إلى الصودا الكاوية لتحقيق عملية التصبّن، والماء الذي عادة ما يكون من مصادر طبيعية نقية.
من جانبه، أوضح الخبير التراثي في مجال الصابون أحمد حمرة، أن صابون الغار ارتبط بالعديد من العادات والتقاليد السورية، فهو هدية العروس التقليدية في العديد من المناطق، ورمز للنقاء والطهارة في الثقافة الشعبية، وعنصر أساسي في حقيبة السفر لكل مغترب سوري، وموضوع للقصائد والأمثال الشعبية.
وأشار حمرة أن صابون الغار هو تراث حي يحمل هوية وذاكرة شعب، وهو شاهد على إبداع الحرفي السوري وقدرته على تحويل مواد طبيعية بسيطة إلى تحفة فنية تتحدى الزمن، والحفاظ على هذه الحرفة، يعني الحفاظ على جزء أساسي من الهوية الثقافية السورية التي تثري التراث الإنساني العالمي.
وختم حمرة حديثه بالقول: لأن حلب تشتهر بصناعة الصابون، فقد أصبح هذا المنتج سفيراً للتراث الحلبي في المعارض والمهرجانات المحلية والعربية والدولية، ومؤخراً كانت لنا مشاركات في مهرجان “مول الحمراء” في بلدة سرمدا بريف إدلب.