ثورة اون لاين: تزخر أرض سورية بآلاف المواقع الأثرية والأوابد التي تدل على روعة حضارتها وثقافتها، ومن هذه الأوابد المسارح القديمة المنتشرة على أرض سورية.
الدكتور بسام جاموس يضيء في كتابه الجديد المعنون بـ «المسارح في سورية» عليها ويقدم كتاباً مصوراً ومهماً قدم له وزير الثقافة السابق الدكتور رياض عصمت بقوله:
يثبت هذا الكتاب بالبراهين الساطعة أن سورية هي مهد «مهد الحضارات» منذ أقدم العصور، أوابدنا الأثرية تشمل مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية التي تدل على ثراء حضارتها المختلفة وتنوعها.
تفخر سورية بأنها كانت موئلاً لمسارح أثرية متميزة ما زال معظمها شامخاً ليدل على روعة المعمار وصموده أمام عوادي الطبيعة وتأثير الزمان من بصرى إلى تدمر إلى أفاميا إلى شهبا إلى جبلة وسواها من الأماكن تشهد تلك الأوابد القائمة حتى عصرنا الراهن على رقي الشعوب التي قطنت أرجاء سورية في مراحل متعددة من التاريخ القديم وشغفها بالثقافة الفنية مجسدة في العروض المسرحية بحيث استدعى الأمر بناء مسارح أثرية بهذه الضخامة والقدرة على الاستيعاب.
مسرح أفاميا:
بني المسرح عند الطرف الغربي الأقصى للتقاطع الغربي الشرقي في السفح المقابل للقلعة في محافظة حماة نمطه روماني بحت لا يقل المسرح أهمية عن بقية المسارح الرومانية في العالم فقطره يبلغ 139 م وهو بالتالي أحد أوسع مسارح العالم القديم ويأتي بالدرجة الثانية بعد مسرح بومبي في روما من حيث الحجم والضخامة والاتساع حيث كان يتسع لنحو 25000 ألف متفرج، ويعتبر أكبر مسارح سورية الرومانية على اعتبار أن قطر مسرح بصرى 90 متراً.
يعود بناء هذا المسرح إلى القرن الثاني الميلادي إذ إن المخطط المميز للمسرح يذكرنا بمخطط مسرح اسبندوس في تركيا، بدأت أعمال التنقيب والبحث الأثري للكشف عن المسرح منذ بداية الستينيات من قبل البعثة الأثرية البلجيكية التي باشرت عملها في الموقع عام 1966م وتم العمل في المسرح لعدة مواسم حيث تركزت أعمال البحث والكشف الأثري التي تمت في مدرج المسرح للتعرف على منظومة الحركة والسير فقد تم تحرير المدخل الشرقي من لبنات عقد القبة والكتل الحجرية التي كانت تسده.
يتألف المسرح من: واجهة المسرح – الأوركسترا – المدرجات – المداخل الرئيسية.
مسرح بصرى
يعود تاريخ بناء مسرح بصرى في محافظة درعا إلى النصف الأول من القرن الثاني للميلاد في فترة الامبراطور تراجان يبلغ قطر المسرح نحو 102 متر وعدد صفوف مقاعده 37 صفاً لذلك كان المسرح في بصرى الأكثر غنى وتطوراً في المجال المعماري والأهم تنوعاً في هندسة الأبنية المسرحية حيث تم بناؤه في مركز إداري وسياسي وعسكري احتل عاصمة الولاية العربية الرومانية.
تم تقسيم هيكل المسرح تنظيمياً إلى ثلاث طبقات حسب طبقات المجتمع:
أعضاء مجلس الشيوخ في الصفوف الأولى يليهم في الجلوس طبقة الفرسان ثم أصحاب المراتب العسكرية وبعض الناس من الطبقة الاجتماعية العليا.
وفي القسم الأوسط كان يجلس أعضاء مجلس المدينة يليهم أعضاء الشعب والتجار وأصحاب الحرف.
والقسم العلوي مخصص للفقراء والعوام في حين كان العبيد يبقون وقوفاً على الأقدام في الرواق العلوي من المسرح.
مسرح تدمر:
يقوم مسرح تدمر الأثري في الجهة الجنوبية من الشارع الطويل في نقطة بين التيترابيل (المصلبة) وقوس النصر ملاصقاً للرواق الجنوبي في الشارع الطويل تم بناؤه على أرض منبسطة خلافاً للتقاليد الرومانية كان المدرج يستخدم كمسرح وحلبة مصارعة وأغلب الظن أن بناءه يعود للقرن الثاني الميلادي.
بني مسرح تدمر الأثري بشكل نصف دائرة قطرها 40 متراً وهو مؤلف من مدرج فيه 13 درجة لجلوس المتفرجين إضافة لمنصة التمثيل التي تتميز بواجهة جميلة محمولة على أعمدة تحوي محاريب غاية في الدقة والجمال حيث تقام فيها تماثيل لربات الفنون والجمال أما صحن المسرح فهو مبلط بالحجر المنحوت وللمسرح ثلاث بوابات تؤدي إلى الصحن، البوابة الجنوبية كانت تستخدم لإدخال الحيوانات المفترسة في حفلات المصارعة أما البوابتان الأخريان فتؤديان إلى منصة التمثيل وتمتزج العناصر المعمارية الكلاسيكية والشرقية في بناء المسرح.
ويضم الكتاب الذي يقع في 108 صفحات أيضاً مسرح درعا البلد ومسرح بانياس ومسرح النبي هوري ومسرح جبلة ومسرح شهبا إضافة للعديد من الصور التي توثق المكان والآثار.
بطاقة تعريف:
الكتاب: المسارح في سورية.
المؤلف: الدكتور بسام جاموس.
الناشر: وزارة الثقافة.
يمن سليمان عباس
السابق