الثورة – متابعة غصون سليمان:
لا تزال جراح مدينة غزة تنزف بغزارة، والعائلات تجبر على الفرار مجدداً، من دون أي ملاذ آمن، وكذلك آلاف النساء والفتيات يجبرن على المخاطرة بحياتهن على طرق غير آمنة بتكلفة باهظة، ليصلن إلى مناطق مكتظة بلا طعام أو رعاية صحية أو مأوى أو مياه نظيفة أو صرف صحي.
وأمام هذا الواقع المأساوي عقدت جلسة حول الصحة الإنجابية في مخيم الكتيبة بمدينة غزة، للأمهات الجدد النازحات بسبب الحرب، وأديرت الجلسة من قبل الجمعية الفلسطينية لتنظيم وحماية الأسرة، وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، “المكتب الإقليمي للمنطقة العربية”. وانطلاقاً من ذلك أصدر الصندوق أمس بياناً بعنوان: “الهجمات على مدينة غزة تُدمر خدمات الصحة والحماية للنساء الحوامل والناجيات من القصف المكثف والعمليات البرية الإسرائيلية”، إذ لا تستطيع النساء الحوامل في مدينة غزة الحصول على رعاية التوليد بسبب تعرض المستشفيات والعيادات الصحية للهجمات الإسرائيلية، وهناك فقط أربعة مستشفيات و23 عيادة خارجية في مدينة غزة تخدم 23,000 امرأة حامل، مع نحو 50 حالة ولادة يومياً، ومعظم هذه المرافق الآن مُعرّضة لخطر الإغلاق الوشيك.
وهذا الوضع- حسب بيان الصندوق- يُفاقم المزيد من التخفيضات في الخدمات الصحية ويزيد خطر وفيات الأمهات والمواليد الجدد، فيما يُشكّل سوء التغذية الحاد خطراً جسيماً على 40 بالمئة من النساء الحوامل، وعلى أطفالهن، إذ يولد واحد من كل خمسة منهم بوزن ناقص أو خداج.
من أجل الرعاية
وأشار بيان الصندوق إلى محاولة فرار النساء الحوامل إلى الجنوب، بغية الحصول على الرعاية في المرافق الصحية التي تعاني بالفعل من نقص خطير سواء في الوقود أو الإمدادات، لطالما تعمل بما يفوق طاقتها بكثير. ونتيجةً لذلك، تلد 15 امرأة على الأقل يومياً في غزة خارج المستشفى أو المرفق الصحي، من دون وجود قابلة ماهرة، مما يُعرّض حياة الأم والمولود للخطر، كما تُضطر خدمات الحماية إلى التوقف في الوقت الذي تشتد الحاجة إليها، فقد أُغلقت خمس مساحات آمنة للنساء والفتيات يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، والتي تخدم معاً ألف امرأة أسبوعياً، وكذلك ملجأ للنساء الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وإذا استمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية، فقد تفقد غزة جميع خدمات الحماية المتبقية، تاركةً الناجيات من العنف من دون أي مأوى أو دعم.
ونوه البيان بأنه لا يزال صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه متواجدين على الأرض في مدينة غزة، يُقدّمون خدماتهم تحت وطأة القصف، بينما يُسارعون أيضاً لتوسيع نطاق الخدمات في الجنوب لتلبية الطلب المتزايد، وقد افتتح صندوق الأمم المتحدة للسكان، بالتعاون مع شركائه، مستشفى العودة الميداني للولادة في النصيرات قرب مدينة دير البلح، بالإضافة إلى مركز صحي في منطقة استقبال الرشيد.
وبين تقرير الصندوق أنه في الأسابيع الأخيرة، سُمح لست شاحنات تابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان بدخول غزة محملة بمستلزمات الصحة الإنجابية، ومواد الإيواء، ولوازم النظافة، ويتم توزيعها على المرافق الصحية، إلا أن مستوى المعدات واللوازم المسموح بدخولها إلى غزة لا يكفي لتلبية الاحتياجات الهائلة.
حماية المدنيين
وأضاء البيان على أن القانون الإنساني الدولي واضح لناحية وجوب حماية المدنيين، وضمان حصولهم على الضروريات اللازمة للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والمأوى والرعاية الصحية. وكما في كل مرة يكرر صندوق الأمم المتحدة للسكان دعواته لوقف إطلاق نار دائم، وإطلاق سراح جميع الرهائن من دون قيد أو شرط، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى جميع أنحاء غزة حتى تصل المساعدات المنقذة للحياة إلى من يحتاجونها.