الثورة:
حظي إعلان الحكومة السورية اعتماد خارطة طريق لحلّ الأزمة في محافظة السويداء بترحيب واسع على المستويين العربي والدولي، اعتُبر خطوة فارقة على طريق إعادة الاستقرار إلى الجنوب السوري وترسيخ وحدة البلاد.
وفي سياق رصدنا للبيانات الرسمية، فقد ثمنت الإمارات الجهود التي بذلتها المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المتحدة لتحقيق هذا الاتفاق، مؤكدة في بيان رسمي أهمية ترسيخ التهدئة وصون وحدة الأراضي السورية وتعزيز سيادة الدولة والقانون، ومجددة موقفها الثابت في دعم استقرار سوريا وأمنها ووحدة أراضيها.
وفي اليمن، رحبت وزارة الخارجية بالخطّة واعتبرتها خطوة إيجابية لتعزيز الأمن والسلم الأهلي، ودعت المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم الكامل لتنفيذها.
أما فرنسا فوصفت الاتفاق بأنه “خطوة أولى مشجعة نحو خفض دائم للتصعيد وتعزيز الاستقرار في جنوب البلاد”، مؤكدة أن حماية المدنيين ووحدة سوريا يجب أن يوجها أي نهج دبلوماسي مستقبلي.
من جانبها، أكدت تركيا أن هذه الخطوة تمثّل نقلة نوعية للحفاظ على الهدوء ومنع تجدد الصراع في السويداء، وأعربت عن استمرار دعمها للجهود الرامية إلى تعزيز السلام والأمن لجميع مكونات الشعب السوري على أساس احترام وحدة أراضي سوريا وصون سيادتها.
كما رحبت قطر والسعودية والأردن بالاتفاق الثلاثي، مشددين على أنه يجسد الإرادة الجماعية لبناء مستقبل سوريا جديدة وتوطيد الأمن والسلام في المنطقة.
وجاء الاجتماع الذي استضافته دمشق ضم وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني ونائب رئيس الوزراء الأردني أيمن الصفدي والمبعوث الأميركي توم باراك، واستُكمل فيه ما جرى من مباحثات في عمّان خلال يوليو وأغسطس 2025، وأُقرّت خلاله خارطة طريق تقوم على وحدة الأراضي السورية وضمان المساواة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين.
المبعوث الأميركي توم باراك وصف الخارطة بأنها “مسار يمكن لأجيال السوريين القادمة أن تسلكه”، مؤكداً أن المصالحة تبدأ بخطوة واحدة وأن هذه الخطّة ترسم مساراً نحو دولة تتسم بالمساواة في الحقوق والواجبات.
تشمل الخطّة إطلاق سراح جميع المحتجزين والمخطوفين وتحديد المفقودين، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بالتعاون مع الحكومة السورية، وإنهاء أي تدخل خارجي في المحافظة.
كما نصّت على تسهيل الوصول إلى الأدلة الخاصة بجرائم القتل والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية لضمان المساءلة القانونية، ومحاسبة المتورطين عبر آليات قضائية سورية.
وتتضمن البنود أيضاً سحب المقاتلين المدنيين من حدود المحافظة، ونشر قوات شرطة مؤهلة، ودعم جهود الصليب الأحمر في الإفراج عن المحتجزين وتسريع عمليات التبادل، فضلاً عن إعادة بناء القرى والبلدات المتضررة وتسهيل عودة النازحين، وإعادة الخدمات الأساسية تدريجياً، وإطلاق مسار مصالحة داخلية يشارك فيه أبناء السويداء بمختلف مكوناتهم.
يؤكد مراقبون أن هذا الترحيب العربي والدولي يمنح الاتفاق زخماً سياسياً كبيراً ويضعه في إطارعملي يتجاوز البيانات إلى التنفيذ الفعلي، بما يفتح الباب أمام نموذج يمكن تطبيقه في مناطق سورية أخرى.
كما تمثل الخطّة فرصة حقيقية لإعادة دمج السويداء في مؤسسات الدولة السورية وإنهاء حالة الانقسام الداخلي والخطاب الطائفي، بما يعيد الثقة بين المجتمع المحلي والحكومة ويؤسس لبيئة مستقرة تشجع على عودة النازحين وإطلاق عملية تنمية شاملة.
تحوّل خارطة الطريق من مجرد اتفاق سياسي إلى إطار متكامل للعدالة والمصالحة والاستقرار يعكس إرادة جماعية لإغلاق صفحة من العنف في الجنوب السوري.
نجاح تنفيذها سيعيد التوازن إلى المشهد السوري، ويمنح المجتمع الدولي مؤشراً على إمكانية تحقيق حلول سلمية مستدامة في البلاد.