جائزة “خالد خليفة” للرواية.. وعد ثقافي لحضور لا يلغيه الغياب

الثورة – حسين روماني:

خالد خليفة “1964- 2023” الكاتب الذي لم يساوم، هو من أبرز الأصوات الروائية السورية المعاصرة، وُلد في حلب، ودرس القانون في جامعتها، لكنه سرعان ما اتجه إلى الأدب والدراما، فكتب الرواية إلى جانب السيناريو التلفزيوني، عُرف بجرأته في مقاربة الواقع السوري، فكانت رواياته مثل “مديح الكراهية”، “لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة”، و”الموت عمل شاق” “شهادات أدبية على الألم السوري”.

رفض الاصطفاف مع السلطة أو المساومة على صوته الحر، فواجه المنع والتضييق، لكنه ظل وفيّاً لقناعته أن الأدب مقاومة أخلاقية وجمالية في آنٍ، برحيله ترك فراغاً هائلاً، لكن إرثه الإبداعي بقي شاهداً على كاتب لم يتنازل عن الحقيقة.

لم تمر الذكرى الثانية لرحيل الروائي السوري خالد خليفة، إلا واجتمع أصدقاؤه ومحبوه في المكتبة الوطنية في دمشق ليحوّلوا الحزن إلى معنى، والفقد إلى فعل حياة.

هناك، حيث الذاكرة تنبض برائحة الكتب، أُطلقت الدورة الأولى من جائزة خالد خليفة للرواية، جائزة تحمل اسم صاحب الموت عمل شاق، لتكون بمثابة وعد ثقافي بأن الغياب لا يلغي الحضور، بل يضاعفه.

الجائزة مخصصة للأعمال الروائية الأولى، أي لتلك البدايات التي تحتاج دفعة كي تخرج إلى النور، تبدأ من سوريا وأبنائها، على أن تمتد لاحقاً إلى كامل العالم العربي، قيمتها تحمل في طياتها ما هو أثمن من البدل المادي، فأيضاً نشر الرواية الفائزة عبر دار الشروق، وإتاحة فرص الترجمة والوصول إلى قراء جدد، بحسب الموقع الرسمي للجائزة، إنها رمزية في الشكل، لكنها فعل وفاء عميق في الجوهر.

أمسية تحتفي بالذكرى

أقيم الحفل في أجواء مفعمة بالمحبة والحنين، قدّم فقراته الفنانتان نانسي خوري، وجفرا يونس، فيما أعلن كل من الفنانة يارا صبري، والكاتب خليل صويلح اسم الفائزة.

لم تكن لحظة الإعلان مجرّد إعلان تقليدي لنتائج مسابقة، بل بدت كأنها استدعاء لروح خالد كي يشارك الحضور ابتسامته المعهودة.

الجائزة ذهبت إلى الكاتبة مناهِل السهوي عن روايتها “أنثى فرس النبي” متقدمة على أربع روايات بلغت القائمة القصيرة: “خلف أمواج السراب لعبد الرحمن علي، أذن الشيطان لعباس الحكيم، الممحاة السماوية لمي عطاف، ودمشق الغاربة لآلان علي”.

عبر شاشة كبيرة، أطلت السهوي لتقول: “تشاء الأقدار أن يكرمني خالد باسمه وجائزته، وأشكر أصدقاءه الذين حوّلوا لحظة رحيله إلى لحظة إنسانية خالصة، أردتُ أن يقرأ خالد روايتي، لكن الموت كان أسرع. واليوم أحتفل باسمه”.

رسائل من الغياب

الفنانة يارا صبري قرأت رسالة أصدقاء خالد في المهجر: “ندق اليوم على باب غيابك لندعوك إلينا، ونخترع جائزة باسمك لنكرم الرواية بك وفك الحزن وزمن رحيلك أصبح يوم ولادة كائن جديد، اسمه جائزة خالد خليفة للرواية”.

أما المترجمة الألمانية لاريسا، صديقة خالد، فاستعادت رحلاتها معه في ألمانيا وأوروبا، حيث كانت تترجم جلساته وترافقه في لقاءاته مع القرّاء “تعرفت على خالد كإنسان استثنائي من اللطف والهدوء، لكنه كان حزيناً جداً على ما جرى في سوريا.ويؤلمني أنه لم يشهد التطورات التي كان يتوق إليها، كنت سأركض إليه لأسأله عن جمل لم أفهمها من روايته الأخيرة سمك ميت يتنفس قشور الليمون، التي سأقوم بترجمتها قريباً.

شهادات الأصدقاء

الفنانة جفرا يونس، إحدى مقدّمات الحفل، قالت لـ”الثورة”: وجودي في هذه المناسبة يعني لي الكثير، لأن خالداً كان صديقاً لعائلتي وصديقاً للجميع، أحبّ الحياة واحترمها، وسيبقى معنا بما تركه من أعمال وذكريات”.من بين الحضور، قالت لنا يارا: “جميل أن نجتمع في المكتبة الوطنية لنتذكر خالداً بطريقة مضيئة، كان صوت الناس الذين لم يستطيعوا الكلام، يتحدى القمع ويقول الحقيقة بابتسامته ومحبة للحياة، استذكارنا له هو استمرار للطريق الذي بدأه”.

الفنان فراس إبراهيم، تحدث بدوره عن علاقته بتجربة خالد: “تشرفت بالعمل على ثلاثة أعمال كتبها “سيرة آل الجلالي، حروف يكتبها المطر، وأهل المدينة”.

لحظة معقدة ومشاعر مختلطة

الفنانة نانسي خوري، وصفت وقوفها على المنصة “أنها لحظات معقدة، بين الحزن والفرح، نحتفل بخالد ونستعيده من جديد، لكن غيابه يوجعنا، ذكره سيبقى حاضراً في كل ما تركه لنا”.

أما الفنانة رنا كرم، فأكدت أن خالداً ترك أثراً شخصياً وعميقاً: “كان إنساناً صادقاً وبسيطاً، ولهذا وصلت كتاباته إلى العالم، خالد ليس كاتباً فقط، بل إنسان أصيل حمل هموم الجميع.

بيننا دائماً

لم يكن الحفل مجرد مناسبة لإعلان جائزة، بل كان طقساً جماعياً لاستدعاء خالد خليفة إلى حاضرنا، بدا وكأن كل شهادة، وكل ذكرى، وكل كلمة على المنصة تحاول أن تقول: خالد لم يرحل.

الجائزة التي تحمل اسمه ليست مجرد تكريم أدبي، بل إعلان متجدد أن الكلمة تستطيع أن تقهر الموت، في كل ثلاثين من أيلول، سيجتمع أصدقاؤه ليحوّلوا يوم رحيله إلى يوم ميلاد جديد، ولتظل الرواية العربية تحمل صوته، كما كان دوماً، عالياً، واضحاً، وإنسانياً حتى آخر سطر.

آخر الأخبار
زراعة الزعفران في حمص من المشاريع التنموية الناجحة والواعدة المرأة في الصدارة.. المحامي زهير مارديني.. برلمان سوري جديد شفاف وثوري متابعة ميدانية لاحتياجات العملية التعليمية بدرعا رفع مستوى الجاهزية الخدمية لأرضيات معبر نصيب الحدودي بدرعا وصول الوفد السوري للمشاركة باجتماع قادة مؤتمر ميونيخ للأمن بالعلا تقرير حقوقي يوثق حصيلة الضحايا والانتهاكات في سوريا خلال أيلول/سبتمبر 2025 غير بيدرسون يعلن مغادرته منصبه كمبعوث أممي إلى سوريا ... سوريا تشارك بمؤتمر النقابات العالمي للأعضاء العرب في قبرص درّاجات التوصيل في طرطوس.. فرص عمل ورافد للمشاريع الصغيرة تألق لايلز وجيفرسون في مونديال القوى العمل الشعبي.. طوق نجاة في مواجهة الجفاف والدمار دوري أبطال أوروبا.. انتصارات كبيرة وليفربول وأجاكس أبرز الضحايا دوري أبطال أوروبا.. الليلة قمة مبكرة بين برشلونة وباريس سان جيرمان قرعة منتظرة لأولمبي كرتنا.. توجه منطقي والدعم والمناقشة مطلوبان سيدات الكرامة بطلات كأس النصر بكرة اليد الجبلاوي مديراً فنياً لكرة جبلة  مازن فندي ثالثاً في بطولة العالم للشطرنج تعاون بين السياحة والطيران لتطوير برامج التدريب الوطني المعهد التقاني للصناعات التطبيقية بحمص يستقبل ضعفي طاقته الاستيعابية لاستخدامها السلطة الفاسدة.. الأوقاف تفسخ العقد المبرم مع شركة موبيلينك