الثورة – عبد الحميد غانم:
في ظل المرحلة الجديدة التي تشهدها سوريا، تبرز قضايا الملكيات العقارية وتحدياتها كإحدى الأولويات الملحّة والشائكة، بعد سنوات من الحرب وما رافقها من تنقل وتهجير وفقدان وثائق.

قال رئيس لجنة الاستثمار والتطوير العقاري في غرفة تجارة دمشق، الدكتور محمد مروان أورفلي، لصحيفة “الثورة”، إن النظام العقاري في سوريا، المتمثل في “الطابو” والسجل المؤقت، يعد من الأنظمة الدقيقة والصحيحة بنسبة عالية جداً، ما يجعل عملية تشويه الوثائق أمراً بالغ الصعوبة.
وأضاف أن التحدي الحقيقي لا يكمن في الوثائق نفسها، بل في استغلال الثغرات لتنفيذ عمليات احتيال، بسبب عدم “أتمتة” النظام حالياً، أي تحويل الإجراءات الورقية التقليدية إلى أنظمة رقمية.
وتحدث أورفلي عن “حادثة واقعية” تتعلق ببيع أرض أثناء إغلاق دوائر “الطابو”، عبر استخدام هوية قديمة رديئة الصورة، فقدها صاحبها منذ أكثر من عام، معتبراً أن الحادثة تظهر كيف يمكن لمحاولات الخداع والغبن أن تنجح في ظل غياب آلية فورية للتحقق.
بوابة الحلول
وأوضح أورفلي أن المشروع الجديد لأتمتة عمل “الطابو”، الذي يتم العمل عليه حالياً، سيكون الحل الجذري لهذه الإشكاليات.
واعتبر أن التحول إلى النظام الإلكتروني سيمكن أي مواطن من التحقق المباشر من صحة الوثيقة عبر الدخول إلى المنصة الإلكترونية (السجل العقاري الإلكتروني) والاطلاع على حالة العقار كاملة.
كما أكد إمكانية اكتشاف أي إشارات قانونية، مثل وجود دعوى أو حجز على العقار، مشدداً على أن “الأسبق بالإشارة هو مالك العقار” قانوناً.
ولفت إلى أن التوثيق الإلكتروني الشفاف سيجعل الاطلاع على ملكية العقار ومعلومات المالك متاحاً للجميع.

ربط الوزارات
واقترح أورفلي ربط المنصة العقارية الإلكترونية مع وزارة الداخلية، لتمكين المواطن من مطابقة البيانات مع الهوية، والتأكد من أن الشخص الذي يتعامل معه هو المالك الحقيقي، عبر معاينة صورة حديثة تمنع الاحتيال باستخدام هويات قديمة أو مزورة.
وقدم أورفلي عدداً من المقترحات، متعبراً أن “الأتمتة” أبرزها، من خلال تطبيق نظام (ERP) للمؤسسات، لما له من أثر كبير في خفض نسب الاحتيال.
ونظام “ERP” هو منظومة إلكترونية متكاملة تربط جميع أقسام المؤسسة أو الجهة الحكومية ضمن منصة واحدة، بحيث تصبح البيانات موحدة ومترابطة، ويجري العمل بشكل آلي ومنظم بدل المعاملات الورقية.
تحديات وكفاءات
وأشار أورفلي إلى أن الكفاءات السورية مؤهلة تماماً لتنفيذ هذه الأنظمة المعقدة بل وتصديرها للخارج، ما يدل على توفر الإمكانيات التقنية لمعالجة القضايا العقارية، بما فيها تلك المرتبطة بالأوقاف، إذ سيُظهر النظام الإلكتروني بشكل واضح أن العقار تابع للوقف.
ويواجه التحول الكامل إلى “الأتمتة” تحديات عدة، تشمل الحاجة إلى تطوير البنية التحتية التقنية، في ظل ضعف شبكات الإنترنت في بعض المناطق ونقص البيانات والمعدات الحديثة التي تدعم الأنظمة الإلكترونية، مع الحاجة إلى تدريب الموظفين على استخدامها.
لكن أورفلي يرى أن البيئة التقنية والكوادر المؤهلة متوفرة في سوريا لضبط القطاع العقاري عبر “الأتمتة” الشاملة، مشدداً على أن هذا التحول ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية لحماية الحقوق وجذب الاستثمار وبناء ثقة متينة في سوق عقارية بمرحلة جديدة تتطلب الشفافية والكفاءة.