ثورة أون لاين:
ضمن سلسلة “عظماؤنا” التي تصدرها دوريا مديرية إحياء ونشر التراث العربي في الهيئة العامة السورية للكتاب صدر مؤخرا كتابان هما ابن عساكر محدث الشام ومؤرخها الأكبر للدكتور وسام قباني وأسامة بن منقذ الفارس والشاعر والمؤرخ بقلم محمود محمد يوسف.
ويعرض الكتاب الأول مسيرة حياة العالم ابن عساكر الذي ولد عام 499 هجرية وتوفي عام 571 واسمه علي ابن الحسن ابن هبة الله ابن عبدالله ابن الحسين الدمشقي وهو من أسرة شريفة عريقة في المكارم والفضائل ادرك ثلاث دول حكمت دمشق السلجوقية والنورية والصلاحية الايوبية.
وعبر العلاقة التي جمعت بين الملك نور الدين زنكي والحافظ ابن عساكر استطاع الأخير بناء مؤسسة تعليمية في دمشق حملت اسم دار الحديث وكلف بالإشراف عليها ولا تزال هذه الدار قائمة حتى وقتنا الحالي حيث بين الكتاب ان نور الدين كان من التلامذة المواظبين على حضور دروس ومجالس ابن عساكر الذي كان كثير التنقل والترحال في جميع الحديث النبوي وتدوينه اما منهجه في كتابة تاريخ دمشق فيتمثل بالشمولية وكانت كتاباته انعكاسا لحضاراتها كما قدم تراجم لعدد هائل من علمائها.
وأوضح قباني أن ابن عساكر كان شاعرا تناول في قصائده الحكمة والنصيحة وكثيرا ما كان يختم مجالس إملائه بأبيات وعظية تلخص الموضوع الذي أفاد به طلابه ومن أشعاره..
إذا كنت يوما للرجال مصاحبا .. وكنت لهم في كل حال تواصل فجانب فدتك النفس منهم ثلاثة .. فكلهم للنفس بالجهل قاتل.
ويعرض كتاب أسامة بن منقذ لمسيرة حياة هذا الأديب الذي يعد مؤلفا للشعر والنثر في النصف الثاني من العصر العباسي وكان مؤثرا بالحياة السياسية والعسكرية في عصره رغم نشأته في واقع صعب ومرير تمثل بالحملات الصليبية التي طالت اجزاء واسعة من بلاد الشام ولكنه تمكن رغم ذلك من بناء ثقافته ومعارفه وتكوين علاقات متنوعة حتى مع الاوروبيين الذين تصدى لهم مرارا.
وعن نشأة أسامة بن منقذ وطفولته ونسبه أشار المؤلف إلى أنه اسامة بن علي بن مقلد بن منقذ وينتهي نسبه إلى كنانة وينحدر من أسرة اهتمت على الدوام بتربية ورثتها الذكور وتنشئتهم بشكل رجولي فكان اسامة منذ طفولته حيويا فعالا محبا للمعرفة والاطلاع كثير التنقل والترحال طموحا متوثبا حفظ عن ظهر قلب ما يقارب عشرين ألف بيت من الشعر لشعراء مختلفين.
ومما أورده المؤلف يوسف أن أسامة بن منقذ شارك في المعارك ضد الصليبيين منذ عام 1110 ميلادية وفي العام 1119 قاد اول معركة مستقلة يؤكد ذلك شعره حيث قال..
لخمس عشرة نازلت الكماة إلى .. أن شبت فيها وخير الخيل ما قرحا.
وعن آثاره الأدبية جاء في مؤلف يوسف أن من أبرز نتاجاته إضافة إلى كتاب البديع وكتاب المنازل والديار ديوان أسامة الشعري وفيه جمع شعره بنفسه ورتبه حسب موضوعاته الشعرية والتي خصص جزءا منها للمراثي فقال..
أعاتب فيك الدهر لو أعتب الدهر .. وأستنجد الصبر الجميل ولا
صبر واسأل عن نهج السلو وقد بدا .. لعيني إلا أن مسلكه وعر.
وعن الهدف الذي تسعى هيئة الكتاب لتحقيقه عبر إصدار سلسلة “عظماؤنا” بين مديرها العام الدكتور جهاد بكفلوني أن تذكير أجيالنا بهؤلاء العباقرة يعني أن نطلعهم على ثقافة حقيقية تنمي في ذاكرتهم القيم وتقوي الشخصية وتكون حافظا لنا لبناء مجد يضاهي ما شاده الأجداد.
ورأى الشاعر والناقد رضوان هلال فلاحة أن هذه المؤلفات القيمة في بعديها التربوي والتثقيفي التي تصدرها الهيئة العامة السورية للكتاب تشكل دعائم فكرية وتنويرية وموسوعية للخارطة المعرفية للجيل الناشئء وتساهم في الاضاءة على الارث الحضاري السوري والعربي وعلى شخصيات عظيمة وموءثرة في تاريخنا العريق.
بدورها قالت الكاتبة نبوغ أسعد إن الهيئة العامة السورية للكتاب تعيدنا لقراءة صفحات تاريخية مميزة حيث يعد أسامة بن منقذ ممثلا للشعر والنثر في عصره وقدم في مسيرة حياته مؤلفات تاريخية للحياة العسكرية والاجتماعية والثقافية وابن عساكر رجل علم فاضل وهو الاديب الفقيه الذي ارتبط اسمه باسم الشام لذلك قيل عنه محدث الشام ومؤرخها الاكبر.
ويقدم كلا الكتابين قراءة جدية لشخصيات تاريخية تستأهل الوقوف إلا أنه غلب عليهما التجميع البسيط دون وجود اهتمام بالقراءة المنهجية أو البحث الأدبي ما جعلهما متشابهين بأسلوب التناول والطرح.
المصدر: سانا