طبول ميونيخ..!!

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم:

تحفل الساعات الفاصلة في الطريق إلى ميونيخ بسيل من التكهنات والتوقعات التي تضاف إلى أحزمة تسريبات ومواقف ناسفة تسبق انعقاده،

وتشهد الحلبة ازدحاماً غير مسبوق لتصدّر المشهد قبل أن تختلي قاعاته المعلنة أو تلك المحدثة جانبياً بما يفيض من تفاهمات الإرادة الدولية أو ما تبقى منها بصيغة أوراق قابلة للاستخدام، وربما لحسم التوجهات المنتظرة.‏

على وقع هذا الخليط المتهدل من الأمزجة والرغبات والنيات، يحضر الحديث عن العسكرة وحلولها جنباً إلى جنب مع ما يعترض السياسة من معضلات متعمّدة ومصنّعة، وما نتج عنها من تشابكات تُعيد في معظمها الأمور إلى المربع الأول أو ما قبله، حيث يتناغم كيري مع الجبير في الترويج لخططهم البديلة بغض النظر عن تسلسلها الأبجدي وسط هدير من المقاربات المتناقضة والمتعارضة، والقائمة في كثير منها على فرضيات ناتجة عن الأمنيات والهواجس وعوامل القلق المستفحلة في عقم تجارب السنوات الخمس التي مضت، من دون أن تكون الدروس المستخلصة قابلة للنقاش.‏

المحسوم، أن ما علق من آمال على ميونيخ وما سبقه من ملفات تحاصر أروقته وتثقل عليه مهمته، وتتخمه بأجندات تدفع إلى الجزم بأن التعويل عليه لا يكفي مع كل هذا الحشد لمنع قلب الطاولة قبل أن تنعقد كغيرها التي بقيت في طورها التحضيري.‏

وإذا كان قرع طبول الحرب الذي ترتفع وتيرته، وينطلق من خواء سياسي وعسكري على حدّ سواء، يحكم أغلب الذين يعلو صوتهم أو ضجيج التلويح فيه، فإن التحذير الروسي من قرعها لا ينطلق من فراغ، ولا هو فقط في إطار ردة الفعل، حيث المعطيات والوقائع تشي بقدر كبير من الجدية التي تحكمها أوراق واقعية في بعض جزئياتها، وهي نتاج فائض منها لم يتم حتى اللحظة التفكير في استخدامه، أو لم تقتضِ الحاجة ذلك.‏

فالمسألة ليست في عنتريات وأضغاث أحلام مسبقة ومستهلكة لكل من يرتفع ضجيجه مطالباً بالحل العسكري، بعد أن حشر الجهد السياسي في الزاوية الضيقة مبتوراً ودفع به إلى طاولة جنيف مسخاً ومقزّماً فحسب، بل في إعادة تحريك بيادق كامنة أو مستورة على رقعة شطرنج دولية منزلقة، يندفع عليها مراهقو السياسة الجدد رغم اليقين العالمي بأنهم عاجزون عن استيعاب الرسائل المرمّزة منها فيما يتوهون بين أسطر تلك المسهبة في الشرح، حيث الفارق يلغي أي أوجه شبه ممكنة، ويستبعد من أجندته احتمال الخلط أو السهو في إدراك ما تثيره تلك التقولات.‏

هذا يستدرج بالضرورة الكثير من السيناريوهات التي تمضي قدماً في العلن والخفاء، وهي تحاكي نيات تتردد أصداؤها في صالونات السياسة الدولية، وإن بقيت خارج التداول الرسمي، باعتبار أن أميركا كانت تصرّ على الحديث أن الحل سياسي لتنبش خطتها البديلة وتجاهر فيها عشية ميونيخ، فجاء تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من حضور الحل العسكري لدى البعض في توقيته، خصوصاً وأن التفكير به بات واقعاً لدى أولئك، أو قسم منهم على الأقل، بما يعنيه من معطيات ومعلومات روسية ترتكز على أدلة ملموسة ليس في التصريحات والمواقف، بقدر ما هي قراءة لما تسرب من الغرف المغلقة والأقبية السرية، حيث الإعلان الروسي الصريح عنها كإجراء استباقي برسائل متعددة الأوجه والاحتمالات.‏

هذا كله يتزامن مع تسريبات لمراكز بحوث عن تلك السيناريوهات المحتملة للحل، والتي تجد في العسكري منها ضعفي السياسي بواقع اثنين إلى واحد من بين ثلاثة مطروحة، أو على الأقل قد تم وضعها على طاولة تلك المراكز ومموليها وصانعي السياسة وفقاً لمعطياتها، أو على الأقل تلك التي تأخذ بها بيوتات الخبرة السياسية، وتدرج في مصادر صنع القرار الغربي، والأميركي تحديداً.!!‏

فالحديث السعودي الممجوج الذي بقي ردحاً من الزمن يجترّ فيه منفرداً ووحيداً وتائهاً في منابر السياسة الدولية والإقليمية، يعود إلى بائه التي فقدَ ألفها منذ زمن طويل، والتدخل البري الذي كان خياراً تركياً يعيد رئيسه سحبه من الأدراج رغم تأزم علاقته مع الأميركي في وقت تلوح فيه بوادر فشل الخيارات أمام مرزقته وتنظيماته الإرهابية المتحالف وجودياً معها، فكلاهما اليوم يحضر في سياق تلك التسريبات، وكأن الحديث لم يكن مجرداً من الإيحاء الأميركي، ولا هو خارج سياق توصيات مراكز دراساتها الباحثة عن حلول تفجيرية تعيد المنطقة إلى هشيم النار وتدفع بالجهد السياسي إلى ثلاجة المؤتمرات أو اللقاءات المؤجلة.‏

ميونيخ في ظل قرع طبول الحرب المعلنة أو المخفية يستجمع هواجسه على وقع إرادة دولية ترسم علامات كبرى على مصير مقاربة لمّا تنضج بعد، وعلى رغبة بالتفجير لمّا تسحب بعد، وبينهما ترتسم المعادلة بطرفين كلاهما لا يخفي ورقته المؤجلة، بحيث إن ناتج الضرب والطرح لن يبقي أجزاء ولا تفاصيل تحتاج إلى جبر الجبير، أو إلى الرجم بالغيب على طريقة أحلام السلطنة البائدة..!!‏

a.ka667@yahoo.com ‏
 

آخر الأخبار
محافظ حلب : دعم القطاع التجاري والصناعي يشكل  الأساس في عملية التعافي د. الرداوي لـ "الثورة": المشاريع الكبرى أساس التنمية، والصغيرة مكمّلة مبادرة "تعافي حمص"  في المستشفى الجامعي اندلاع أكثر من عشرة حرائق في اللاذقية وإخماد ثلاثة منها حريق يستعر في حي "دف الصخر" بجرمانا وسيارة الإطفاء بلا وقود تسريع إنجاز خزان المصطبة لمعالجة نقص المياه في صحنايا صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص معالجة التعديات على عقارات المهجرين.. حلب تُفعّل لجنة "الغصب البيّن" لجنة فنية تكشف على مستودعات بترول حماة الشمس اليوم ولاحقاً الرياح.. الطاقات المستدامة والنظيفة في دائرة الاستثمار صياغة جديدة لقانون جديد للخدمة المدنية ..  خطوة مهمة  لإصلاح وظيفي جذري أكثر شفافية "الشباب السوري ومستقبل العمل".. حوار تفاعلي في جامعة اللاذقية مناقشات الجهاز المركزي مع البنك الدولي.. اعتماد أدوات التدقيق الرقمي وتقييم SAI-PMF هكذا تُدار الامتحانات.. تصحيح موحّد.. وعدالة مضمونة حلاق لـ "الثورة": سلالم التصحيح ضمانة للعدالة التعليمية وجودة التقييم "أطباء بلا حدود" تبحث الواقع الصحي في درعا نهضة جديدة..إقبال على مقاسم صناعية بالشيخ نجار وزير الخارجية اللبناني: رفع العقوبات عن سوريا يساعدها بتسريع الإعمار ترميم قلعة حلب وحفظ تاريخها العريق