يترنح القطاع الزراعي على وقع خيبات متتالية في تأمين مستلزماته ولا سيما السماد الذي أجمع عدد كبير من المزارعين على أن النوعيات الموردَّة سيئة جداً ولا سيما السماد المركب، حيث أن السماد استمر لعدة أشهر في الأرض دون أن يذوب ليتبين للبعض أن نسبة كبيرة منه ليست سوى أتربة وبقايا حصيات صغيرة.
اليوم بات واقعنا مكشوفاً أكثر من أي وقت مضى ولم تعد تنفع معه كل الوصفات والوعود وإذا لم يتم التعاطي بجدية مع القطاع الزراعي فإننا سنخسر آخر قطاع مُنتج وسنتحول لبلد مستورد لكل المنتجات الزراعية التي فاخرنا بتصديرها ونوعيتها يوماً ما، وعلى الحكومة أن تتخذ قرارها وتحسمه من اليوم وقبل بدء الموسم الزراعي الشتوي بتأمين حاجة البلد من السماد وبنوعيات ومواصفات جيدة وكذلك الأسعار لأن ما يتم توريده، يورَّد بسعر مضاعف ولمن يريد التحقق عليه أن يطلع على سعر طن السماد وفق النشرة العالمية لأسعار الأسمدة عند التعاقد على السماد، والأبشع من ذلك أن السماد تتم مقايضته بالفوسفات عن طريق وسطاء، والسؤال لماذا لا تقوم الحكومة السورية نفسها بمقايضة الفوسفات بالسماد ولا سيما أن المنتجين للسماد هم أصدقاء سورية، روسيا، الهند، بيلاروسيا وإيران هذا أولاً، وثانياً الفوسفات لم تشمله العقوبات على سورية لأنه مادة أساسية لصناعة الأسمدة المرتبطة مباشرة بتأمين الغذاء العالمي.
طالما مقايضة وليس هناك تحويلات مالية ولا عقوبات لماذا التوريد والتعاقد مع طرف ثالث وبسعر تقريباً مُضاعف؟.
ما حصل في موضوع السماد ليس مقايضة، بل صفقة، وكل الخشية من تكرارها، المقايضة بين طرفين لتصفير التكاليف، وليست بين ثلاثة أطراف، يخسر فيها الطرفان ويربح الوسيط.
القطاع الزراعي يجب أن يبقى بيد الحكومة مباشرة في تأمين مستلزماته وبعدها يكون لها الحق في ملاحقة المنتجين الذين لم يسلّموا إنتاجهم، أما أن تُعطي من الجمل أذنه وتريد أن تسعّر على أنها أعطت الجمل كله فهذا سيقابل بالعزوف عن الزراعة من أساسها ويكتفي المزارع بتأمين حاجته، القمح تم تسعيره على دولار بأقل من أربعة آلاف وتم استلامه عندما كان الدولار ما بين ثمانية وعشرة آلاف ليرة ولم يتم تعديل السعر على عكس خدمات الدولة من محروقات واتصالات ونقل وأجور التي تم مضاعفتها عدة مرات، فكيف تصح هذه المعادلة؟.
بعلم الرياضيات عندما لا يتساوى طرفا المعادلة تسمى معادلة مستحيلة الحل، أما معادلة الحكومة والفلاح فستكون نتيجتها وتسميتها استحالة الاستمرار.
الدعم يجب أن يُقدم في الحقل وعندها يمكن المحاسبة على البيدر، أما أن تنتظر الحكومة البيدر وتنسى الحقل وصاحبه فإنها ستحصد الخيبة ولن تجد البيدر، كما حصل مع كثير من المنشآت التي أرهقتها بالضرائب فتم إغلاقها وبذلك خسرت الكثير من المطارح الضريبية وخسرنا الإنتاج.