لماذا العدوان على غزة الآن ؟ … وما هو سقفه؟…

ثورة أون لاين – العميد الدكتور أمين محمد حطيط  : قد يصدق البسطاء ان العدوان الذي يستهدف غزة الآن باليد الاسرائيلية و بالسلاح الأميركي الذي ينتج مباشرة أو غير مباشرة بأموال عربية ، قد يصدقون أن هذا العدوان جاء ردة فعل على صاروخ استهدف آلية عسكرية إسرائيلية تحرشت بالقطاع و اقتربت منه في سياق الحصار المفروض

على غزة منذ نيف و 5 سنوات خلافا لقواعد القانون الدولي و الانساني . وهي القواعد التي لا يوجد لها محل في الفكر الصهيوني الاستعماري.‏

1. و في الاسباب الحقيقية للعدوان كما نراها (العدوان المنفذ الآن تحت تسمية «عامود السحاب» او عامود الغيم، او الغيمة المتصاعدة و المتمددة ) فإنها تكمن في ان جبهة العدوان على العرب و المسلمين و المستفيدة من نظم التبعية و الارتهان ، احتاجت لمثل هذا العدوان للسير قدما في مشروعها التصفوي للمقاومة و محورها ، و تاليا تصفية القضية الفلسطينية كما تريد اسرائيل و داعموها ، و هو الهدف الاستراتيجي الاساسي الذي لا تستطيع الجهة المنفذة الإفصاح عنه صراحة الآن حتى لا تقع في سقطة حربي 2006 و 2009 ، حيث كان التحديد المسبق من غير تحقيقه دليلا على الهزيمة الاسرائيلية .لهذا انطلق العدو بعدوانه ، دونما اعلان مسبق لسقف العملية لكننا نستقرئ هذه الاهداف المتعددة الطبيعة بين عسكرية و سياسية و استراتيجية كالتالي :‏

أ‌.في الاهداف العسكرية المباشرة نرى ان اسرائيل تريد ان تضع حدا لتراكم القوة لدى المقاومة في غزة هذه المقاومة التي رفض قادتها الميدانيون المسار الذي اتخذ بعد أحداث سورية، فاحجموا عن الانصياع للبعض من المسؤولين الذين قادتهم خياراتهم الى التماهي مع الموقف الاعرابي الذي تعبر عنه قطر المعروفة الولاء و الانتماء و التبعية و الوظيفة بالنسبة لاسرائيل و اميركا. و بالتالي فاننا نرى في الاهداف العسكرية الحقيقية لهذه العملية ثلاثة أهداف اساسية هي :‏

1) تصفية القادة المقاومين من مقاتلين و سياسيين ليخلوا المجال امام الاخرين الذين ارتبطوا بالمشروع الغربي لانفاذ مشروعهم الاستسلامي و لهذا نرى ان الخطر يحدق بكل قيادي في المقاومة في غزة يرفض مسار تصفية المقاومة و لا يقبل بالقول وداعا ايها السلاح .‏

2) تدمير ما امكن من مخزون الصواريخ الذي تمكنت المقاومة من تشكيله تصاعديا خلال السنوات الاربع التي اعقبت حرب 2009 .‏

3) تدجين المقاومة ثم تغيير واقعها في غزة من الوضع الذي عليه الآن حيث هي قابضة على السلاح قادرة على المواجهة ، الى الوضع القائم في الضفة الغربية و الذي يصدق عليه القول بالمقاومة المشلولة المقيدة ان لم نقل المنعدمة بسبب التنسيق الامني و القمع الذي تمارسه اجهزة سلطة اوسلو بالتعاون مع اجهزة الامن الاسرائيلي .‏

ب‌. اما في الاهداف السياسية الاستراتيجية ، فان ارادة اسرائيل و الغرب بالقيادة الاميركية تريد معرفة حقيقة الانظمة الجديدة التي قامت في معرض اكذوبة «الربيع العربي » ، و اختبارها للتحقق من صدقيتها حيال الغرب و هل ستكون وفية لتنفيذ التزاماتها الناتجة عن صفقة « السلطان لنا اي للغرب و السلطة لكم اي للقوى الممسكة بالانظمة المحدثة ». اختبار يريد الغرب ان يجريه قبل ان يندفع اكثر في الانخراط العملي و الميداني في الازمة السورية وخاصة انه تيقن ان تحقيق اهدافه في سورية يتطلب برأيه قرارات خطرة لا يمكنه اتخاذها قبل الاطمئنان الى مواقف تلك الانظمة المنتجة على عجل تحت عناوين دينية ، يريد معرفة ردات فعلها الحقيقية على تصفية القضية بدءا من تصفية المقاومة في غزة .‏

ت‌. اما في الاهداف الاسرائيلية المباشرة فهي متعددة منها ما له علاقة بالانتخابات النيابية و منها العسكري المتعلق باختبار المنظومات و الخطط و الاسلحة التي اعتمدت بعد حرب 2006 و 2009 من اجل تحصين الجبهة الداخلية ، و منها السعي الى ترميم القدرة الردعية الاسرائيلية و استعادة الهيبة قبل اي عمل قد تقوم به او تقرره على الجبهة الشمالية ضد لبنان و سورية فضلا عن ايران .‏

2. و لتحقيق هذه الاهداف يبدو ان العدو اعتمد خطة مرنة ذات مراحل متتابعة و مفتوحة على كل الاحتمالات و بشكل يمكنه التوقف في اي مرحلة او اي لحظة دون ان يخشى توصيف الهزيمة او الاندفاع الى الحد الاقصى اي عودة الاحتلال الى القطاع لفترة محددة و بالتالي فاننا نرى ان خطة العدوان كما يمكن استقراؤها حتى الآن قائمة على :‏

أ‌. مرحلة اولى : او المرحلة النارية المكثفة التي بدأها الطيران بشكل اساسي ، و التي تهدف الى تصفية القيادات الميدانية ما امكن ، و تدمير ما خزن من صواريخ ، و تحاول اسرائيل هنا ان تتجنب استهداف المدنيين . و في هذه المرحلة قد تدعي اسرائيل انها حققت اهداف العدوان بسرد ما انجزته في الميدان من قبيل القول بانها قتلت القائد الميداني الابرز في المقاومة و الرافض لمسار التسوية الاستسلامية ( احمد الجعبري ) معطوفا على الادعاء بانها دمرت المخزون الاكبر من الصواريخ .‏

ب‌. المرحلة الثانية : و تنتقل اسرائيل اليها ان وجدت الطريق الميداني و البيئة الدولية مفتوحة لذلك . و سيكون اداء المقاومة مؤثرا في القرار الاسرائيلي . اما في التنفيذ فقد يكون متمثلاً في تضييق الحصار البري على غزة عبر احتلال شريط حول القطاع و فيه بعمق يتراوح بين 3 الى 5 كلم و يكون من شأنه تعطيل استعمال الجزء الاكبر من مخزون الصواريخ ، مترافقا مع تدمير الانفاق لمنع التعويض .و هنا قد تدعي بانها حققت المطلوب من العدوان .‏

ت‌. المرحلة الثالثة و هي تطوير للمرحلة الثانية و تكون باحتلال ممرات في القطاع بعرض 2 الى 3 كلم من اجل تقطيعه الى مربعات ثم حصار تلك المربعات دون الدخول في مواجهة ميدانية مباشرة مع المقاتلين في الاماكن السكنية.‏

ث‌. المرحلة الرابعة احتلال كامل القطاع والسعي لاجراء عملية اجتثاث كلي للمقاومة و ملاحقتها بشكل يذكر بالعام 1982 في لبنان .و قد بدأت اسرائيل بالتحضير لها و للمرحلة الثالثة عبر استدعاء 75 الفاً من الاحتياط ، و تحضير البيئة الدولية لتقبل هذا القرار و نتائجه .‏

هذا ما يمكن استنتاجه الآن من طريقة ادارة جيش العدو لعملياته وكما بات واضحا يبقى امر توقف العدوان او استمراره حتى اقصاه رهن بعاملين :‏

1) الاول اداء المقاومة خاصة في مسألة ادارة النار و المحافظة على زخم اطلاقها بما يحافظ على مسألة انتاج الخوف لدى الاسرائيلين و هو الخوف الذي لا بد منه من اجل انتاج الردع المطلوب و منع اسرائيل من ترميم قدرتها الردعية ، و هنا نذكر بان ليس مطلوباً من المقاومة كثافة من النيران التدميرية لان وظيفتها ليست التدمير ، بل عليها ان تلتزم نسقا من النيران يتعهد انتاج الخوف في النفس الاسرائيلية ،‏

و في هذه النقطة يمكن ان نقيم اداء المقاومة حتى الان في الخانة الايجابية خاصة و انها احدثت من المفاجآت ما اربك العدو خاصة في القدرات النارية المتوفرة لديها و بدقة اصابة بعض الاهداف في منطقة تل ابيب و هو ما ادخل عاملا جديدا ضاغطا على اسرائيل وضعها في موقع حرج لجهة اتخاذ قرار حول الحرب استمرارا او توقفاً .‏

2) اما الثاني فمتعلق بالموقف الاقليمي و بالاخص الموقف المصري . الذي يكاد يوازي في فعاليته عمل المقاومين . و حتى هذه اللحظة نستطيع القول بان الموقف الدولي و العربي و الاقليمي في غالبيته يعمل لصالح اسرائيل و يشجعها على متابعة العدوان بما يذكر بالوضعية ذاتها التي قامت خلال حرب 2006 ضد لبنان . و هنا بات المراقب يطرح السؤال هل ان التواطؤ العربي قائم الآن ايضاً ؟ وخاصة ان في مشهد العرب في جامعتهم و مواقف بعض الدول ما يجعلنا نقول بالتواطؤ من غير خشية التجني على احد ، و إلا كيف نفسر ان يصف العرب انفسهم بالنعاج امام اسرائيل ، و هم انفسهم من كشر عن انياب الذئاب ضد سورية و شعبها ؟ و ستبقى هذه نظرتنا و خشيتنا من الموقف العربي ، دونما ضرورة لاعادة النظر بها ، إلا اذا رأينا قرارات و مواقف ليس أقلها :‏

– تهديد مصر او اقدامها على تجميد او إلغاء اتفاقية كامب ديفيد .‏

– العمل على تسليح المقاومة في غزة بعد ان يتخذ قرار نهائي بكسر الحصار و فتح معبر رفح دون قيد او شرط‏

– وقف التعاون الاعرابي مع اميركا في الملفات الاقليمية و العربية و في طليعتها المسألة السورية .‏

– الذهاب الى الجمعية العامة للامم المتحدة لادانة اسرائيل في كل ما تقوم به و للحصول على الاعتراف بفلسطين دولة مراقب غير عضو فيها .‏

اما ما دون ذلك ، او ما صدر حتى الان من مواقف عربية فهي ليست ذات قيمة عملية و لا تعدو كونها مواقف كلامية و خطابات شاعرية تغري العدو بمتابعة عدوانه و تؤكد التواطؤ العربي معه .‏

ويبقى القول و على اتجاه آخر ، انه لا يمكن الركون لموقف غربي من هنا او لتصريح اسرائيلي من هناك يروج لفكرة قرب وقف العدوان ، فهذا العدوان لن يتوقف الا بسد ناري تحدثه المقاومة المحتضنة من محورها الحقيقي و يدعمه موقف عربي صلب تبادر مصر الى تكوينه .‏

 

* أستاذ جامعي وباحث استراتيجي‏

آخر الأخبار
New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق The national interest: بعد سقوط الأسد.. إعادة نظر بالعقوبات على سوريا بلدية "ضاحية 8 آذار" تستمع لمطالب المواطنين "صحافة بلا قيود".. ندوة لإعداد صحفي المستقبل "الغارديان": بعد رحيل الديكتاتور.. السوريون المنفيون يأملون بمستقبل واعد باحث اقتصادي لـ"الثورة": إلغاء الجمرك ينشط حركة التجارة مساعدات إغاثية لأهالي دمشق من الهلال التركي.. السفير كوراوغلو: سندعم جارتنا سوريا خطوات في "العربية لصناعة الإسمنت" بحلب للعمل بكامل طاقته الإنتاجية الشرع والشيباني يستقبلان في قصر الشعب بدمشق وزير الخارجية البحريني عقاري حلب يباشر تقديم خدماته   ويشغل ١٢ صرافا آلياً في المدينة مسافرون من مطار دمشق الدولي لـ"الثورة": المعاملة جيدة والإجراءات ميسرة تحسن في الخدمات بحي الورود بدمشق.. و"النظافة" تكثف عمليات الترحيل الراضي للثورة: جاهزية فنية ولوجستية كاملة في مطار دمشق الدولي مدير أعلاف القنيطرة لـ"الثورة": دورة علفية إسعافية بمقنن مدعوم التكاتف للنهوض بالوطن.. في بيان لأبناء دير الزور بجديدة عرطوز وغرفة العمليات تثمِّن المبادرة مباركة الدكتور محمد راتب النابلسي والوفد المرافق له للقائد أحمد الشرع بمناسبة انتصار الثورة السورية معتقل محرر من سجون النظام البائد لـ"الثورة": متطوعو الهلال الأحمر في درعا قدموا لي كل الرعاية الصحية وفد من "إدارة العمليات" يلتقي وجهاء مدينة الشيخ مسكين بدرعا