ثورة أون لاين – خالد الأشهب: لك الله أيتها المغنية وأنت تستصرخي وتستغيثي وتستنجدي بأعلى الصوت وأحلاه «وين الملايين .. الشعب العربي وين .. »,
لك الله وأنت تدفعينني دفعا، مرة إلى البكاء ومرة إلى الضحك من تلك الملايين وعليها إذ لا حياة لمن تنادي وتنتخي، وإذ لم يأتك بعد حديث حمد بن جبر آل ثاني وهو يشرح جزءاً من فصل المقال في فلسفة النعاج والذئاب.. وفي نقد ذاتي أشبه بـ«المسخرة» عينها .. بعد أن يشبعها رياءً ودجلاً سياسياً يعجز أي بدوي آخر على تعلمها وأدائها في قرون وقرون ولو كان من آل سعود, إذ يأسف الرجل كثير الأسف لأن العرب يصيرون نعاجاً كلما دار الحديث عن العدوان الإسرائيلي… وأنت أيتها المغنية لم تر بطولات هذا الحمد وذئبيته وأنيابه الدامية عندما دار الحديث عن العدوان العربي على سورية!
لك الله أيتها المغنية وأنت تفترضين ما عجز ديكارت عن افتراضه في معالجات الشك واليقين في زمانه، تفترضين أن الملايين أو عشراتها ومئاتها يمكن أن يكونوا عربا, وأن العرب يمكن أن يكونوا أمة، وأن الأمة يمكن أن تنتصر لبعض البعض منها في زمن آل ثاني وآل سعود وآل المرزوقي وآل مرسي، وأنه يمكن لهؤلاء أن يدفعوا عشر ما يدفعونه و«يدفشونه» للإرهاب في سورية سلاحا على الأقل إلى غزة والغزاويين.. فيتحررون، لك الله في أوهامك وسذاجة أحلامك فبعض الشيشانيين يقاتلون منذ أشهر في حلب وفي ظنهم أنهم يقاتلون في غزة !
قبل «ثورات» من تستغيثين بهم من ملايين العرب قالوا لنا إن جامعة عمر موسى العربية تنطق باسم النظام العربي الرسمي ولا صوت للشعوب العربية، وأن الثورة ستقلب ظهر المجن لذاك النظام الرسمي, وستستعيد الشعوب صوتها المخنوق .. وبعد «الثورات» لم يعد ثمة عرب ولا حتى نظام رسمي، وصارت الجامعة فرعاً للناتو في الشرق الأوسط بوكالة حصرية لحمد وتابعه الأمين نبيل!
الثورة أولها في العقل وآخرها في الشارع … هكذا كانت وما زالت ثورات شعوب الأرض ومجتمعاتها، إلا ثورات العربان الجدد أولها في الشارع وآخرها في الشارع أيضا، فلا عقل ولا من يحزنون، ولا أيديولوجيا ولا من يؤمنون، ولا طلائع مثقفة ولا من يتطلعون، ولا معارضة إلا سيوف الردة والسلفيون والذبح البشري الحلال … حينئذ تصير الملايين قطعاناً هائمة والقطعان لا تنتخي ولا تغيث، فلأي الملايين تصدحين أيتها المغنية، ومن أي الملايين تنتظرون مدداً أيها السامعون؟