ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
منح الرئيس الأميركي إسرائيل مهلة إضافية لاستكمال عدوانها، فيما يتقاطر الوزراء الأوروبيون بمواقفهم وزياراتهم لتقديم التعاطف مع حكومة نتنياهو!!
أما الوزراء العرب، فقد استمهلوا غزة حتى اليوم، ليكون التدمير الوحشي قد أوصل ما يكفي من رسائل قد تعينهم – أو على الأقل – قد تخفف عنهم عناء إقناع رجال المقاومة بالكف عن محاولاتهم الدفاع عن أنفسهم وأهلهم في غزة.
المفارقة أن العرب بوزرائهم جاؤوا وفي حقائبهم الأوامر الأميركية الصارمة فقط، لا معونات تحمي الأطفال الفلسطينيين من عوز الحاجة، ولا دعم عسكري يردع الهمجية الإسرائيلية، ولا حتى موقف سياسي يمكن البناء عليه لتقوية موقف المقاومة وتعزيز أوراقها.
الأدهى أنهم جاؤوا يستقوون بأوراق المقاومة، ليستروا عوراتهم بعد أن كشفت غزة عجزهم، والأخطر أنهم قادمون للبناء عليها، وللمتاجرة بها، للبيع والشراء فيها مع الأميركي وقبله مع الإسرائيلي، للمساومة على ما تبقّى من حياة للفلسطينيين، ومن عوامل صمود.
ضعفهم أمام أميركا يستقوون فيه على المقاومة .. هلعهم من الغضب الإسرائيلي يترجمونه ضغطاً لا يمكن تجاهله على المقاومة، وهم يدركون قبل غيرهم، أن ضغطهم هذا الطريق الوحيد ليثبتوا حسن النيات وتقديم لائحة تليق بخدماتهم.
لذلك، حزموا أمتعتهم على مهل وجمعوا أوراقهم بهدوء، ولم يكن للزمن عندهم حساب، وحتى أرواح الفلسطينيين، لم يكن لها ثمن إلا بمقدار ما تخدم ما هو مطلوب منهم، وبالمساحة التي تحقق ما جاؤوا من أجله، خصوصاً بعد الوقت الإضافي الذي منحه اوباما للعدوان.
ندرك كما يدرك أهل غزة، كم هي محنة العرب الذاهبين إليها, وكم هي تتلاقى مع محنة الإسرائيليين ومأزق الأميركيين، وكم تتقاطع مخاوفهم مع هواجس الوزراء الأوروبيين المتقاطرين منهم أو أولئك الباحثين عن مخرج يلهثون خلفه، فاستنفروا أوراق ضغطهم, وحركوا أدواتهم التي أشهرت دورها علناً, أو تلك التي كانت مختبئة خلف شعاراتهم ووراء تلاوين مواقفهم.
ويدرك أهل غزة أن المحنة القائمة لن يحلها عرب وأعراب، كل ما توصلوا إليه إدانة واستنكار وتلاعب بالألفاظ، وحرب على المنابر، كادت تحرر فلسطين من النهر إلى البحر، فيما هم في غرفهم المغلقة، وفي مجالسهم السرية، يتواطؤون على أهل غزة، وقادمون إليها بالنصيحة من أجل ضمان «حسن التصرف»، من خلال العمل «الهادئ» و «المسؤول» في لحظة تاريخية، تحتاج إلى «هدوء» و «ابتعاد عن المغامرة»!!!.
لذلك، استمهل العرب حتى اليوم، لتكون «الأعصاب» قد هدأت، ومن أجل أن تحقق المنحة الأميركية الإضافية للعدوان أغراضها، فيصل العرب في الوقت المناسب ليكملوا حلقة التآمر دون خجل أو حرج.
ماعجزت عنه المبررات الأميركية والمسوغات الأوروبية لتبرير العدوان يتكفل به عرب الشبهة في غفلة الصقيع العربي المتدلي!!
أهل غزة لا يحتاجون إلى مزيدٍ من الصور التذكارية للقادمين العرب، ولا لوقفة أخرى على أطلال بيوتهم المهدمة، ولا لجولة في مرافقهم المدمرة، ولا أن يكونوا مركباً يعبر عرب الشبهة من خلاله بأمان ليعودوا إلى موقعهم الذي اختاروه ضماناً لعروشهم في الضفة الأخرى، كي يستمر الرضا الإسرائيلي والاستحسان الأميركي.
ما يحتاجه أهل غزة وقفة حقيقية تخفف من وطأة العدوان، أن يكون العرب ورقة قوة لا ابتزاز، وأن يكونوا عاملاً مساهماً في صمودهم ودفعهم للتمسك بأرضهم.. أن تقوى إرادتهم وهم يَرَوْنَ أشقاءهم إلى جانبهم بالفعل والقول، لا أن يتحولوا بعربهم وأعرابهم، إلى أوراق ضاغطة لإضعافهم والتأثير في مواقفهم ومعنوياتهم، والحد من تطلعاتهم المشروعة في إنهاء الاحتلال، ووقف العدوان إلى غير رجعة.
غزة في« بازار » الأعراب.. كما كانت عصية على الاحتلال والحصار والتآمر ستبقى عصية على بيعهم وشرائهم .. منيعة على ابتزازهم وضغوطهم !!