ثورة أون لاين:
تساؤلات عديدة تدور حول الواقع الفني والإنتاجي والتسويقي والمالي والعمالي في شركة إسمنت طرطوس التي تعتبر أكبر شركة إنتاجية..وخاصة في الفترة الأخيرة التي أدت الصعوبات التي تواجهها إلى توقيف ثلاثة خطوط من خطوطها الأربعة وإلى عدم تنفيذ كامل خطتها الإنتاجية.
واقع هذه الشركة في الوقت الحاضر بعد ست سنوات من الحرب العدوانية التي تتعرض لها بلدنا، ومستقبلها في ضوء الحاجة الماسة لمادة الإسمنت من أجل البناء أو إعادة الإعمار..إضافة للعقد المبرم مع المستثمر وملحقه الجديد، ووضع الآليات والأفران والمدينة السكنية المهترئة، والعلاقة مع مؤسسة العمران، وأسباب رفع سعر الإسمنت.. كانت المحاور الأساسية للحوار الذي أجراه الزملاء في مكتب صحيفة الثورة بطرطوس مع المهندس علي سليمان مدير عام الشركة فماذا كانت الحصيلة؟
بالأرقام
في البداية تحدث المدير العام عن الأرقام الإنتاجية للشركة خلال عام 2016 الماضي فأوضح أن إنتاج الشركة من مادة الكلينكر بلغ / 802648 / طناً (بنسبة 71 %) ومن مادة الإسمنت /857979/ طناً.
وتعود أسباب عدم تنفيذ كامل الخطة الانتاجية -كما قال- إلى توقف خطين إنتاجيين خلال الربع الرابع من عام /2016 / لعدم توافر كميات كافية من مادة الفيول اللازمة لتشغيل الأفران، وبلغت كمية مبيعات الإسمنت خلال عام 2016 مقدار(867979) طن إسمنت بنسبة تنفيذ 69 % من الخطة المقررة للشركة.
كما بلغت القيمة الإجمالية للمبيعات نحو / 26/ مليار ليرة محققة /2/ مليار ليرة أرباح صافية للشركة بعد أن كانت خسائر عام 2015 مليارين و800 مليون ليرة و/ 853 / مليون ليرة خسارة في العام 2014.
وبيّن أن ربحية الشركة في عام 2016 مردها إلى عدة عوامل أهمها انخفاض استهلاك حوامل الطاقة المتمثلة بالفيول والكهرباء لإنتاج الكلينكر حيث انخفضت كمية الفيول المنتجة لطن واحد من الكلنكر من 121،37 كغ فيول إلى 113 كغ بمعدل 8 كغ للطن الواحد، بالإضافة إلى انخفاض كمية الطاقة الكهربائية المنتجة لطن واحد من الإسمنت حيث انخفضت من 207،72 كيلو واط ساعي إلى 178 كيلو واط ساعي. علماً أن حوامل الطاقة (الفيول والكهرباء) تشكل 75 % من التكلفة ومرد هذا الانخفاض لعام 2016 يعود إلى العمرات والصيانات الشاملة للخطوط الانتاجية إضافة إلى الجهد المميز والنوعي لجميع العاملين في الشركة.
الخطة الاستثمارية
وعن الخطة الاستثمارية أشار سليمان إلى أن نسبة التنفيذ بلغت /71 %/ من إجمالي خطة الشركة موضحاً الأسباب التي أدت إلى عدم تنفيذ كامل الخطة الاستثمارية للشركة وهي عدم إمكانية البدء بالإعلان عن مشاريع الخطة الاستثمارية من بداية العام بسبب التأخر الحاصل في الحصول على الموافقات الضرورية من هيئة تخطيط الدولة ومن وزارة المالية واللازمة للبدء بالإعلان عن المشاريع المدرجة في خطة الشركة وفقاً للتعاميم الصادرة بهذا الخصوص الأمر الذي تم تجاوزه في العام الحالي بمتابعة واهتمام كل من مؤسسة ووزارة الصناعة.
الفيول والكهرباء
وركز مدير عام الشركة في اللقاء على أهم العقبات التي واجهت الشركة خلال العام الماضي والتي تمثلت بانقطاع التيار الكهربائي المتكرر والتقنين الحاصل على الكهرباء نتيجة الأوضاع الصعبة التي يمر بها وطننا الحبيب وهي خارجة عن إرادتنا واضطرار شركة الكهرباء إلى (تخفيض الاستطاعة من 43 ميغا إلى 10 ميغا) وهذه الكميات لا تكفي إلا لتشغيل خط إنتاجي واحد أو مطاحن الإسمنت في حدها الأدنى، وبسبب هذا التقنين والانقطاعات الكهربائية المتكررة فإنه عند حصول التوقفات يتطلب ذلك عدة ساعات إضافية لإعادة الآلات إلى العمل بالشكل الطبيعي عدا المشاكل التي تنشأ نتيجة هذه التوقفات بالإضافة لحصول فوات إنتاج أيضاً.
ومن الصعوبات أيضاً عدم تأمين مادة الفيول للشركة بالكميات اللازمة لتشغيل الخطوط الإنتاجية الأربعة ما أدى إلى انخفاض المخزون واضطر الشركة بتاريخ 17/10/2016 إلى إيقاف الخطوط الإنتاجية وتشغيل خط إنتاجي واحد وذلك بسبب أن الحاجة اليومية اللازمة لتشغيل الخطوط الإنتاجية الأربعة تبلغ من 550 طناً إلى 600 طن فيول يومياً. مع ملاحظة أن التقنين الكهربائي الاضطراري وصعوبة تأمين مادة الفيول أثر سلباّ على استقرار العملية الإنتاجية من ناحية إمكانية تحقيق الخطط الإنتاجية وكذلك أثر سلباّ على ارتفاع معدلات استهلاك الفيول والكهرباء نتيجة التوقفات الاضطرارية مع ما يؤدي إلى زيادة في استهلاك هاتين المادتين بشكل أساسي عند إعادة التشغيل للخطوط الإنتاجية بعد التوقف والمشاكل التي قد تظهر لإعادة الإقلاع إلى حين استقرار العملية الإنتاجية. والاضطرار إلى استهلاك الفيول والكهرباء دون وجود إنتاج خلال فترة التحمية وهذا ما يؤثر سلباّ على زيادة التكلفة لإنتاج طن الإسمنت مما يؤثر سلباً على أرباح الشركة.
اليد العاملة
ومن الصعوبات التي أشار إليها المدير العام: عدم توافر مادة النترات الضرورية في عمليات التفجير في مقالع الكلس والبازلت ما شكّل عائقاً إضافياً بسبب توقف معمل السماد بحمص وعدم إمكانية تأمينها عن طريقه أو عن طريق مؤسسة معامل الدفاع. هذا بالإضافة إلى تقادم الآليات الخدمية والهندسية وارتفاع كلفة صيانتها وكثرة أعطالها وعدم كفاية المبالغ المخصصة لإصلاحها وصعوبة تأمين المواد والقطع التبديلية ومستلزمات الإنتاج ذات المنشأ الخارجي (تجهيزات ميكانيكية – كهربائية – إلكترونية) ذات منشأ أوروبي بسبب المقاطعة والحصار الاقتصادي المفروض على سورية. بالإضافة إلى النقص الحاصل للأيدي العاملة بسبب التسرب الحاصل خلال العام والمتوقع خلال الأعوام القادمة نتيجة (التقاعد – الوفاة – الاستقالة).
تساؤلات
عدد من القضايا كان محور تساؤلات عديدة أهمها علاقة الشركة مع المستثمر وقصة ملحق العقد المبرم معه وفيما إذا كان مجحفاً بحق الشركة، وعن سبب عدم نجاح عمل الفلاتر في حماية البيئة، وواقع المدينة السكنية العمالية المهترئة وإمكانية هدمها واستثمار الأرض القائمة عليها والواقعة على البحر وبناء مساكن حديثة للعمال في مكان آخر تملكه الشركة غرب الأوتستراد، والحوافز المقدمة للعمال وتأمين سلامتهم على خطوط الإنتاج. والعلاقة الملتبسة مع العمران وتراجع التسليمات لها بخلاف الخطة المتفق عليها معها، وفيما إذا كنا سنشهد أزمة إسمنت في الصيف القادم إذا لم يتم تشغيل بقية الخطوط الإنتاجية وأسباب رفع سعر الإسمنت، وأيضا أسباب تنسيق الآليات الثقيلة في المقالع والاعتماد بعد ذلك على القطاع الخاص، وعن أهم مبادرات الشركة في ظل الظروف الحالية..الخ,
ردود
المدير العام أجاب على التساؤلات حيث أوضح فيما يخص المستثمر أن العقد وملاحقه مصدق من الجهات الوصائية وتعمل إدارة الشركة على تنفيذه بما يخدم ويحافظ على مصلحة الشركة مبيناً أن المستثمر قدم للشركة حتى الآن عدة مشاريع مهمة منها على سبيل المثال لا الحصر (ساحة التجانس التي دخلت في عملية الاستثمار- الفلاتر القماشية لانتزاع الغبار من مبردات الكلينكر وهي قيد الإنجاز – جهاز تحليل المخبر XRY – مراوح تبريد جدار الفرن – أجهزة سكنر لمسح قشرة الأفران الدوارة….). وأنه وفق العقد المبرم وملاحقه يستلم المستثمر حصته من الإنتاج الزائد عن كمية الإنتاج المضمون للشركة بسعر التكلفة مضافاً إليها الرسوم المتعلقة بذلك.
وبخصوص تصاعد الغبار من المداخن قال سليمان: إن منظومة الفلاتر الكهربائية في وضع فني جيد وهناك متابعة يومية من قبل الأقسام المختصة لضمان عمل الفلاتر بالشكل الجيد وعملية فصل الفلاتر مرهونة بعطل فني أو تكنولوجي يتم معالجته بأقصى سرعة أو انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي والهزات الكهربائية التي تحصل بسبب عدم استقرار الشبكة الكهربائية العامة، مع التأكيد على المراقبة المستمرة لعمل الفلاتر الكهربائية، ليس فقط لأجل البيئة وسلامة الطبيعة وحسب، وإنما للفائدة التي تعود للشركة أيضاً جراء إعادة الغبار المتصاعد في دورة الإنتاج.
وبشأن المدينة السكنية بين سليمان أن الوضع الإنشائي للمدينة السكينة غير جيد وفق تقارير فنية أعدت سابقا وأن الشركة تتابع موضوع بناء أبراج سكنية وظيفية لعمال الشركة وقد تم رفع مذكرة إلى الجهات الوصائية عن الكلفة التقديرية لإنشاء هذه الأبراج.
وأكد سليمان على سلامة كافة العاملين في المعمل وخاصة مع ارتفاع درجة الأخطار المحيطة ببعض الاختصاصات نتيجة طبيعة العمل الصعبة لعمال الإسمنت وبالتالي تقدير جهد كل عامل في المنشأة وتوزيع الحوافز بشكل عادل يحقق الشعور بالرضى عند العمال وهذا ما نقوم به ونشتغل عليه دائماً.
أما عن العلاقة مع العمران فأكد مدير عام الشركة أن العلاقة مع مؤسسة العمران جيدة وتنفيذ خطة التسويق من قبلها مرتبطة بحاجة السوق من مادة الإسمنت.
وأكد سليمان أن الشركة تعمل مع المؤسسة العامة للإسمنت ووزارة الصناعة لتأمين كميات إضافية من مادة الفيول لتشغيل خط انتاجي آخر بما يضمن استمرار تغطية حاجة السوق من مادة الإسمنت في المرحلة القادمة.
وعن أسباب رفع سعر مادة الإسمنت أجاب أنه حصل بسبب ارتفاع سعر مادة الفيول والكهرباء التي تشكل أكثر من 75% من كلفة طن الإسمنت.
وبخصوص المقالع أوضح أنه منذ 2004 وبناء على دراسات أكدت عدم وجود جدوى اقتصادية من الاستمرار في إصلاح الأليات الثقيلة العاملة في المقالع لارتفاع هذه التكاليف تم تعهيد المقالع.
الفحم الحجري
وعن إمكانية استعمال موارد أخرى للطاقة في ظل الوضع الراهن كشف المهندس سليمان عن وجود دراسة لاستخدام الفحم الحجري لتشغيل الأفران الدوارة، مبيناً أن مشروع الفحم الحجري مشروع استراتيجي يمكن أن يردّ تكلفته خلال /5/ سنوات.. مشيرا إلى أن أغلب مصانع الإسمنت في العالم تعمل على الفحم الحجري لأن كلفة الفيول والكهرباء تعادل / 75% / من الكلفة الإجمالية لصناعة الإسمنت في معمل طرطوس والفحم الحجري يوفر حوالي /30%/ وأي توفير هنا يكون بمثابة أرباح للشركة.
وهناك دراسة مع شركة روسية لوضع جهاز يعمل على تخصيب مادة الفيول فينتج مستحلب الفيول وهذا يوفر نسبة من المادة بحدود /10%/ كحد أدنى.
واقع العمل
وفي سؤال عن الحلول المقترحة لمواجهة الصعوبات والعقبات التي تواجه عمل الشركة بين المهندس علي سليمان أنه تم رفع بعض المقترحات الضرورية لوزارة الصناعة من شأن تنفيذها تطوير العمل وتذليل الصعوبات والعقبات والنهوض بواقع الشركة في ظل هذه الظروف الصعبة ومن أهم تلك المقترحات المساعدة والموافقة على استملاك البلوك رقم /3/ المتعلق بالمقالع لما لذلك من أهمية في المحافظة على استمرارية العملية الإنتاجية في الشركة.. والموافقة على إدراج مشروع استخدام الفحم الحجري لتشغيل الأفران الدوارة ضمن المشاريع الاستثمارية للسنوات القادمة حيث تم إجراء دراسة في المعمل رقم /3/ في الشركة السورية لصنع الإسمنت في حماة لاستخدام مادة الفحم الحجري كوقود للحرق في الأفران وقد قدر الوفر الناجم عن ذلك بحوالي /30.7/ مليون دولار سنويا وتأمين حاجة الشركة من الآليات الخدمية والهندسية بعد أن تم تنسيق /56/ سيارة خدمة قديمة يعود تاريخ صنعها لعام 1985 وما قبل كانت عاملة على أن يتم استبدالها بنصف العدد أي /28/ سيارة جديدة ولم يتم تأمين سوى /10/ سيارات منها وهذا ما سبب نقصاً حاداً في سيارات الخدمة.
بالإضافة إلى إعادة دراسة وتعديل الملاك العددي للشركة بما يلبي الحاجة الفعلية من الوظائف من حيث الفئات والشهادات ولحظ جميع الوظائف وخاصة أنه تم إضافة دوائر وأقسام للشركة مثل(خط تقطيع أكياس الورق – ساحة تجانس المواد الأولية(ورصد التمويل اللازم لإقامة أبنية برجية سكنية وظيفية لعمال الشركة بدلاً من المدينة الحالية القديمة غير الصالحة للسكن والآيلة للسقوط. وطلب المساعدة والموافقة على تعديل التعليمات التنفيذية لتوزيع الحوافز الإنتاجية الصادر بالقرار رقم 347 تاريخ 18/5/1993. بما يلبي احتياجات الشركة بعد صدور النظام الداخلي للشركة والتعديل في الهيكلية الإدارية للشركة وإحداث دوائر وأقسام جديدة وبالتالي ظهور وظائف لم تكن ملحوظة سابقا بحيث يصبح أكثر عدالة ويستهدف الشريحة المستحقة بشكل أساسي.
المصدر: عن صحيفة الثورة – هيثم يحيى محمد- علي صقور