ثورة أون لاين:
وحدها المصادفة جعلتني أكتشف وجود خطأ في الترجمة ضمن نوطة مع طالبة تدرس الأدب الفرنسي في جامعة البعث، وهي ككل الطلاب اشترتها من إحدى المكتبات الكثيرة الموجودة قرب مقر الجامعة، وهذا ما دفعني للبحث في موضوع توفر الكتاب الجامعي وسبب لجوء الطلاب للدراسة من النوط،
مع الأخذ بعين الاعتبار أن المكتبات التي تبيع الملخصات والنوط يكون هدفها تحقيق الربح المادي فقط ولاتعنيها مصلحة الطالب أو مدى تمكنه من المؤلفات الجامعية الملخصة، وبالنتيجة يتخرج الطلاب من الجامعة وهم يجهلون الكثير من المعلومات الضرورية لهم في حياتهم العملية، ولا ننسى أن دور الجامعة مغيب تماما وخاصة إذا عرفنا أن أصحاب المكتبات يتفقون مع بعض الأساتذة في هذا الموضوع.
الطلاب: طريق مختصر وسهل
لا يقتصر استخدام الطلاب للنوط في جامعة البعث على الفروع الأدبية فقط وإنما هناك طلاب في كليات الهندسة والأقسام العلمية يستخدمونها، وكما عرفنا من قسم منهم فإن سبب لجوئهم إليها هو الاختصار و التحديد.
الطالبة رهام من كلية الآداب( لغة فرنسية ) قالت: أستخدم النوطة لأنها تحتوي المعلومات المطلوبة في الامتحان، ولأنها تختصر المعلومات، وأحيانا هناك بعض المواد التي لا يتوفر لها كتاب وهنا تكون النوطة هي الحل الوحيد أمامنا بغض النظر عن دقتها.
مجموعة من الطلاب في كلية التربية والسياحة والآداب قالوا: رغم إرشادات عمداء الكليات لنا بعدم شراء النوط من المكتبات لأنها غير وافية، ولا تؤدي الغرض بالنسبة للطالب، نلجأ وبقية الزملاء في معظم الكليات إليها لأنها مختصرة.
وكثير من الأحيان نشتري محاضرات لا نستفيد منها شيئا فيكون مصيرها سلة المهملات، وأضاف أحد الطلاب بأن الأمر لا يقتصر على النوط الخاصة بالمنهاج، فأنا أقوم بكتابة الأسئلة الهامة والمتوقعة في الامتحان وأبيعها لإحدى المكتبات التي تتولى طباعتها لتقوم ببيعها للطلاب ونسميها: ( الأسئلة الذهبية ).
وقالت طالبة من كلية التربية: هناك أساتذة يتعاملون مع مكتبات محددة ويبيعونها المحاضرات وينصحون الطلاب بشرائها، ومن لا يشتريها قد لا ينجح في المادة.
وأكد أحد الطلاب أنه مستعد للتعامل مع مديرية المطبوعات في الجامعة لإعداد نوط نظامية, وهو مقترح مطروح على مستوى الجامعة بالنسبة لبعض المراجع والمواد التي لا تتوفر كتب لها، أو إذا كان لا مناص من استخدام النوطة، لكن هناك من لا يريد تنفيذه لأنه يضر بمصالح المكتبات الكثيرة الموجودة بالقرب من الجامعة والتي تسعى – كما أسلفنا – لتحقيق الربح بالدرجة الأولى، وبضعة أمتار فقط تفصل بينها وبين مبنى الجامعة ولها مريدوها من الأساتذة والمعيدين وغيرهم.
توفر الكتاب الجامعي متعلق بحركة التأليف
توجهنا إلى مديرية الكتب والمطبوعات في الجامعة وطلبنا من مديرها الدكتور غسان إدريس أن يحدثنا عن وضع الكتاب الجامعي وسبب لجوء الطلاب في الكليات النظرية للنوط فقال: أحدثت المديرية عام 2001 وفق القانون 39، ومهمتها تأمين الكتب الجامعية والمطبوعات لكافة الكليات التي تضمها جامعة البعث، وكذلك شراء الكتب الأجنبية المعتمدة، ونحن في المديرية لا نؤلف كتبا، وإنما يصدر الكتاب عن مجلس القسم، ويعرض على مجلس الكلية للموافقة عليه ومن ثم مجلس الجامعة ليصار إلى اعتماده ككتاب جامعي مقرر لتدريسه لمدة زمنية تبلغ أربعة أعوام يمكن تمديدها ثلاثة أعوام أو تعديل الكتاب بعد ذلك، وأضاف الدكتور إدريس بأن توفر الكتاب الجامعي للكليات النظرية (آداب وتربية) مرتبط بحركة التأليف وهي حركة خفيفة نسبيا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تأليف الكتب الجامعية الأجنبية ممنوع لأقسام الأدب الانكليزي والفرنسي والفارسي، وهناك الكثير من المقررات الأجنبية التي يتم شراؤها بعد تحديد اسم الكتاب ودار النشر الصادر عنها من قبل أستاذ المادة، والواقع الحالي أن أغلب المناهج التي يتم تدريسها موجودة في نوط، والأساتذة ليسوا مسؤولين عن دقة النوط وصحة المعلومات الواردة فيها، وهم ينصحون الطلاب بشرائها والدراسة منها دون علم الإدارة أو الجامعة..!!
وعن دور مديرية المطبوعات للحد من ظاهرة النوط في حال وجود كتاب جامعي قال الدكتور ادريس: تقوم المديرية بإبلاغ رئاسة الجامعة لوقف اقتناء النوط وإلزام الطلاب بشراء الكتاب الجامعي لأنه كتاب علمي موسع ومرجعية علمية موثقة يمكن أن يستفيد منه الطالب في حياته العملية بعد التخرج، كما تشجع المديرية حركة التأليف للحد من ظاهرة النوط والاعتماد عليها لأنها – في أغلب الأحيان – ليست دقيقة من الناحية العلمية وقد تحتوي معلومات خاطئة، وهناك مقترح يقضي بطباعة نوط نظامية لبعض المقررات التي لا تتوفر منها كتب جامعية وخاصة بالنسبة لقسم التعليم المفتوح.
النوط زائلة والكتاب باق
يرى الدكتور عصام كوسا وهو عميد كلية الآداب السابق أن السبب الذي يجعل الطلاب يستعينون بالنوط في دراستهم لأنها مختصرة وسهلة، ولأنها قد تغنيهم عن الكتاب الجامعي، وهي أفكار خاطئة لأن الكتاب الجامعي يعتبر مرجعا مهما للطلاب يمكن اللجوء إليه في أي عام من أعوام الدراسة، بينما تنتهي مهمة النوطة والمحاضرات المكتوبة بانتهاء الامتحان، مع العلم أن اقتناء الكتاب أوفر من الناحية الاقتصادية، ويتمتع الكتاب بسمة مهمة جدا وهي أن أستاذ المقرر أو مؤلفه يمتلك شهادة علمية عليا، أما النوط فإن من يقوم بإعدادها هم الطلاب سواء من خلال ما يأخذونه من الأستاذ مباشرة، أو من خلال أجهزة التسجيل التي انتشرت بين الطلاب ويقومون بتسجيل المحاضرات عليها. وبالنتيجة فالكتاب الجامعي باق والنوط زائلة.
للأسف – وسيلة عيش للبعض
أما عميد كلية الآداب الحالي الدكتور واصف السلامي فقال: تنتشر النوط بشكل كبير بين الطلاب، وهناك قانون يمنع أستاذ المادة من بيع النوط والأمليات والمحاضرات للمكتبات، لكن الجامعة لا تستطيع التأكد من الموجود في المكتبات، ويمنع تصوير محاضرات ضمن الجامعة إلا عن طريق مديرية المطبوعات وموافقة العميد، وبالنسبة لأقسام الكلية فإن الكتب الأساسية التي تدرس في قسم اللغة الانكليزية موجودة، ومديرية المطبوعات لا تستطيع تأمين الكتب الأجنبية وهذا ما يعرض الطالب لاستغلال القائمين على المكتبات، أما بالنسبة للغة الفرنسية فهناك مقررات ليس لها كتب، وهناك دائما خطط جديدة للقسم، بالإضافة إلى أنه لا يمكن تأليف كتب أجنبية على مستوى الجامعة لأن الموضوع يتطلب شروطا غير متوفرة، وفي بقية الأقسام كالتاريخ واللغة العربية تتوفر جميع الكتب، وغالبا ما يتم تأليف النوط من قبل طلاب الدراسات العليا أو الأوائل، ويمكن أن يكون بعض الطلاب في السنة الأخيرة ويحضرون في السنة التي يريدونها لأنهم يتعاملون مع مكتبة ما لإعداد النوط أي أنها – للأسف – وسيلة عيش لدى البعض وهنا لم يعد مهما إن كانت تلك النوط صحيحة ودقيقة، وقد طلبنا منذ بداية العام من بعض الأساتذة أن يزودونا بملخصات لطبعها عن طريق مديرية المطبوعات مقابل سعر تحدده رئاسة الجامعة، وحتى الآن لم يأت أي أستاذ بما طلبناه منه، كما أن الكلية لم تتمكن من تأليف أي كتاب أجنبي لطلاب التعليم المفتوح – مثلا – ليصار إلى طباعته، كما أننا لم نحصل على أي موافقة من وزارة التعليم العالي بهذا الخصوص.
المصدر: عن صحيفة الثورة – سهيله علي اسماعيل