ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم:يفتح الحراك السياسي القائم شهية بعض تجار الفبركة ومرتزقة الافتراء، ممن راهن على المسالك المغلقة، فيسهب في استغلال الفرصة ليرمي بآخر ما في جعبته من عقبات وعراقيل تحت عناوين التفسير لهذا الحراك تارة، وتحت مظلة الفهم المجتزأ له تارة أخرى.
وفيما القراءات تتباين من طرف لآخر ثمة من يتمترس خلف تمنياته ويتخندق خارج النص كلياً، ويفتح الباب لتأويلات تخرج عن سياقها بالمطلق، بل تتعارض مع الحيز الذي اجتُزئت منه، فيخلط بين الثابت والمتحرك ويتوه بين المسموح في السياسة والممنوع في المبادئ.
فثمة ثوابت عجزت كل التهويلات والضغوط عن تحريكها رغم محاولات تدوير الزوايا التي ما فتئت تضيف هنا وتحذف هناك، ورغم محاولات التحريف التي ما برحت تجتزئ في حديث وتفبرك في تصريح، وبالتالي كان من العبث اللعب في الوقت الضائع على المفردات والألفاظ، خصوصاً حين يكون الشرح المسهب ورقة إضافية للتورية السياسية خلف عناوين كاذبة ومرفوضة بالأساس.
مبدئياً يصعب قبول فرضية أن الخطأ في القراءة ناتج عن حسن نية، وبالقدر ذاته يبدو مستبعداً أن يكون بسبب عدم إدراك الفوارق بين المصطلحات، حيث الخضرمة الدبلوماسية والخبرة الإبراهيمية الممتدة في تجارب استعصت على الآخرين، تدحض مثل هذا الاحتمال.
وعلى الضفة الموازية لها يبدو عصياً على الفهم هذا الدخول المتعمد في مماحكات ثبت بالتجربة والتكرار عدم جدواها، فحين تكون الغاية جرّ الخطاب السياسي إلى تسويق مفردات تتطاول على النص الأساسي، فمن البداهة أن تحمل في جوانبها ما يكفي من قرائن على تعمد الحالة بشقيها اللفظي والمعنوي.
نتفق على أن الإخراج بدا محكماً، لكن في النص ثمة مغالطات لا تصح معها المهادنة، ولا أي شكل من أشكال التسوية، لأنها تتعلق أساساً بثابت، يتقن السوريون فن التمسك به، كما يبرعون في الحفاظ عليه، حتى لو جاءت عواصف العالم وحلت أعاصير الأرض قاطبة.
ونتفق أيضاً، على أن مساحة المناورة التي تبناها الإبراهيمي تتسع أكثر مما يجب، وتجول في فضاء مشبوه تلتقط حواسها المتفردة في تقديم العربة على الحصان، فيتحول الأساسي إلى ثانوي والضروري إلى هامشي، والأساسي والجوهري إلى اختلاف في وجهة النظر، وربما تباين في التفسير.
قد يستطيع أن يتوسع في هوامشه الذاتية كما يريد، وأن يكتب خلف سطوره التي دونت على عجل هنا وهناك ما يشاء ، لكن من غير المسموح أن يعتقد أو يتوهم أن الثابت السوري يمكن ان يكون مادة للتأويل أو التفسير، ومن غير المباح أن يرمي أوراقه في السلة الخطأ ليبرئ ذمته بعد أشهر من التجوال العبثي دون طائل.
كان بمقدوره ان يلتقط اللحظة التي سنحت له ، كما توفرت لديه الفرصة ليمسك بالخيوط الصحيحة وان يحركها في الاتجاه المطلوب إلى حيث روابطها داخلياً وخارجياً.. أن يعود إلى أساس المشكلة.. أن يفصل في أسبابها، لا أن يقفز إلى النتائج وبشكل اعتباطي!!.
بين الثابت السوري والمتحول الإبراهيمي تتوه التقديرات والتخمينات، وتسلك دروب النفاق والافتراء على وقع ما يتوافر لديها من تسريبات معلبة، أو على ما يأتيها من أوامر عمليات، فتنفخ في القربة المثقوبة مراراً وتكراراً، وتعيد تصنيع المشهد خارج سياقه وبعيداً عن حاجياته ويتحول الحراك السياسي إلى منصة للقصف الكاذب والافتراء والفبركة.
الفارق أن ثابت السوريين ليس مادة للاحتمالات، ولايقبل أنصاف الحلول، ولا تدوير الزوايا، فيما متحولات الإبراهيمي تدخل بازار المساومات، وهي تعود إلى سابق عهدها.. إلى المنبت الذي أنتجها، وإلى محاضر الجلسات التي أخرجتها والغرف المغلقة التي أنضجتها بلبوس آخر.
وما يصح هنا.. بالضرورة لايجوز هناك ولامجال حتى للقياس!!
a.ka667@yahoo.com