ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير علي قــاسـم
تسجل الغوطة الشرقية رقماً قياسياً في حضورها الإعلامي في المحافل الغربية، بدءاً من تباكي دي ميستورا وليس انتهاءً بالندب الغربي على التنظيمات الإرهابية، التي تتعالى أصوات الاستغاثات في صفوف المرتزقة منها تحديداً، مروراً بالتجيير السياسي والإعلامي والدبلوماسي،
في حملة منظمة ليس من الصعب اكتشاف خيوط ترابطها واتساقها مع «بروباغندا» لا تتردد في استخدام أقصى طاقات الفبركة والكذب والافتراء على الحقيقة والواقع.
والسؤال الذي يُطرح بإلحاح في سياق المقاربة الغربية يبدو حائراً بين الدوافع التي تتسابق عواصم منظومة العدوان لالتقاطها، والعوامل المؤججة باعتبارها تشكل آخر بقايا المشروع الإرهابي بإسقاطاته وتنوع الأدوات والعناصر والمشاهد المعدة مسبقاً، حيث التداول الوحيد المسموح فيه هو حشد وتجيير الفعل السياسي والإعلامي وحتى الدبلوماسي في خدمة المشروع الذي يأخذ سياقاً يتجاوز كل ما سبقه، وقد يضيف الكثير إلى ما يلحق به مستقبلاً.
في الأسباب المباشرة لا تبدو الإجابة عن السؤال صعبة ولا عسيرة، وفي الأبعاد والعوامل لا تخرج في نهاية المطاف عن المحددات الأساسية للحملة الغربية، باعتبار أن السياق واحد، والاختلاف فقط في هامش الاستهداف والغايات التي تحدد المشهد بأبعاده المختلفة، وتبدو متشابكة ومختلفة إلى حد يصعب الفصل فيه، ويقدّم في الوقت ذاته قراءات تخلط بين الواقع والافتراض لتقدم مشهداً جديداً من مشاهد التورية السياسية لهزلية المنظومة.
فالتجيير الغربي ينطلق من اعتبارات تم تنسيقها وسحبها من التداول منذ وقت طويل، وتحمل في طياتها مؤشرات الإفلاس السياسي، بحكم أن استخدامها مجدداً لن يقدّم أي بديل، ولا قيمة مضافة، بقدر ما سيكون اجتراراً إضافياً يستشف منه رسالة دعم للإرهابيين تستحضر ما صعب على منظومة العدوان أن تفرضه حتى في الواقع الافتراضي، خصوصاً مع الانكشاف المتدحرج في أكاذيبها وفبركاتها.
عند هذه النقطة كان الحديث الروسي يستولد ردود فعل متفاوتة، لكنها أصابت المبعوث الأممي في انفصام سياسي أخرج معه آخر ما في جعبته من متناقضات، وسرد كل مواجعه ومخاوفه وهواجسه، التي أوصلته إلى حد التباكي على مصير الإرهابيين الذين يخشى أن يلقوا المصير ذاته الذي تلقاه الإرهابيون في حلب.
وهذا بحد ذاته يميط اللثام عن آخر وجوه الدور الأممي ممثلاً بالسيد دي ميستورا الذي فقد أعصابه، كما فقد حياده وتوازنه، حاله في ذلك حال الأميركيين وسائر الأدوات والمنظومات الإرهابية المتعددة الأشكال والنماذج، باعتبار أن الغوطة كانت تمثل نقطة ارتكاز حاجج الغرب طويلاً لتبقى أحد نماذج الإرهاب المعتدل الذي مافتئت واشنطن تسوّقه، وأوقعت معها النظام التركي في الأتون ذاته، حيث الخلط هنا بين النصرة وسواها بات يمثل حداً يزيد من متاعب المهمة الوظيفية لنظام أردوغان في حماية الإرهابيين.
فأذرع الحملة الغربية لم تقتصر على ما توافر لدى منظومة العدوان بتعدد نماذجها من أكاذيب وفبركات وافتراءات، بل أضافت إليها ما تمكنت من توكيل أدوات إضافية، باعتبارها الحامل الموضوعي لافتراءات الغرب، وإن كان الانجرار الأممي ممثلاً بالمبعوث الخاص وصولاً إلى المنظمة الدولية التي تجاهر بالدفاع عن الإرهابيين في سابقة تسجل الكثير من التساؤلات غير المفهومة إلا حين توضع في سياق التجيير الغربي.
التجربة وإن اختلفت في الغوطة فلها الكثير من التقاطعات، ولم تكن حلب بعيدة عنها ولا خارج سياق القياس، ورغم التجيير والافتراء والكذب فقد عجزت عن ليّ عنق الحقيقة، وإن الإرهابيين ورعاتهم في نهاية المطاف لم يكن أمامهم من خيار إلا التسليم بالمحصلة النهائية، وحال الغوطة الشرقية وسواها من مناطق في سورية لن يكون خارج هذا الإطار، سواء ارتفع السعار الغربي أم تضخم وتورّم، فالمخرج الوحيد هو اجتثاث الإرهاب طال الوقت أم قصر، هذا قرار السوريين ومطلبهم وتطلعهم.. وما يقرره السوريون هو الناتج الحقيقي الوحيد.
a.ka667@yahoo.com