مسودة قانون هيئة مكافحة الفساد على طاولة نقاش ساخن… هيئة على أنقاض هيئة وتوجهات في مسارات متهمة بخلل نسعى لمحاربته!!…
ثورة أون لاين:من هيئة للرقابة والتفتيش إلى هيئة لمكافحة الفساد نسأل: لو قامت الرقابة بما عليها وتوصل التفتيش إلى مكامن الخلل هل كنا سنصل إلى ما نحن عليه من فساد واضطررنا لأن ننشئ هيئة لمكافحته؟!!،
فعلى الرغم من أن التسمية هي اعتراف بواقع الفساد القائم وقبل ذلك هي اعتراف صريح بفشل الرقابة والتفتيش، إلا أن الخشية دائماً ما تكون مقتصرة على مسألة اعتدناها تتمثل بـ "تبديل المصطلحات"، وهي حالة طالما شهدناها في مطابخ القرار الإداري لدينا، لاسيما أن المعلومات الأولية التي وصلت إلى "صدى الأسواق" حول مسودة قانون إحداث "هيئة مكافحة الفساد" لا تختلف كثيراً عن قانون "الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش" ولعل الجديد الوحيد في مسودة القانون الجديد إضافة إلى التسمية هي المواد المتعلقة بقانون "الكسب غير المشروع"، فيما بقيت معظم المواد في مسودة القانون والبالغ عددها 70 مادة قريبة من مواد القانون القديم الخاص بالهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.
"الكسب غير المشروع".. وجديد القانون
ومن الجديد نبدأ وتحديداً من عند المواد التي تقع في إطار الفصل الرابع (من المادة 11 حتى المادة 15)، حيث تقضي المادة 11 من مسودة قانون الهيئة المحدثة في فقرتها (أ) بإحداث مديرية تسمى "مديرية الكسب غير المشروع" تتولى استلام وتسجيل مغلفات إقرارات الذمة المالية من الجهات العامة أو جهات الخدمة العامة وحفظها مغلقة لديها، وبحسب المادة 12 فقرة (أ) يتولى المجلس (المجلس الأعلى للهيئة حسبما ذكر في المادة الأولى) التحقيق في الشكاوى والإخبارات والتقارير بشأن الكسب غير المشروع فيما يتعلق بنواب رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ومن يعامل معاملتهم والمحافظين، وتنص الفقرة (ب) من هذه المادة على تشكيل لجنة من خمسة محققين بموجب قرار المجلس تتولى التحقيق في الشكاوى والإخبارات والتقارير المتعلقة بباقي الفئات المحدد في الفقرة (ب) من المادة (1) من قانون الكسب غير المشروع، ولجان من 3 محققين فيما يتعلق بالعاملين المقصودين بأحكام الفقرة (أ) من المادة (1) من القانون المذكور، على أن يرأس كل لجنة أقدم أعضائها خدمة.
وتقضي المادة 13 في فقرتها (أ) إذا تبين من التحقيق وجود شبهات جدية حول كسب غير مشروع، كان للجهة التي تتولى التحقيق أن تقرر فض مغلف إقرار الذمة المالية وطلب البيانات والإيضاحات والوثائق أو صور عنها من الجهات المختصة بما فيها تلك التي تعد بياناتها سرية وكذلك تحريك الدعوى العامة، وفي الفقرة (ب) من هذه المادة أعطي للمجلس واللجان المذكورة عند مباشرة التحقيق جميع الاختصاصات المقررة لسلطات التحقيق في قانون أصول المحاكمات الجزائية فيما عدا التوقيف.
وتسمح المادة 14 في فقرتها (أ) للهيئة أن تصدر قراراً بمنع التصرف بأموال المحقق معه وأموال زوجته وأولاده القصر وكذلك أموال أي شخص طبيعي أو اعتباري آخر يشتبه بعلاقته بالكسب غير المشروع، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار، وعلى الهيئة أن تعرض القرار والإجراءات المتخذة على محكمة الجنايات المختصة في ميعاد لا يجاوز ثلاثين يوماً تلي تاريخ صدوره، وعلى محكمة الجنايات خلال ثلاثين يوماً التالية كحد أقصى أن تحدد جلسة وتدعو من صدر القرار بحقه الحضور لسماع أقواله وتصدر حكمها بتأييد قرار الهيئة أو تعديله أو إلغائه.
وتنص الفقرة (ب) من هذه المادة على أن من صدر بحقه منع التصرف عرضه على المحكمة ذاتها، فيما يقبل قرار محكمة الجنايات بحسب الفقرة (ج) الطعن أمام محكمة النقض خلال ثلاثين يوماً تلي تاريخ تبليغه، ويبت في الطعن خلال مدة لا تتجاوز الستين يوماً تلي تاريخ تسجيله، ويجوز للهيئة من خلال الفقرة (د) في كل وقت العدول عن قرار منع التصرف أو تعديله متى رأت موجبات ذلك.
وإذا أرادت الهيئة بعد انتهاء التحقيق بحسب الفقرة (أ) من المادة 15 عدم قيام الدليل أو الأدلة على المحقق معه غير كافية لتحريك الدعوى العامة، تحفظ الملف وتبلّغ الجهة المعنية بذلك، وإذا رأت أن الأدلة كافية تحيل التحقيقات إلى النيابة العامة لتحريك الدعوى وفقاً لقانون الكسب غير المشروع، وإذا تبين (فقرة ب) للهيئة بنتيجة التحقيقات أن الواقعة محل الشكوى أو التحقيق تشكّل مخالفة إدارية أو مالية تحيل الملف إلى الجهة المعنية لإجراء المقتضى القانوني.
مواد محط جدل وبحث
وبحسب مصادر خبيرة لم تزل بعض المواد المشار إليها في الفصل الثاني من مسودة القانون (من المادة 2 وحتى 7 ) الذي يتحدث عن إحداث الهيئة وأهدافها ومجالات عملها مثار جدل، ولاسيما أن المادة الثانية من المسودة التي تقضي بإحداث الهيئة وهي مستقلة وتتبع لمجلس الوزراء وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري ويكون مقرها دمشق وتحدث لها فروع في المحافظات بقرار من المجلس، حيث يتركز الجدل فيها حول تبعية الهيئة، فهناك آراء تقول إن تبعيتها لمجلس الوزراء ربما يسمح لأي وزير التدخل في شؤونها، علماً أن جميع الوزراء ومعهم رئيس مجلس الوزراء يجب أن يخضعوا لمحاسبة الهيئة، وأصحاب هذا التساؤل يرون بأن ترتبط الهيئة مباشرة لرئيس الجمهورية أو تكون مرتبطة بمجلس الشعب أو حتى برئيس مجلس الوزراء وليس مجلس الوزراء.
كما أن المادة الثالثة التي تعدد جرائم الفساد المتمثلة بـ (الرشوة – صرف النفوذ – اختلاس الأموال العامة – استغلال الوظيفة العامة – الكسب غير المشروع) بقيت مادة عائمة وعامة، فجرائم الفساد واسعة جداً والأولى أن يتم الحديث عن اختصاصات واضحة وصريحة.
وكذلك المادة الرابعة بقيت في إطار السياسات العامة وهي التي تتحدث عن أهداف الهيئة والتي تتمثل بالوقاية من الفساد ومكافحته ودرء مخاطره وآثاره وملاحقته ومرتكبيه واسترداد الأموال الناجمة عنه وعائداتها، وحماية المال العام من الهدر، وترسيخ مبادئ النزاهة والشفافية أساساً في أداء عمل الجهات العامة في مجالاتها المختلفة وتحقيق تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، وتشجيع المشاركة المجتمعية في مجال مكافحة الفساد، وتفعيل التعاون مع الدول والمنظمات في مجال مكافحة الفساد.
فيما حددت المادة 5 من المسودة جرائم الفساد التي سيسري عليها قانون الهيئة وتتمثل في جرائم الفساد التي تقع كلاً و جزءاً في الجمهورية العربية السورية أو في إحدى الجهات التابعة لها في الخارج أياً كانت طبيعتها أو جنسية مرتكبيها، وجرائم الفساد التي تقع خارج الجمهورية العربية السورية وتكون المحاكم السورية مختصة بها وفقاً للقانون السوري والاتفاقات والمعاهدات الدولية النافذة.
وعددت المادة 6 الجهات التي تشملها اختصاصات، وذلك في الفقرة (أ) منها وهي الجهات العامة من وزارات وهيئات ومؤسسات وشركات ومنشآت عامة ووحدات الإدارة المحلية المرتبطة فيها وجهات القطع العام الأخرى، واللجان الإدارية ذات الصفة القضائية، والمؤسسات والشركات التي تملكها الدولة كاملة أو القطاع المشترك، والجهات التي تمنحها الدولة إعانات وتضمن لها حداً أدنى من الربح أو تكون لها علاقة أو تأثير في النهج الاقتصادي، والمنشآت المؤسسات الخاصة التي يكون لها علاقة أو تأثير في التربية والتعليم أو الصحة العامة، إضافة إلى المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والجمعيات التعاونية السكنية والمنظمات والنقابات والجمعيات والمؤسسات الخاصة المنصوص عليها في التشريع الناظم لها والنوادي الرياضية، فيما استثنت الفقرة (ب) من هذه المادة كل من شؤون التسليح والتنظيم والإمداد في وزارتي الدفاع والداخلية، من اختصاصات الهيئة إضافة إلى القضاء العادي والإداري والعقاري وما يدخل في مهام إدارة التفتيش القضائي بموجب التشريع النافذ، وهناك من رأى أن يستثنى أيضاً الجهاز المركزي للرقابة المالية، ولكن ذلك لا يزال محط بحث.
وتم التأكيد في المادة السابعة على أن تؤدي الهيئة مهامها واختصاصاتها باستقلالية تامة وحيادية مطلقة وفقاً لأحكام هذا القانون.
بعض الحشو والتكرار
إلى ذلك لم تخلُ مسودة القانون من الحشو والتكرار حيث أتى الفصل الثالث الذي يشمل المواد (من 8 حتى 10) وهو الفصل الذي يتحدث عن اختصاصات الهيئة فيه الكثير مما أتت عليه مواد الفصل الثاني السابق له، حيث تحدد المادة الثامنة الممارسات والمهام والاختصاصات التي تتولاها الهيئة، وتتمثل في وضع استراتيجية شاملة للتعريف بالفساد ومخاطره والوقاية منه ومكافحته، والعمل على تعزيز إسهام المجتمع المحلي في الأنشطة المناهضة للفساد، وتقييم التشريعات النافذة بمكافحة الفساد للوقوف على مدى فعاليتها، واستلام وقيد وحفظ إقرارات الذمة المالية المنصوص عليها في قانون الكسب غير المشروع، وتقصي جرائم الفساد التي تكتشفها الهيئة أو التي تحال إليها أو تتلقى بشأنها إخبارات أو تقارير والتحقيق عند الاقتضاء مع من ينسب إليهم ارتكابها أياً كان موقعهم وعملهم وصفتهم، إضافة إلى التنسيق مع وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية لممارسة دور فاعل في مكافحة الفساد، وتمثيل سورية في المؤتمرات الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد.
فيما نصت لمادة التاسعة أنه على كل شخص علم بوقوع جرائم فساد إبلاغ الهيئة أو الجهة المعنية عنها، مع تقديم ما لديه من معلومات حولها لتتولى دراستها والتأكد من صحتها واتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها، لكنها بقيت مبهمة وعامة ولم تحدد مدى المسؤولية التي ستقع على الشخص الذي لا يبلّغ..؟!.
ونصت المادة 10 في فقرتها (أ)على حق الهيئة في مخاطبة واستدعاء المعنيين من شاغلي الوظائف العامة أو العاملين في القطاع الخاص وغيرهم والاستفسار والتقصي حول واقعة تتعلق بالفساد، وأوضحت الفقرة (ب) منها أن المراسلات والمعلومات والبلاغات المتصلة بجرائم الفساد وما يجري في شأنها من فحص أو تحقيق هي من الأسرار وعلى كل من لهم علاقة بتنفيذ هذا القانون عدم إفشائها.
ضعف التنسيق ومحدوديته
ويتحدث الفصل الخامس من المسودة الذي يشمل المواد من 16 وحتى 21 عن مسألة التنسيق مع أجهزة الدولة، وقضت المادة 16 أن للهيئة بالتنسيق مع أجهزة الدولة المعنية جمع الأدلة والمعلومات المتعلقة بالفساد وإحالة المشتبه بهم إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية وفقاً للقوانين النافذة، وبموجب المادة 17 تلتزم المؤسسات المالية وأجهزة الدولة بالتعاون مع الهيئة في كل ما يتعلق بمكافحة الفساد وتذليل الصعوبات بما يمكّنها من أداء مهامها على الوجه الأمثل، وتقضي المادة 18 بوجوب تعاون أجهزة الدولة فيما بينها لكشف جرائم الفساد والإبلاغ عنها إلى الهيئة أو الجهات المختصة مع إمدادها بالمعلومات المتعلقة بتلك الجرائم، وتقول المادة 19 إذا اشتبه باقتران جرائم الفساد بجرائم غسل الأموال، يتم التنسيق مع هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأعطت المادة 20 للعاملين في التحقيق صلاحية استجواب الأشخاص الذين تظهر لهم علاقة بالجرائم المرتبطة باختصاصات الهيئة وإن كانوا من غير العاملين في الجهات المعنية، وبينت المادة 21 أنه بالنسبة للأشخاص الذين يشترط الدستور أو القانون النافذ لتحريك الدعوى العامة بحقهم الحصول على إذن مسبق يحيل المجلس الأوراق إلى المراجع المختصة للنظر في منح الهيئة الإذن اللازم للتحقيق معهم وإجراء المقتضى القانوني.
وبناء على ما تقدم في هذا الفصل يتبين بحسب اختصاصيين أنه لم يتم أي ذكر لآلية التنسيق مع الأجهزة الرقابية الأخرى وخاصة الجهاز المركزي للرقابة المالية وهنا تبرز الخشية من الازدواجية في العمل ويتم التحقيق في القضية الواحدة من أكثر من جهة، كما أنه لم يتم تحديد آلية واضحة للتنسيق مع الإعلام بمختلف وسائله على اعتبار أنه أحد أهم وسائل الكشف والإضاءة على حالات الفساد، وهذا ما يضعّف مسألة التنسيق ويح من فعاليتها.
سحب صلاحيات.. ووضع العاملين
ولعل الفصل الأكثر جدلاً في مسودة هذا القانون هو الفصل 12 الذي يتحدث عن الأحكام الختامية (من المادة 66 وحتى المادة 70) وتحديداً ما جاء في المادة 66 منه والتي تنص على إلغاء اختصاص التحقيق في جرائم الفساد الذي يكشفها أثناء قيامه بأعمال الرقابة من اختصاصات الجهاز المركزي للرقابة المالية وإحالة ملفاتها إلى الهيئة، وفي حال بقيت هذه المادة على حالها بحسب اختصاصيين سيتم إغراق الهيئة بالكثير من الملفات والتفاصيل مما قد يحيد الهيئة عن عملها الأساسي وهو مكافحة الفساد، وأيضاً سيجرد الجهاز من أهم أدواته وهي أداة التحقيق، وبالتالي لا بد من التنسيق مع الجهاز المركزي للرقابة المالية لوضع صيغة لحالات التحقيق التي يجب أن تحال إلى الهيئة.
ونصت المادة 67 من المسودة على إلغاء قانون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ويؤول إلى الهيئة المحدثة ما لها من حقوق وعليها من التزامات، ويعد ملاك الهيئة السابقة ملاكاً مؤقتاً للهيئة الجديدة ريثما يصدر ملاكها، وتتابع الهيئة الجديدة التحقيق في الملفات غير المنجزة المتعلقة بالفساد أو تعود بإجراءات التحقيق إلى البداية، أما الملفات غير المنجزة والتي لا تتعلق بالفساد فتعاد إلى الجهات المعنية لإجراء اللازم بشأنها.
وقضت المادة 68 برفع حصانة نقل العاملين في التفتيش لدى الهيئة الملغاة لمدة شهرين من تاريخ نفاذ هذا القانون، ويصدر قرار عن رئيس مجلس الوزراء بنقل من يرى المجلس الأعلى للهيئة نقله.
وبحسب المادة 69 يصدر النظام الداخلي بقرار من رئيس الهيئة، وتصدر التعليمات التنفيذية لهذا القانون بقرار منه خلال مدة 3 أشهر من تاريخ صدور القانون.
تكوين الهيئة.. نسخة مكررة
هذا وجاء تكوين الهيئة المحدثة على أنقاض الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش على غرار تكوين سابقتها باستثناء ما يتعلق منها بتطبيق قانون الكسب غير المشروع، ويحدد الفصل السادس (من المادة 22 وحتى المادة 37) تكوين الهيئة، وتتألف الهيئة بحسب الفقرة (أ) من المادة 22 من المجلس والمديرية المركزية والفروع، وتنص الفقرة (ب) على أن النظام الداخلي للهيئة يحدد المجموعات والمديريات والفروع والأقسام والمكاتب، واختصاصات ومسؤوليات كل منها، ويتألف المجلس بحسب المادة 23 من أحد عشر عضواً على أن يكون العضو سورياً ولا يتمتع بجنسية أخرى وغير متزوج من أجنبية، وألا يقل عمره عن 40 عاماً وحاصلاً على شهادة جامعية على الأقل، ويسمى أعضاء المجلس بمرسوم يحدد فيه رئيس المجلس ونائبه ويكون رئيس المجلس رئيساً للهيئة، ويتقاضى الأعضاء الراتب الشهري الذي يتقاضاه رئيس المجلس، وتحتسب عضوية المجلس فعلية في مجالي الترفيع والمعاش.
ويعد أعضاء المجلس بموجب المادة 24 متفرغين حكماً، ولا يجوز الجمع بين عضوية المجلس وأي وظيفة أخرى، ويؤدي أعضاء المجلس اليمين (المادة 25) أمام رئيس الجمهورية وتكون مدة العضوية خمس سنوات غير قابلة للتجديد ويتولى أمانة سرّ المجلس أحد العاملين في الهيئة يحدده رئيسها، ويقدم الأعضاء (المادة 26) إقرار الذمة المالية الخاصة بهم إلى رئيس الجمهورية.
وبموجب المادة 27 يتولى المجلس إضافة إلى المهام المنصوص عليها في هذا القانون إقرار مشاريع خطط تأهيل العاملين في التحقيق، ومناهج عمل أجهزة الهيئة، وتحديد نطاق عمل المجموعات والإجراءات تجاه العاملين في التحقيق في ضوء تقارير التحقيق الجاري معهم، إضافة إلى التقرير السنوي و محاكمة العاملين في الهيئة بصفة مجلس تأديب.
وتتحدث المادة 28 من المسودة عن آلية انعقاد الجلسات وهي برئاسة الرئيس وبدعوة منه، وتكون الجلسة لاغية ما لم يحضرها 8 أعضاء على الأقل، وتتخذ وقرارات المجلس بالأكثرية، ويحدد رئيس الهيئة من يرى فائدة من حضوره للاجتماعات وللمدعوين حق المشاركة في مناقشة الموضوعات الخاصة بهم وليس لهم حق التصويت.
وتحال موضوعات المجلس (مادة 29) على المجلس من قبل الرئيس وتنفذ قرارات المجلس بقرار منه، ويمثل الهيئة أمام القضاء والغير (مادة 30 ) رئيسها، وبموجب المادة 31 يرفع رئيس الهيئة التقرير السنوي إلى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب ومجلس الوزراء، ويتضمن التقرير نتائج تنفيذ خطط العمل في الهيئة ومدى تعاون الجهات العامة والأخرى المعنية ومدى كفاية القوانين والأنظمة في الوقاية من الفساد ومكافحته واقتراحات الهيئة لتلافي أي معوقات.
وتقوم الهيئة (مادة 32) بتأهيل العاملين بما يمكنهم من أداء عملهم، وتحظر المادة 33 على العاملين من محققين وإداريين إفشاء أي سر أو معلومة أو بيانات وصلت إلى علمهم خلال أداء مهامهم، وتمكن المادة 34 المجلس من نشر البيانات المتعلقة بجرائم الفساد في مختلف وسائل الإعلام بعد ثبوتها بحكم قضائي مبرم، ونشير هنا إلى أهمية نشر تقارير تفصيلية دورية عبر وسائل الإعلام عن جرائم الفساد المثبتة تجسيداً لمبدأ الشفافية الذي تتوخاه الهيئة، ونصت المادة 35 على موازنة مستقلة للهيئة يقترحها رئيسها بعد موافقة المجلس، ومنحت المادة 36 رئيس الهيئة الصلاحيات المخولة لوزير المالية بما يتعلق باستخدام الاعتمادات المقررة بموازنة الهيئة، وله أيضاً بحسب المادة 37 تفويض رؤساء الفروع ببعض الصلاحيات مثل تكليف بعض أصحاب الاختصاص بإعداد دراسات مقابل مكفآت، وإلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمن ينسب إليهم بموجب تحقيقات أولية أو نهائية أي من جرائم الفساد.
ختاماً
في الواقع وبناءً على قراءة موضوعية لمواد مسودة قانون هيئة مكافحة الفساد ثمة ما يشي بعودة أجهزتنا الرقابية إلى سيرتها الأولى من تشابك صلاحيات وازدواجية العمل في القضية الواحدة والغرق في التفاصيل البسيطة والبعد عن الأهداف الحقيقة مع غموض وضبابية آليات العمل والأهداف، فالمسألة الأهم ليست بتبديل الأسماء وإنما بتفعيل الأداء، وتصويب مسارات العمل الرقابي.
ما يضعنا أمام ضرورة المزيد من المراجعة والتدقيق في المسودات التي أعددناها بعد طول مكوث في المطبخ الحكومي وقبل أن تستكمل طريقها إلى الصدور بقانون.