الانتماء حالة حتمية محسومة في الحركة الشعورية في نصوص الشاعر رضوان قاسم، والتي تأخذ بها الموسيقا إلى أقصى درجات الإقناع عند المتلقي القارئ والسامع، في حال انتبه إلى الانسجام البنائي المعماري الذي يكونه في انتقاءات متوافقة مع بعضها لتصل إلى كمال النص. جاء في قصيدة تداعيات في المنافي بعنوان يقين يقول:
أرى صاحبي ينتقي الذكريات
وينشرها للنهار بحبل الغسيل
أرى حجراً في المخيم
أجمل من وردة في دروب الرحيل
هذا الانتماء ظاهرة قد تكون مختلفة عن الظواهر الأخرى في الشعر العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص.. فلا تخلو المجموعة من الانتماء كإحساس في القصيدة التي تأتي عفو الخاطر دون قصد بسبب التربية الانتمائية التي نشأت عليها كرامة الشاعر، فعنوان المجموعة “فاء أنا” جاء على اسم نص قال فيه:
عذراً بلادي يا فلسطين التي
قبل الولادة حبها أتنسم
عذراً فبسمك لن أقول قصيدتي
إن قلت فاء بعدها أتلعثم
الظاهرة الانتمائية في مجموعة رضوان قاسم تشي بأمر آخر لحروف الربط البنيوي في حركة النصوص كحرف الجر والجزم والأدوات الأخرى التي تستخدم عادة في تحسين تكوين القصيدة. وقصيدة هنا القدس المكملة لأناشيد الانتماء، يقول فيها:
هنا القدس نادت أقيموا الصلاة
وحيوا الجهاد قتال الغزاة
هنا الأمهات يلدن الحياة
ويزرعن في كل شبر رماة
الشاعر رضوان قاسم يعتمد في دلالاته التي يقدمها على شدة انتمائه لمسلكه الشعري على ارتباط أفكار النصوص في حدث واحد يبدأ منذ الكلمات الأولى في تراتبية النص إلى النهاية، وهذا يؤدي إلى موضوع متماسك متوحد في تدافع الطاقة العاطفية كما جاء في نص اغضب:
اغضب لقدسك وانفض حقبة الجلد
ما كنت في غضب.. لا كنت يا ولدي
حتى وإن نفذت أوتار خيمتنا
اضرب عدوك بي.. رمح أنا جسدي
الانتماء المتوازن مع بنيات النص تدفع الشاعر إلى توخي كامل الحذر في وجود القافية المنتهية لحرف من المفترض أن يؤدي حركة موسيقية غير مرتبكة بأي علة كاختيار حرف العين في قصيدة أنا والشعر:
أنا قلم بأرض الشعر ساع
بلا قيد ولا سجن يراع
أنا الربان في بحر القوافي
لسان الضاد يبحر في شراعي
أنا المحكوم بالمنفى وقسراً
بصوت الشعر أسمعكم دفاعي
أرى وطني تناوشه وحوش
وتلدغ قبلتي الأولى أفاعي
تتميز كافة النصوص بالالتزام.. بالانتماء الذي كان أهم ظاهرة في أساسيات النصوص قاطبة، حتى في النصوص التي جاءت مدافعة عن القيم.
نبوغ أسعد