يرى كثير من الخبراء والمحللين الاقتصاديين أن الحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الصين ستكون مدمرة للطرفين وسيكون تأثيرها بعيد المدى, إلا أن الخاسر الأكبر فيها سيكون واشنطن ولاسيما أن القرارات «الحمائية « التي تتخذها الإدارة الأميركية ستؤدي إلى حدوث اضطرابات في الأسواق العالمية، وانخفاض معدلات النمو والاستثمار ولن تحل المشكلات التي تعانيها أميركا.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة خسرت المعركة قبل أن تبدأها, فالصين كانت تكسب وباستمرار في النظام الاقتصادي العالمي, ولديها إمكانات وإجراءات كثيرة لإلحاق الضرر الأعمق بالاقتصاد الأميركي، في المقابل لا يمكن لواشنطن أن تتخذ أي قرار يؤثر في إجراءات الصين والاقتصاد الصيني العملاق, فهو الأسرع نمواً في العالم.
وهذا ما تثبته البيانات الأخيرة للتبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة, حيث تشير إلى أن الأخيرة تخسر حربها التجارية مع الصين، إذ إن عجز تجارتها معها زاد خلال 2018 رغم جهود الإدارة الأميركية الحمائية.
وتشير البيانات إلى أن فائض تجارة الصين مع الولايات المتحدة ارتفع خلال شهر أيلول الماضي إلى 34.13 مليار دولار بزيادة 3 مليارات دولار عن مستواه في آب الماضي.
وبلغ العجز التجاري للولايات المتحدة أمام الصين خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 225.79 مليار دولار مقابل 196 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي وفقاً لبيانات الجمارك الصينية.
وتظهر البيانات أن الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة نمت خلال الشهر الماضي بنسبة 14.5% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، مخالفةً توقعات المحللين الذين أشاروا إلى زيادة نسبتها 8.9%.
بالمقابل تباطأ نمو مستوردات الصين من السلع الأميركية من 19.9% في آب إلى 14.3% في أيلول الماضي.
ويفسر الخبراء الأميركيون زيادة العجز التجاري أمام الصين بأن الشركات الأميركية زادت من مشترياتها من السلع الصينية خوفاً من فرض واشنطن حزمة ثالثة من الرسوم الجمركية على بضائع الصين، وهي مسألة لم يستبعدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب نهاية الأسبوع الماضي. إلا أن قيام الشركات الصينية بتخزين بضائع صينية قبل اندلاع جولة جديدة من الحرب التجارية ليس السبب الوحيد والرئيسي لزيادة اختلال الميزان التجاري بين بكين وواشنطن، إذ وجدت الصين طرقها للالتفاف على الرسوم الأميركية.
ووفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية, فقد تلقى المستوردون الأميركيون الذين أجبروا على دفع رسوم جمركية جديدة عروضاً مغرية من شركات وسيطة في فيتنام وسنغافورة وماليزيا لتزويدهم بسلع صينية بنفس الكلفة قبل اندلاع الحرب التجارية.
وذكرت الصحيفة أن الشركات الصينية ابتكرت طريقة للالتفاف على الرسوم الأميركية عبر شركات وسيطة في موانئ في جنوب آسيا تقوم بتزييف أوراق الشحن وتقدم السلع على أنها ليست من منشأ صيني للتهرب من الرسوم الأميركية.
من جهة ثانية أعرب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن تصميم بلاده على مواصلة المفاوضات التجارية مع الصين على الرغم من وجود بند في اتفاق التبادل الحر مع الولايات المتحدة والمكسيك يفرض التشاور بين الدول الثلاث قبل ذلك.
ونقلت وكالة فرانس برس عن ترودو قوله: إن المناقشات تتواصل فعلياً مع الصين لدفع العديد من الفرص التجارية قدماً, وهذا الأمر يصب في مصلحة الكنديين.
ويتضمن الاتفاق التجاري الجديد بين واشنطن والمكسيك وأوتاوا الذي تم إبرامه أواخر أيلول الماضي بنداً يحتم على الأطراف الثلاثة التشاور قبل إبرام معاهدة جديدة للتجارة الحرة مع طرف ثالث, وفي حال رفض أي من الأعضاء الثلاثة هذه الاتفاقية الجديدة يمكن أن تلغى خلال ستة أشهر.
وقد فسر العديد من المراقبين هذا البند على أنه وسيلة اعتمدتها واشنطن لمنع كندا والمكسيك من أي ارتباط ببكين دون موافقتها.
وقال ترودو: إن المفاوضات لتحديث اتفاقية التبادل الحر لأميركا الشمالية /نافتا/كشفت أن كندا تبالغ في اعتمادها الاقتصادي على الولايات المتحدة التي تتوجه إليها ثلاثة أرباع الصادرات الكندية, وقد توصلنا إلى اقتناع بأن تنويع تجارتنا أمر بالغ الأهمية ونحن سعداء بمواصلة المناقشات مع الصينيين, وهذا أمر لا شك فيه.
وأضاف رئيس الوزراء الكندي أن واشنطن تقدمت باقتراح للاتفاقية متصلب جداً بشأن التجارة مع الصين وقد قمنا بدفعهم إلى قبول مناقشة أي مفاوضات تجارية نجريها مع هذا البلد فيما بيننا وهذا أمر إيجابي جداً بالنسبة لنا.
وأطلقت أوتاوا وبكين منذ سنتين مناقشات بهدف إبرام اتفاقية للتبادل الحر بين البلدين ستجعل كندا أول بلد غربي يرتبط بهذا الشكل مع الصين.
وكالات – الثورة
التاريخ: الأربعاء 17-10-2018
رقم العدد : 16813