التغوّل الاميركي ..!!

ترسم العقوبات الأميركية الأخيرة على إيران حدود التأزم ومساحة التعثّر الذي تواجهه السياسة الاميركية، والبون الشاسع الذي قطعته في استعصاء التفاهم مع الدول والشعوب على قاعدة من الذرائعية التي استباحت كل شيء، وأماطت اللثام عمّا تبقى من خبايا الهيمنة وبقايا الاستلاب التي تمارسها، لتفتح الباب على تداعيات تبدو محرجة لحلفاء أميركا أكثر مما هي مربكة لخصومها، في وقت لا تتردد فيه بتسويق افتراضات العجز المحمول بلغة القوة وما يفيض منها.
فالمعضلة في الدفعة الأخيرة من عقوباتها على إيران ليس لأنها الأكبر في التاريخ وغير مسبوقة حسب التوصيف الأميركي، بل في الاستفاضة في شرح الأهداف والغايات التي ترسم خطوط «الطموح» الأميركي منها، والتي حدت بوزير الخارجية الأميركي إلى الكذب حتى في المسلمات، حين اعتبرها لا تمس بالشعب الإيراني أو أنه لن يتضرر منها، رغم اليقين العالمي وبتراكم التجربة أن من سيتضرر منها هو الشعب الإيراني أولا واخراً، وردة الفعل ستكون من الإيرانيين، بدليل أن هذه الحزمة من العقوبات أعادت إلى ذاكرة الشعب الإيراني فصولاً مريرة من العدائية الأميركية بحقهم.
فالكذب هنا مردود على الأميركيين كما كان الحال في كل الأمكنة التي خطت نحوها الممارسات الأميركية باتجاه فرض إجراءات قسرية أحادية الجانب، بدليل أن أميركا وجدت نفسها مثلاً وحيدة عن سائر دول العالم فيما يخص العديد من القضايا الدولية، وهو الأمر الذي يتكرر في العقوبات على إيران، حيث العالم بدوله وشعوبه يجد فيها تجنياً على العلاقات الدولية.. واستخداماً مفرطاً لفائض القوة، وتعبيراً سمجاً عن حالة الاستلاب التي باتت تثير هواجس الجميع من دون استثناء، والأخطر أنها تؤسس لمنهج ينسف كل ما تراكم من أوجه تعاون على مدى العقود التي خلت، باعتبارها سيفا مسلطاً على الشعوب والدول معاً.
الطيش الأميركي لم يعد تعبيراً فظاً عن فرط الهيمنة فقط ، ولا هو انعكاس لمشهد التغوّل في الممارسة الاحتكارية التي تفرض قواعد اشتباكها على العالم فحسب، وإنما هو القاعدة الفقهية التي تحكم المنظومة الغربية حين تجاهر برفضها للعقوبات الأميركية على إيران، بينما تمارس السلوك عينه والفظاظة نفسها في إجراءاتها القسرية الأحادية الجانب، ورغم اليقين بأن أوروبا ليست بوارد المراجعة، فإن الصراخ الذي تمارسه احتجاجاً على العقوبات الأميركية وتتبجح في إسقاطها كانت هي السباقة إلى فرضها، وربما زايدت في مرات كثيرة على الأميركيين أنفسهم، والأسف الأوروبي نفاق سياسي مكشوف، وافتراء على الحقيقة ..!!
التغوّل الأميركي في جزء منه يبقى نتاج الخنوع الغربي قبل سواه، وحصيلة أولية لواقع الانصياع المخزي لسياسة التوحش، فيما تتدحرج الحسابات الأميركية على مسرح من التأزم السياسي، وتؤشر إلى المأزق الأخلاقي الذي يمثل ذروة الاستعصاء، في مرحلة باتت تشكل عائقاً في وجه العلاقات الدولية، فيما ترسم الأسس المقلوبة والمعايير المغلوطة في الممارسة الأميركية في عهد إدارة ترامب أسوأ فصولها، وترسم علامات استفهام كبرى في ظل استباحة أميركية لكل المحظورات التي أباحتها من منطق القوة وفائضها بوجهها المتوحش والأكثر بشاعة.

a.ka667@yahoo.com

 

 بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
التاريخ: الثلاثاء 6-11-2018
الرقم: 16829

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية