من غير المنطقي التطرق لأي قضية لها علاقة بالاقتصاد دون ذكر الرقم..فالرقم هو الحجة والبرهان والدليل على أي وجهة نظر سواء كانت إيجابية أم سلبية.. المهتمون بالشأن الاقتصادي من خبراء ومحللين وإعلاميين في سورية مدركون لأهمية الرقم إلا أن اهتمامهم هذا وإدراكهم لا تشاركهم فيه بعض الجهات المعنية بالواقع الاقتصادي، فناهيك عن التطرق للأرقام في دراساتها وأخبارها وتقاريرها بشكل مقتضب إلا أن المشكلة الأكبر تكمن في اختلاف الأرقام حول نفس الموضوع بين جهة وأخرى.. كثيرة هي الأخبار التي تؤكد ارتفاع حجم الصادرات السورية للخارج مع عودة التعافي للاقتصاد السوري ودوران عجلة الإنتاج إلا أن كل هذه الأخبار مازالت بعيدة عن التوثيق والأرقام مع وجود اختلاف بالنسبة لحجم الصادرات بين الجهات المعنية.. اتحاد المصدرين وهو أحد الجهات المعنية بالصادرات السوري أكد في دراسة له أن المنتجات السورية وصلت إلى 109 بلدان العام الماضي و107 بلدان خلال العام الحالي، وبلغ عدد المواد المصدرة 750 مادة ووصل عدد المصدرين إلى 648 مصدراً معتمداً، كما أكد أن حجم الصادرات السورية خلال العام الماضي قد وصل إلى حوالي 7 مليارات دولار.. في المقلب الآخر تصريحات المديرية العامة للجمارك وأرقامها تؤكد أن حجم الصادرات السورية خلال نفس الفترة لم يتجاوز 700 مليون دولار.!!! نستطيع أن نتفهم ونتقبل وجود تباين بسيط في الأرقام ولكن أن يتجاوز التباين حوالي ستة مليارات دولار، فهنا ثمة أمر جلل وخطأ مهني جسيم لا أحد قادر على تبريره أو التعامل معه.. إذا دققنا في الأرقام التي نحن بصددها ندرك أنه ثمة عوامل منطقية لوجود تباين لعل أهمها أن التجار والمصدرين اعتادوا على تقديم بيانات غير حقيقية للجمارك وذلك بهدف التهرب من دفع الرسوم المترتبة عليهم وبنفس الوقت يقدمونها صحيحة لاتحاد المصدرين، ومن جهة أخرى فقد تم تنفيذ عمليات تصدير عبر معابر (غير نظامية) خلال العام الماضي، حيث لم يكن الوضع العسكري شبيهاً بما هو اليوم من عودة الأراضي السورية لحضن الدولة بهمة أبطال الجيش العربي السوري أو افتتاح معبر نصيب والذي يمكن الجمارك من تسجيل الصادرات خلاله بدقة وهو أمر معروف ومع هذا ولو سلمنا بهذه العوامل إلا أن التباين في الرقمين كبير وغير منطقي وعليه يترتب على الجهات المعنية أن تبحث في أسبابه وإمكانية معالجته حتى لا يفوت على الخزينة العامة حقوق مترتبة لها..
باسل معلا
التاريخ: الأحد 2-12-2018
الرقم: 16850