زوبعة الاصطفافات!!

لم ينتهِ الحديث عن القرار الأميركي المفاجئ في توقيته وطريقة إبلاغه -على الأقل- بالانسحاب من سورية، ولا يبدو أنه سينتهي في وقت قريب، فيما التفصيلات اللاحقة عن الدوافع والتحليلات التي رافقته تضيف إلى الغموض القائم أكثر مما توضح، في وقت تأخذ المسألة سياقاً جديداً من التفسير يحمل في داخله عوامل التناقض الحاد لجهة الأسباب التي تقف خلف القرار الأميركي وحيثياته المتعددة، والتي تدفع إلى الجزم بأنه شكّل منعطفاً محورياً في صيرورة الأحداث، وربما مفصلياً في رصد المتغيرات والمقاربات التي نشأت في أعقابه، والتي تشي بالحاجة إلى جردة لخيارات الأدوات والمرتزقة والمتاجرين بالأوهام أثارتها زوبعة الاصطفافات المعاكسة..!!
فسيل الردود التي بدت متسرعة في التقاط خلفيات القرار لا يزال يرسم طيفاً من التكهنات التي يصعب معها تقديم قراءة هادئة للحدث وتبعاته، بحكم أن الكثير منها قابل للتغيير والتعديل على ضوء ما تقدمه المعطيات من وقائع تتناغم مع التسرع الذي يحكم الردود من جهة، ويشكل القاسم المشترك بين العديد من المقاربات التي قدمها من جهة ثانية، بحيث يزيد من المتاعب المرتبطة بسياق أي قراءة متاحة، خصوصاً أن عاصفة الاعتراضات في الداخل الأميركي وخارجه لا تزال تفرض شروطها القسرية التي تضيف إلى الغموض المحيط مساحات إضافية، وإلى التساؤلات المطروحة الكثير من الأسئلة المؤجلة.
المحسوم.. أن القرار الأميركي تم إعلانه، والأكثر من ذلك أنه تم رسم الإحاطات السياسية الضرورية بحيثياته، وما بقي ليس أكثر من تفاصيل ملحقة رغم ما تنطوي عليها تلك التفاصيل من شياطين تحركها أدوات الضغط الداخلي والخارجي، وترسم مفاعيلها وتداعياتها جملة من الانعكاسات المباشرة، التي توجتها الاستقالة السريعة لوزير الحرب الأميركي وما سبقها وما سيلحق بها، على خلفية الاعتراض المبطن على مجمل سياسات الرئيس ترامب، ما يفتح الباب على الكثير من الاستنتاجات لسلم الأولويات والخطوات القادمة المتعلقة بهذا القرار تحديداً.
اللافت كان الاعتراض البريطاني الفرنسي، الذي بدا أقرب إلى موقف الصدمة على مستوى المبررات والحجج المقدمة، والمسوغات التي أعادت طرح الكثير من الخبايا على الدور المشبوه لكلا الطرفين، وحدود التعويل على الأطماع التي أيقظتها جملة السيناريوهات الافتراضية، حيث المحاولة اليائسة لملء فراغ الأميركي تصطدم بواقع العجز المزمن الذي يعاني منه كلاهما حين يغيب الأميركي، واستحالة التفكير في التعويض عسكرياً وسياسياً، بينما المرتزقة التي كانت تراهن على الوجود الأميركي ووضعت كل أوراقها في سلته تواجهها المتاعب الناتجة عن رعونة خياراتها، حين ارتضت أن تكون ورقة محروقة بيد الأميركي وقابلة للمبازرة الرخيصة ومعروضة لتكون مجرد فرق حساب في الأطماع الأميركية.
ما ينسحب على المرتزقة يبدو أنه يسري على الأدوات الوظيفية داخل المنطقة وخارجها، والتحركات المشبوهة والتكتيكات المرافقة لها ليست سوى لعب في الوقت بدل من الضائع، سواء لجهة الحسابات المتصلة بالاتكاء على الأميركي لمرحلة ما بعد الانسحاب، أم جاءت في سياق تقديم مقاربة تبدو فرصة النفاذ فيها معدومة، حيث التركي الذي يحاول أن يكون الفرق الإضافي لسياسة المبازرة يحتاج إلى إعادة إنتاج معادلة تتوافق مع المرفقات الملحقة للفراغ الذي يحدثه ذلك الخروج، وما يخلفه من تركة ثقيلة سيجد التركي نفسه في مواجهة مباشرة مع مخلفاتها بحكم ما أضافه إلى أدواته ومرتزقته، والتورمات التي رعاها وغذاها، فالوجود الأميركي على الأرض يختلف جذرياً عن وجوده السياسي أو بالوكالة، ويتناقض مع إحداثيات المواجهات التي كان يفتعلها ويتحكم بإيقاعها.
a.ka667@yahoo.com

 

بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
التاريخ: الأحد 23-12-2018
الرقم: 16867

آخر الأخبار
إلغاء قانون قيصر..بوابة الانفراج الاقتصادي في سوريا عبد الرحمن دالاتي .. صوت إنساني من سوريا يعانق غزة الشيباني في لبنان .. من صفحات الماضي إلى آفاق المستقبل عبد الرحمن الدالاتي... السوري الذي أبحر نحو غزة وعاد إلى الحرية إلغاء " قيصر".. لحظة مفصلية نحو التعافي خطوة مفصلية في مسار العلاقات السورية الأميركية الدبلوماسية السورية تنجح في إيصال صوتها.. إلغاء " قيصر" خطوة متقدمة مابعد "قيصر" .. قانونية التبادلات التجارية والمالية مع الخارج الخارجية السورية: إلغاء " قانون قيصر" خطوة إيجابية تعيد تصويب العلاقات مع واشنطن إلغاء"قيصر" يفتح الباب لتطبيع المعاملات المالية وإنعاش قطاعات إنتاجية تحتضر إلغاء قانون قيصر خطوة مفصلية نحو تعافي سوريا واستقرارها التعاون السوري - الروسي - التركي يعزِّزُ التبادل التجاري والاستثماري  مبادرات مجتمعية لتأهيل مدارس ومرافق عامة في درعا مقتل ثلاثة مواطنين في إزرع بدافع الثأر قرار إلغاء العقوبات الأميركية يفتح عهداً جديداً في سوريا  عون والشيباني يبحثان آفاق التعاون السوري – اللبناني وتفعيل القنوات الدبلوماسية هكذا علّق المسؤولون السوريون على قرار إلغاء “قانون قيصر” طلاب  في حمص يعانون لعدم تصديق شهاداتهم.. والتربية توضح بداية عهد جديد يسهم في إنعاش الاقتصاد المتدهور  مضر الأسعد: إلغاء قانون قيصر نجاح كبير للدبلوماسية السورية