ثورة أون لاين-خالدالاشهب:هناك, عند أطراف دمشق الجنوبية في كوكب,جفل الحصان من نور فاجأه فأسقط راكبه, الذي غشت عينيه قشرة صلبة وصار ضريراً عاجزاً وضعيفاً, وهو القادم من فلسطين إلى سورية إرهابياً قاتلاً يبحث عن ضحايا وعن دنانير,
ليخرج منها بعد حين قديساً في سلة مدلاة من فوق باب كيسان, بعد أن استعاد بصره وعرف الطريق المستقيم في دمشق وسار فيه, وبعد أن عرف الله فيها وسار إليه.. تلك هي الرواية الدينية للإرهابي شاول قبل أن يصير في دمشق قديساً باسم بولس الرسول, وقبل أن ينطلق إلى العالم الأوروبي المترامي فيعلمه المسيحية وينتشله من الهمجية, وبالطبع قبل أن يعلن عالم الآثار الفرنسي المتخصص في الشرق الأدنى القديم أندريه بارو أن على كل إنسان متمدن في العالم أن يقول إن لي وطنين : وطني الذي أعيش فيه وسورية !!
وإذا كان الحدس السياسي قد خان فرانسيس فوكوياما الأميركي قبل نحو عشرين عاماً ويزيد, ودفعه إلى الإعلان بأن التاريخ انتهى, وبأن انتصار الرأسمالية الأميركية والغربية عامة بات مبرماً ونهائياً بسقوط الاتحاد السوفييتي, فإنه لم يخن غبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجي في الإعلان عن أن التاريخ وإن أنهاه فوكوياما في لحظة غرور ونشوة عابرة, فإنه لا يلبث أن يبدأ من جديد ومن سورية أيضاً رغم كل محاولات سحقه ودفنه هنا, لطالما أن المثل الشعبي الفرنسي الجاري على ألسنة العامة من الفرنسيين وفي ضمائرهم, كما قال غبطة البطريرك, لا يزال يرى في الضال الذي اهتدى وصلح حاله فجأة, أنه أخيراً.. عرف الطريق إلى دمشق, رغم عجز ساركوزي وتابعه جوبيه ورغم حماقة هولاند وتابعه فابيوس, في محاولاتهم السامة لوقف تجدد التاريخ في مهده الدمشقي حسبما يرغب الأميركي أوباما وتابعته هيلاري؟
لا يموت التاريخ في دمشق وإن مات في غيرها من المدائن والحواضر, هنا يتصل عتيقه بحاضره وإن انقطع برهة خارجها, هنا النطفة الأولى منه, وعلى نحو متكرر متجدد, تنمو أو تولد أو تترعرع وتشب وتشيب.. حتى ولو كانت نطفة إرهاب وجريمة.. تصير طريق هداية وقداسة حين تعبر الطريق الدمشقي المستقيم.. واسألوا أوروبا كلها عن الإرهابي شاول الذي ولد في تخوم دمشق من جديد ووصل إليها قديساً!
دمشق تصرع الإرهاب عند تخومها مهما تكاثر الإرهابيون.. تستولد منه قداسة ومنهم قديسين ولو قلوا, دمشق تصنع في التاريخ وطناً لكل حضارة ومدنية.. وفيها لكل متحضر ومدني وطن أم يشتاق إليه وإن اغترب واغتنى.. ووطن يعيش فيه ولو كان خطيئة في قلب أميركا!
أجل أيها السوريون, ما بالكم أضعتم طريق دمشق المستقيم وأنتم فيها… في مدنها وقراها ودروبها وحواريها والأزقة.. في ماضيها وحاضرها والمستقبل, ما بالكم أضعتم بوصلة الرسل العابرين إليها أو منها إلى العالم.. وقد كانت لكم وفي أيديكم حين العالم بأسره تعوج به الطرق والدروب, إنه التاريخ يولد من جديد على أرضكم.. فلا تنكروه أيها السوريون قبل صياح الديك!!