تتكرس في كتبنا وصحافتنا وبرامجنا ومنابرنا الثقافية ظاهرة التجاهل والتغاضي، عن الأخطاء والمغالطات، يوماً بعد آخر, وخاصة في حياتنا الفنية التشكيلية, ولا نعلم إذا كان هذا التغاضي، عن الذين ارتكبوا الأخطاء والمغالطات النقدية، وقاموا باصدار الكتب التزويرية، وقدموا الهواة بجانب المحترفين، في أهم المعارض، يتم عن قصد أم جهل, رغم معرفتنا المسبقة بأن الناقد يجب أن يكون على معرفة بأدق تفاصيل الحياة الفنية، وإلا لايستحق لقب ناقد.
وهذه الفوضى المتفاقمة، تقدم الدليل القاطع، على أن لدينا نقاداً ضد النقد، حتى إن بعضهم يعمل على تشويه الحقائق، وتقديم صورة مثالية للحياة الفنية, ولقد وصلت حياتنا التشكيلية إلى الفوضى النهائية, وبات بعض الهواة يأخذون في أحيان كثيرة أماكن كبار المبدعين، في المعارض الجماعية الرسمية الكبرى، وهنا تبرزالمشكلة الأساسية في هذه المسرحية الاستعراضية البصرية, التي يتساوى فيها العالم مع الجاهل، والمحافظ على الأمانة التعبيرية الصادقة، مع الدجال المقحم نفسه في الحياة الفنية بلا موهبة وخبرة وثقافة.
وإذا استثنينا أسماء قليلة ونادرة، فإن أغلب النقاد والفنانين،لايعرفون مايجري في كواليس الفن والنقد، من أخطاء ومغالطات وتزوير، والمأزق الأساسي الذي يعانيه النقد التشكيلي المحلي حصراً, لا يكمن فقط في هيمنة المديح المجاني, ولا في طغيان اللغة التقريرية والخطاب الأدبي والمباشر، ولا في الترويج لأصحاب التجارب المتواضعة، ودفعها خطوات إلى الأمام، لتحتل عن غير حق أماكن غيرها، ولا في خلط الأوراق في المعارض الجماعية الرسمية، وإنما تكمن بالدرجة الأولى, في غياب النقد التصادمي، القادرعلى تحريك المياه الراكدة، في مستنقع الكذب والنفاق، وإسقاط الأقنعة وفضح الزيف، وهيمنة النقد التصالحي، يكاد يطيح بأحلام الوصول إلى حياة فنية متكاملة، وهذه الظاهرة تكرس وجود النقد التزويري بالغ الخطورة والتشويه، والذي يمر في كل مرة في كتبنا وصحافتنا وبرامجنا دون أن يتصدى له أحد.
facebook.com adib.makhzoum
أديب مخزوم
التاريخ: الأحد 13-1-2019
الرقم: 16883