شلل وعجز وخلافات تسير بأميركا إلى طريق الهاوية مع الوصول إلى طريق حوار شبه مسدود بين السياسيين الأميركيين.. بين الرئيس والديمقراطيين، بسبب الإغلاق الجزئي لبعض الوكالات الفيدرالية الأميركية على خلفية رفض الديمقراطيين الموافقة على تمويل بناء الجدار مع المكسيك لمنع الهجرة، وليشكل هذا الصراع بينهما عنواناً عريضاً داخل أميركا، خاصة في ظل رغبة ترامب وإعلانه أنه بصدد إعلان الطوارئ وهو ما يزيد من تفاقم الوضع إلى الأسوأ، وبحيث تهدد هذه الخلافات بين السياسيين المجتمع الأميركي بأزمة اقتصادية ومخاطر انقسامات عميقة في بنية الإدارات الأميركية.
فيوم 22 كانون الأول 2018م يوم لن ينساه الأميركيون، ففيه أعلن الرئيس دونالد ترامب الإغلاق الحكومي والمستمر حتى الآن باعتبار أن مدة التوقف هذه سجلت أطول فترة في تاريخ الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون حيث بلغت آنذاك 21 يوما فضلاً عن أن التوقف الجزئي للحكومة يهدد بإعلان حالة الطوارئ الوطنية في البلاد رغم إعلان ترامب أول أمس أنه لن يتسرع في إعلانها في الوقت الذي علق مجلس الشيوخ جلساته إلى الغد.
هذا الوضع لا يزال مستمراً مع فشل ترامب الأسبوع الماضي بتجاوز الأزمة مع الديمقراطيين والتوصل إلى اتفاق بإضافة 7ر5 مليارات دولار لبناء الجدار مع المكسيك، حيث لم يتم الاتفاق في الاجتماع الذي عقده مع نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب بحضور زعيم الديمقراطيين في الكونغرس الأميركي على حل هذه الأزمة.
ومن هنا يبدو أن شبح الأزمات الاقتصادية يلوح في الولايات المتحدة برمتها جراء هذه الخلافات التي تبدو حالياً وفي الأفق المنظور عصية على الحل بحيث بات أكثر من 800 ألف موظف في الإدارات الفيدرالية مهددين بعدم تلقي رواتبهم للمرة الأولى رغم اعتبار نصف هؤلاء غير أساسيين وفرضت عليهم إجازات غير مدفوعة والنصف الآخر واصل عمله ولم يتلق أجره نهاية الشهر الماضي.
وسط هذا الصراع حذر رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول من أن استمرار الإغلاق الحكومي الجزئي لفترة طويلة يضر بالاقتصاد الأميركي.
التداعيات المالية والخسائر هي في الحساب لحظة بلحظة حيث قدرت مؤسسة ستاندرت أند بورز العالمية تكلفة الإغلاق الحكومي حتى الأسبوع الماضي 6ر3 مليارات دولار وأن كل أسبوع من الإغلاق يكلف نحو 2ر1 مليار دولار أي 05ر0 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال ربع عام.
والإغلاق الجزئي يطول عدداً من الوزارات الأساسية مثل الأمن الداخلي والعدل والنقل الأمر الذي عده بيني تومسون الرئيس الديمقراطي للجنة الأمن يهدد أكثر من مئتى موظف من الأمن الداخلي مهمتهم حماية المجال الجوي والمياه والحدود الأميركية بتوقف رواتبهم.
وعلى خلفية هذا أدانت النقابات الكبرى للنقل الجوي «الطيارون والطواقم الجوية والمراقبون الجويون» تدهور الوضع وحذروا من تزايد المخاطر على أمن البلاد جراء إغلاق المطارات بسبب قلة الموظفين، حيث سيتم إغلاق أحد مباني مطار ميامي الدولي بشكل متقطع من السبت إلى الإثنين فيما تظاهر أكثر من ألفي موظف في الحكومة في واشنطن للتعبير عن قلقهم من تدهور ظروفهم المعيشية ويرى الكثير منهم بأنهم باتوا رهائن لدى الرئيس الأميركي.
ما يحصل الآن داخل أميركا يبرز حجم الأزمة الداخلية الأميركية والخلافات السياسية العميقة بين توجهات في الإدارة الأميركية جراء تنافر الإرادات ما ينبئ عن خلل عميق في الولايات المتحدة يعكس في المحصلة النهائية خطأ السياسات الأميركية على مدار العقود الماضية والتي أوصلت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى ما هي عليه وتضع الدور الأميركي العالمي على المحك من حيث كونها القوة الأولى في العالم.
وكان البيت الأبيض حذر أعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس من أنه لا يجب عليهم توقع الاستئناف الفوري لعمل الحكومة الفيدرالية حتى ولو في حال إعلان الرئيس ترامب حالة الطوارئ في البلد بسبب الأزمة على الحدود مع المكسيك.
حالة الطوارئ هذه التي أخذت تربك الجميع قبل إعلانها كانت وسط استطلاع الرأي حيث دلت نتائج استطلاع الرأي العام على أن معظم الأميركيين يعارضون فرض حالة الطوارئ في بلادهم بهدف الحصول على الأموال اللازمة لبناء الجدار.
إلى ذلك بدأ ترامب بالاستعانة بموظفي ومسؤولي إدارات سابقة من حزبه الجمهوري بعدما أدى سلوكه إلى زعزعة استقرار إدارته وتسجيل أرقام قياسية بالاستقالات والإقالات فيها، حيث عين تشارلز كابيرمان مستشار الرئيس الجمهوري السابق رونالد ريغان نائباً أول لمستشار الأمن القومي جون بولتون الذي شغل هو نفسه عدة مناصب في إدارة الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش.
ومع قرب انتهاء منتصف ولاية ترامب الرئاسية أعلنت تولسي غابارد عضو الكونغرس الأميركي أنها قررت أن ترشح نفسها للانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر إجراؤها عام 2020م، وبأنها بصدد إصدار بيان رسمي خلال الأسبوع المقبل.
وكالات – الثورة
التاريخ: الاحد 13-1-2019
رقم العدد : 16883