قدم الناقد والأديب د.عادل الفريجات عبر كتبه العشرين العديد من الرسائل النافذة إلى الحياة والإنسانية وتصوير الحق والخير والجمال فكان متميزاً فيماكتب، وصاحب خصوصية متفردة في فهم دور الأدب وتقديمه بشكل يشوّق القارئ ويشد انتباهه عبر حبكة درامية مدهشة وممتعة.
في مجموعته القصصية «اللحظة الأخيرة» الصادرة مؤخراً عن مؤسسة سوريانا للإنتاج الإعلامي يجمع الفريجات باقة من القصص القصيرة التي تحمل معاني كثيرة ومتعددة، وتؤدي مشهدا قصصياً متكاملاً، وتحمل روح الحب بمعانيه وحالاته وأشكاله المتعددة.
ولأن الكاتب ابن الحياة فكانت معظم القصص أو الأفكار مستنبطة من الواقع بطريقة لافتة, فقد عَمِلَ على تلوين المعاني وصنع فيها أروع الإحساسات، أبدع في تصوير الأحداث وكأنه أراد أن يقول.. كما قيل ذات يوم (إن الصورة وحدها تكسب العمل جمالاً) بمعنى حين تعبر بمهارة عن تمازج الرؤى والأفكار والأحاسيس تجمع بين الخيال والقدرة الفنية.
في قصته (بسمتان) نقرأ قصة رومانسية لطيفة فيها استنطاق لذات الكاتب ومشاعره الجياشة التي تتجلى بأبهى صورها، نرى لغة أشبه بقصيدة شعرية منسجمة حبكها الفريجات بالقلب والروح لتكتمل أبجدية الغزل فيقول:
فهمتها جيداً فتابعت سيري بخطى حثيثة، ضاقت الطريق بيننا، فارتسمت إذاك بسمة عريضة على شفتيها، وبسمة مماثلة على شفتي،رقصت العيون واختجلت المشاعر وزاد نبض القلبين، واكتفى كلّ منا بابتسامة الآخر, متوهماًأن ذكرى وردية انبعثت عند صاحبه دون أن يتفوّه أيّ مِنّا ببنت شفة.
وكما تعلمنا أن الأدب يتكون من مضمون وشكل، المضمون فكرة والشكل هو خيال وأسلوب.. نرى أن الفريجات استطاع أن ينظم كلماته بشكل حرفي، فكانت قصصه لها طعم آخر، نغم متناسق كباقة ورد مرتبة،والأهم جعل القارئ يشعر بمايشعر وينفعل بما ينفعل ويحزن بما يحزن ويفرح بما يفرح.. فمثلاً نقرأ في قصته (شوق وشوك) فيقول: لله دركما أيها الشوق والشوك كيف تتجاوران وتتحاوران فحيث ينبت الواحد منكما ينبت الآخر, كانت تستمع لحديث تلفازي له حول العواطف الإنسانية العاصفة، وظاهرة الحب من النظرة الأولى، ورغم بعد المسافات واختلاف الثقافات وفارق السنوات،أعجبت به، وتحدّت كلّ ماسبق من حواجز ومثبطات وتواصلت معه في العالم الافتراضي.
وتحت عنوان (انفجار الأمومة) نشهد قصة واقعية ربما عاشها الكاتب أو سمعها وبنى على أساس فكرتها محاور قصته…تحمل حزناً وخيبة وضيقاً وتعطي دلالات اجتماعية لتقلبات الأيام ورحلة العمر بجمالها وقبحها وإيجابياتها وسلبياتها، نص يستحق أن نبحر فيه، كي نرى بوضوح معالم البناء المتين والرصين.. فنقرأ:
قادني القدر أن أشهد ذات يوم مشاجرة لانظير لها بين أم وابنها، أسفرت عن مفاجأة لم أتوقعها،وقعت المشاجرة بين جارتنا (زهراء) وابنها حسين الذي كان أحد اصحابي المقربين, كنت أعرف زهراء وأعي معاناتها، وأقدّر صبرها فهي بعد يتم باكر وحرمان قاهر تزوجت من جابر الذي يكبرها بعشرين عاماً ورزقت منه بتسعة أبناء كانت (مليحة) هي الأبنة البكر بينهم.
يذكر أن الكاتب الدكتور الفريجات من مواليد قرية خبب بدرعا عام 1949 حاصل على إجازة في اللغة العربية ودبلوم الدراسات العليا وعلى درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة دمشق، وهو ناقد وباحث في التراث له عشرون كتابا مطبوعا, إضافة إلى الكثير من المقالات والدراسات كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات في سورية والوطن العربي.
عمار النعمة
ammaralnameh@hotmail.com
التاريخ: الثلاثاء 22-1-2019
رقم العدد : 16891