أعني فرنسا التي كانت.. وطال انتظارنا لها.. طال الزمن على عودة الوعي والكرامة بالحجم الذي يليق بعظمة فرنسا التاريخ والثقافة والفكر و.. الدور..
لست أنا ولا نحن وحسب، المبرر لنا هذا النداء الممزوج بالأسى.. بل هم أولاً الفرنسيون وفرنسا.. فرنسا هي الأكثر جدارة بعبارة الوداع.. لأنها لم تعد ممثلة بحق في سلطاتها وإداراتها وحكومتها..
رغم كل التاريخ الاستعماري لفرنسا.. استطاعت في النصف الثاني من القرن الماضي أن تعيد ألقاً إلى دورها ومواقفها وعلاقاتها مع دول العالم ولا سيما في المشرق والمشرق العربي، وسورية بالذات…
سورية حرصت دائماً على أفضل العلاقات مع فرنسا منذ الراحل شارل ديغول.. حيث أظهرت تفهماً أفضل للقضية الفلسطينية ولقضايا العرب بشكل عام.. كثيرون العرب الذين فهموا ذاك التطور الخاص في الدبلوماسية الفرنسية والابتعاد بها إلى مسافة عن السياسة الأميركية. لكن بالنسبة لسورية تفهمت وتفاهمت مع الدور أكثر – ربما – نظراً لارتباط مواقفها وسياساتها وحراكها على مرِّ العقود وفي جغرافيا العالم بالقضية الفلسطينية.. وهو بالضبط ما شكَّل أساس الموقف الأميركي الاستعماري الغربي من سورية الدولة، وصولاً إلى محاولة تدميرها.. كان ذلك من أهم العوامل التي أظهرت هجرة فرنسا لفرنسا وشلل إرادتها وخصوصيتها وقوعاً بالحضن الأميركي بشكل كامل.. مع نغمة إسرائيلية لا بد أن تصدح بشكل أعلى مع وصول أحد موظفي بنك روتشيلد المعروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل، إلى سدة الرئاسة في فرنسا.
لكن المشكلة التي تعاني منها سياسة الرئيس ماكرون، ليست العدائية المفرطة لمن يعادي إسرائيل وحسب، بل تتعلق إلى حد كبير بمحدودية الرؤية والدور الذي استطاعت أن ترسمه لنفسها.. فتجد الرئيس ماكرون يطرح نفسه بشكل يقترب من السذاجة كمقاول كبير وخطير في قضية خاسرة.. إلى درجة أن يثير سخرية الكثيرين من الساسة والمتابعين في العالم. وانتبه لما قاله عنه وزير إيطالي وكيف وصفه..
أطل بسرعة ماكرون، بحماسة لاعب كرة يريد أن يلتحق بالعدوان على سورية.. أن ينشر قوات له فوق أراضيها دون إذن.. أن يعرض حماية بؤر توتر في داخلها.. ثم يعلن شروطه من المشاركة بإعادة البناء.. ومن إعادة العلاقات.. ومن.. ومن.. إلخ..
ماكرون.. احتراماً لبلدك.. لتاريخه.. لدوره الذي كان.. للحقيقة.. توقَّف عن عرض خدماتك علينا.. فنحن لم نطلبها..!! ولاننتظرها.. وانتبه فخامتك… أنت تراهن على مسألة خاسرة بالتأكيد.. فإن أردت الإيضاح.. اسأل المعلم الأميركي..
أسعد عبود
As.abboud@gmail.com
التاريخ: الأربعاء 30-1-2019
رقم العدد : 16897