لا تنفك أميركا عن إثارة العنف والاضطرابات في دول العالم، بهدف تقسيمها وجعلها تدور في فلكها وتابعة لها سياسياً واقتصادياً، ثم تركها فيما بعد هزيلة ضعيفة، لا تقوى حتى على العيش نتيجة نهب ثرواتها، ووضعها في الخزائن الأميركية التي تفتح فاها للمزيد من النهب، وما يجري في فنزويلا صورة قد يختلف مكان لقطتها وما تحتويه، لكن في النهاية مصيرها سيكون في ألبوم ذكريات واشنطن التي لا يهمها كم تحمل هذه الصورة أو تلك من معاناة وآلام لمن ظهروا فيها.
بالطبع التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية لفنزويلا لن يحمل في طياته إلا الخراب، لكونه سيناريو متكرر شهدته معظم الدول الرافضة للهيمنة الأميركية، وحفظته عن ظهر غيب، يبدأ بما يسمى معارضة تكون أبعد ما يمكن عن السياسة والمطالب الحقيقية والإصلاح، ثم يتخذ منحى أخر، يكون الاقتتال والتدمير عنوانه الأبرز وسمته الأساسية، بعد استخدام الأساليب والطرق العدوانية والبلطجة ودعم طرف على حساب الآخر، وما حصل في دول المنطقة مثل سورية والعراق وليبيا واليمن، و التي لا تزال تحصد نتائجه أكبر دليل على ذلك.
الأزمة في فنزويلا اختلقتها إدارة دونالد ترامب خدمة لأجنداته التجارية التي يجدول عليها برنامج عدوانيته وبازاراته وصفقاته المشبوهة، ولأجل الهروب من أزماته الداخلية التي يواجهها بعد سنتين على توليه الحكم، والبحث عن مكان يستر إخفاقاته التي مني بها في سورية، مع أنه يعلم أن السلطة في فنزويلا شرعية ومنتخبة من الشعب، وما يريده هو وأعوانه ممن يدعمه في أوروبا والصهيونية العالمية اغتصاب لتلك الشرعية، ثم الاستيلاء على الموارد الطبيعية والبشرية، وأمركة العسكر أسوة ببعض الدول اللاتينية، وإيجاد من يعمل لحسابها في صفوف الجيش.
من المعروف أن واشنطن تبحث دائماً عن حدائق خلفية لدى دول الجوار، وأسواق ومتنزهات في المناطق البعيدة عنها، وهي ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها فنزويلا لمحاولة إثارة النزاع في صفوف سياسييها، حيث تعرضت لذلك في 2002 أيام الرئيس الراحل هوغو شافيز، فضلاً عن الحرب الاقتصادية التي تشنها أميركا بشكل دائم ضدها، والمتضمنة الحد من أنشطة شركاتها في ذلك البلد والتلاعب بأسعار النفط في الأسواق العالمية، وسياسة التضييق والحصار التي تحاول فرضها عليها، لكن رغم ذلك سوف تبوء سياسة ترامب وأتباعه بالفشل كما باءت في مناطق أخرى.
حدث وتعليق
حسين صقر
huss.202@hotmail.com
التاريخ: الخميس 31-1-2019
رقم العدد : 16898

السابق
التالي