تتجه الأنظار نحو القمة الثلاثية التي سوف تجمع في مدينة سوتشي الروسية الأطراف الثلاثة الضامنة لمسار آستنة – روسيا إيران وتركيا – في وقت بدأ الحديث فيه عن الوصول الى قرار مشترك سوري روسي وإيراني بضرورة حسم كل الملفات العالقة والمعطلة لعملية الحل السياسي أو لعملية تحرير ما تبقى من المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية وخاصة محافظة إدلب وما تبقى من ريف حلب الغربي.
الرسائل التي وجهتها كل من دمشق وموسكو قبل أيام الى النظام التركي حيال ضرورة تطبيق اتفاق سوتشي الذي جرى التوقيع عليه في أيلول الماضي، ورفع الغطاء عن المجموعات الإرهابية المتواجدة في إدلب، كانت كافية لإعطاء القمة زخما جديدا لمقاربة الملفات المطروحة على طاولة سوتشي بكثير من الجدية والمسؤولية في ظل المتغيرات والتحولات الكبرى التي طرأت على المشهد، خصوصاً القرار الأميركي بالانسحاب من الجغرافيا السورية وهو القرار الذي أثار حفيظة وحنق حلفاء وشركاء وأدوات الولايات المتحدة وعلى رأسهم تركيا التي كانت ولاتزال تلعب على هامش الفراغات والمساحات التي خلفتها متغيرات وتحولات الميدان.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان واضحا قبل أيام عندما دعا رئيس النظام التركي الى ضرورة تعديل سلوكه والالتزام بالاتفاقات الموقعة لاسيما دعمه للمجموعات الإرهابية ومراهنته عليها لقلب الأوضاع والاحتفاظ بهامش للمناورة والخداع والابتزاز، وهذا ما سوف يشكل ضغطا إضافيا على أردوغان لجهة حسم ملف المجاميع الإرهابية في مدينة إدلب بعد الانباء عن توصل دمشق وبالتعاون مع حلفائها الى قرار جدي بخصوص تحرير المدينة من الإرهابيين وطي هذا الملف نهائيا لأنه استغرق وقتاً أطول مما ينبغي وبات يشكل عبئا على استحقاقات وملفات أخرى مصنفة ضمن أولويات الدولة السورية كإنجاز الحل السياسي وإعادة الاعمار والمهجرين.
أجندة سوتشي بحسب المعلومات المتوفرة والتسريبات المتداولة ستبحث مسألة الانسحاب الأميركي المرتقب من الأراضي السورية وكذلك وضع ومستقبل المليشيات الكردية وانهاء طموحاتها وأوهامها الانفصالية التي كانت ولاتزال تشكل ذريعة للنظام التركي للتدخل في الشأن السوري، كما أن الصفقة الأميركية التركية حول ما يسمى المنطقة الامنة التي عرضها الرئيس ترامب على أردوغان ثمناً لانسحابه من شرقي الفرات ستحتل هامشا كبيرا من جدول أعمال القمة لأنها ستكون منطلقا لمناقشة كل المواضيع والملفات والقضايا الأخرى، يأتي هذا في وقت أعلن فيه عن وصول وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى أنقرة لبحث الأوضاع في إدلب وجدول الملفات المطروحة قبيل القمة الثلاثية الروسية التركية الإيرانية المرتقبة في سوتشي.
القمة الثلاثية تأتي في وقت تحدثت فيه بعض الصحف الأميركية عن موعد مفترض جديد لانسحاب القوات الأميركية المحتلة من سورية، وهو نهاية نيسان المقبل، وبالتوازي قال الجنرال الأميركي جوزيف فوتيل إن واشنطن قد تبدأ بالانسحاب خلال أسابيع، وهذا ما أكدته بعض المصادر الإعلامية الغربية والأميركية عن أن قرار الانسحاب الأميركي بات في طريقه الى التنفيذ على الأرض في ظل التحولات الكبرى التي طرأت على المشهد الإقليمي والدولي.
لقاء سوتشي في جولته الرابعة سيكون مختلفا وحاسما لجهة جدول أعماله ولجهة النتائج التي سوف يخرج بها كونه ينعقد في لحظات مفصلية وحاسمة لا ينفع فيها ومعها المراوغة والمناورة والهروب الى الامام وخاصة من قبل النظام التركي الذي تشكل له هذه القمة الفرصة الأخيرة للإيفاء بتعهداته والتزاماته التي أبرمها مع الروسي والإيراني.
فؤاد الوادي
التاريخ: الأربعاء 13-2-2019
رقم العدد : 16908
التالي